ملكة الأمازيغ أو كاهنة البربر ديهيا بنت تابنة
ديهيا بنت تابنة أو كاهنة البربر هي ملكة أمازيغية (585-712). كانت شجاعة ومقاتلة في الحروب وكانت قوية وحكيمة. تمكنت من الصعود إلى العرش في عام 680 بعد وفاة الملك إكسيل. اختلف المؤرخون حول ديانتها، فمنهم من ربطها باليهودية ومنهم من ربطها بالوثنية. وقد روى ابن خلدون أنها كانت وثنية وتعبد صنما من الخشب وتحركه معها في أي مكان، وقبل المعركة تتبخر حوله وترقص. لذلك أطلق عليها العرب اسم “الكاهنة”. توفيت ديهيا في آخر معركة لها مع جيوش المسلمين بقيادة حسان بن النعمان بعد معركة طويلة، وقال عنها المؤرخ بن عذارى المركشي “كان جميع الرومان في أفريقيا خائفين منها وجميع الأمازيغ مطيعون لها
من هي ملكة الأمازيغ ديهيا ؟
ولدت ديهيا في عام 585م، كانت تتمتع بقوة الشخصية والعقلية السياسية حتى تمكنت من اعتلاء عرش الأمازيغ في عام 680م خلفًا للملك إكسيل بعد وفاته، وعلى الرغم من أن ديهيا حينها كان عمرها 95 عامًا إلا أنها كانت على قدر كبير من الشجاعة والقوة حتى أنها استطاعت إدارة المعارك ضد البيزنطيين و الرومان والعرب حتى كانت مملكة الأمازيغ في عصرها تشمل الجزائر وتونس وليبيا، وكانت عاصمة المملكة هي مدينة خنشلة في الأوراس وقد ساعدتها إدارتها الحكيمة للمعارك وانتصارها على الرومان من توحيد أهم قبائل الأمازيغ واستعادتها لجميع أراضي المملكة، وتشكل مملكة الأمازيغ الآن جزء من المغرب العربي.
قالوا عن ديهيا المحاربة :
اشتهرت ديهيا بالذكاء والدهاء الحربي أثناء إداراتها للمعارك ضد الرومان و البيزنطيين والعرب، وقد ذكر ذلك المؤرخ ابن عذارى المراكشي في إحدى مؤلفاته قائلًا عنها : “جميع من بأفريقيا من الرومان منها خائفون وجميع الأمازيغ لها مطيعون”
وقال عنها ابن خلدون في مؤلفته العبر في الجزء السابع :” الخبر في الكاهنة وقومها جراوة من زناتة وشأنهم مع المسلمين عند الفتح: كانت هذه الأمة “جراوة” من البربر بأفريقية والمغرب في قوة وكثرة وعديد وجموع، وكانوا يعطون الإفرنجة بأمصارهم طاعة معروفة وملك الضواحي كلها لهم، وعليهم مظاهرة الإفرنجة مهما احتاجوا إليهم، ولما أطل المسلمون في عساكرهم على أفريقية للفتح ظاهروا (أعانوا) جريجير في زحفه إليهم حتى قتله المسلمون وانفضّت جموعهم وافترقت رياستهم ولم يكن بعدها بأفريقية موضع للقاء المسلمين.. وكان للكاهنة ابنان قد لحقا بحسان بن النعمان وحسن إسلامهما واستقامت طاعتهما، وعقد لهما على قومهما جراوة ومن انضوى إليهم بجبل أوراس. ثم افترق فلّهم من بعد ذلك وانقرض أمرهم. وافترق جراوة أوزاعا بين قبائل البربر”.
وقال المؤرخ بن خلدون عنها أيضًا في نفس الكتاب : ديهيا هي فارسة أمازيغية لم يأتِ مثلها في الزمن، كانت تركب حصانًا وتجوب بين القبائل من الأوراس إلى طرابلس، وتحمل السلاح للدفاع عن أرض أجدادها
ديهيا وجيوش العرب :
في عام 693م، واجهت ديهيا الزحف العربي والإسلامي على شمال أفريقيا وتمكنت من هزيمة جيش المسلمين بقيادة حسان بن النعمان. عندما علمت ديهيا بتقدم جيوش العرب، قامت بتحرير مدينة خشلة من الرومان وهدمت حصونها لكي لا يستخدمها حسان وجيشه. وكان اللقاء بينهم في وادي مسكيانة، وتمكنت ديهيا من هزيمتهم وقام الجيش الإسلامي بالانسحاب من تونس وطرابلس. وبعد ذلك، استقر القائد العربي حسان في برقة وانتظر المساعدة من الخليفة عبد الملك.
بعد ذلك، عادت ديهيا بجيشها إلى عاصمتها في الأوراس، ويروي المؤرخون أن ثورة ديهيا كانت ثورة محلية استهدفت توحيد قبائل الأمازيغ وطرد المسلمين من أفريقيا، وليس الهدف من ذلك العداء مع العرب أو المسلمين، وذلك لأنه عندما هزمت جيوش المسلمين ولحقت بهم حتى خرجوا من تونس، لم تخرب القيروان أو تقتل المسلمين الموجودين بها
الأسرى المسلمين :
استطاعت ديهيا بعد هزيمة المسلمين السيطرة على شمال أفريقيا لمدة خمس سنوات، وقد أفرجت عن الأسرى من المسلمين وعددهم 80 أسير وكان ذلك نتيجة لأخلاقهم وسلوكهم الفطري الذي وجدت معه الشجاعة والتمسك بالأخلاق والأداب الإسلامية السمحة حتى مع عدوهم فعفت عنهم، مع الإبقاء على أسير عربي واحد وهو خالد بن يزيد القيسي حيث قامت ديهيا بتبنيه وأخذته للإقامة معها هي وأبنائها بالتبني.
عودة جيوش المسلمين :
بدأ خالد بن يزيد بتزويد حسان بن النعمان بالمعلومات حول ديهيا والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمملكة الأوراس، لكن سرعان ما تم الكشف عن خيانته وعلمت ديهيا بذلك. ومع ذلك، كانت الجيوش العربية قد استعدت للمعركة بالفعل، حيث حصلت على إمدادات من الخليفة عبد الملك. فقامت ديهيا باستخدام سياسة “الأرض المحروقة”، وهي تعني تدمير الأراضي التي يريدها العدو حتى لا يجد سببا للاحتفاظ بها. وجرت المعركة بين العرب وديهيا في عام 712 م ، والنصر كان للمسلمين. كانت هذه هي المعركة الأخيرة في حياة ديهيا، التي توفيت فيها في سبيل الدفاع عن وطنها.