تلعب التربية دورا هاما في حياة المجتمع البشري، نظرا لأهميتها في حياة الفرد والمجتمع. إذ يتأثر الإنسان ويؤثر في بيئته الاجتماعية التي تمنحه القيم، ومن خلالها يستطيع أن يلعب دوره في واقعه الاجتماعي. يستخدم المجتمع التربية لتحقيق وحدته وتجانسه، ولذلك تعد التربية ضرورة ملحة في حياة الإنسان، حيث تكون ممارسة يومية يقوم بها الفرد من خلال مختلف المؤسسات. وغالبا ما تعكس هذه الممارسة قيم المجتمع.
تربية الفرد
1 – تربية الفرد هي عملية تهدف إلى تكيف الفرد في مجتمعه، من خلال مجموعة العمليات التي بها يستطيع المجتمع أن ينقل معارفه وأهدافه ليحافظ على بقائه، وأيضا التجدد المستمر لتراث المجتمع، لذلك التربية عملية نمو وليست لها غاية إلا المزيد من النمو، إنها الحياة نفسها بنموها وتجددها.
تشمل المؤسسات التربوية التي تربي الفرد العديد من المؤسسات، وأهمها مؤسسة الأسرة، تليها مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى مثل المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية وغيرها.
يتم تربية الفرد من خلال مجال تربوي شامل يهدف إلى استمرارية بقائه وتهذيب نموه العقلي والنفسي وتزويده بقيم المجتمع وأهدافه، ويشمل المجتمع العديد من الأجهزة والمؤسسات التي تعمل على تحقيق ذلك.
4- تعتمد تربية الفرد على فهم شامل لمفهوم طبيعة الفرد وتفاعله مع البيئة الاجتماعية التي تساهم في تشكيل شخصيته من خلال عملية التنشئة الاجتماعية.
5- يظهر دور الثقافة الفعال في تربية الفرد، وحسب اعتقاد علماء تعد الثقافة الأساس الأول للضوابط الاجتماعية للفرد والمجتمع على حد سواء، وحيث أن التربية تهدف إلى التكيف داخل المنظومة الثقافية الشاملة، ينبغي علي القائم بالتربية معايشة التغيرات الثقافية بهدف تقدم وتطوير المجتمع نحو الأفضل.
تستمد تربية الفرد مقوماتها من المجتمع الذي يعيش فيه، إذ تهدف إلى تحويله من مواطن بحكم المولد إلى مواطن فعال يفهم دوره في المجتمع ويتفاعل مع مؤسساته.
تربية المواطن
أصبحت التربية الحديثة الآن نتاج علمي يتألف من علمين هما علم الاجتماع وعلم النفس، وتهدف إلى تطوير الوظائف النفسية من خلال التمارين حتى تصل إلى ذروتها تدريجيا، كطريقة لتعزيز النمو الطبيعي والعقلي والذهني للفرد، وتشمل جميع أشكال التعليم والتنشئة التي تحفز العقل وتحسن الأخلاق وتصحح العادات.
يمتد مفهوم التربية الذي يرتبط بالتنمية الاجتماعية والفكرية والأخلاقية من مؤسسات التعليم والتربية إلى تدريب البالغين وتعليمهم، بالإضافة إلى التأثيرات التربوية لجميع المنظمات الاجتماعية داخل المجتمع.
تعتمد جميع المجتمعات البشرية على التربية الموجهة من قبل السلطة الحاكمة، حيث يتم تربية المواطن وفق فلسفة وأيديولوجيا معينة، وتتوفر ظروف لتوفير فرص لتنشئة مواطن سليم في كافة الجوانب الروحية والخلقية والعقلية والجسمية.
يعتمد وجود أي مجتمع على عملية انتقال القيم والآمال والمطامح والثقافة من جيل إلى آخر، ولذلك تولي الدول اهتمامًا كبيرًا لتربية المواطنين، لأن التربية تلبي حاجات المجتمع الأساسية وتضمن استمراريته واستمرارية الأيديولوجية التي يتبناها.
تعتبر تربية المواطن بمثابة باب لإصلاح أي مجتمع، وذلك على أساس الاتفاق على أهمية التغيير الاجتماعي وتطوير الموروث الثقافي وتنقيته بشكل مستمر، لتحقيق مصالح المجتمع وطموحاته.
وسائط تسهم في تربية المواطن
المجتمع بأجهزته ومؤسساته يشكل المجال التربوي العام، وتعد هذه النظم والمؤسسات والهيئات وسائط تربوية متخصصة كالأسرة والمدرسة، وغير متخصصة كالإذاعة والتلفزيون والصحافة والمسجد والمسرح والسينما والمعارض ، التنظيمات السياسية، قادة الرأي، وأيضا التنظيمات القضائية من خلال المحاكم وأحكام القضاء، وتنظيمات الإدارة وأساليبها، وكذلك الأحوال المدنية بأنواعها المختلفة، كالانتخابات والمنافسة الانتخابية.
التكامل بين تربية الفرد وتربية المواطن
لا توجد في الواقع اختلافات جوهرية بين تربية الفرد وما يسمي بتربية المواطن، والحاصل أنه بينهما تكامل، فإذا كانت الأسرة والمدرسة تهتمان بتربية الصغار، فإنّ مؤسسات اجتماعية حكومية أخرى، تعلم الكبار وتربيهم سياسيا واجتماعيا ومهنيا، من خلال برامج تهدف إلى تغيير مفاهيم الكبار واتّجاهاتهم وتعديلها، ومساعدتهم على التكيف مع التغيّرات الاجتماعية والثقافية في المجتمع ومسايرة التقدم العلمي والتكنولوجي، وهو ما يعني تربية المواطن.