معلومات عن تهجين الكائنات الحية
منذ آلاف السنين، بدأ نوعان من الطيور بالتزاوج مع بعضهما. كان للنسل في البداية تيجان رمادية مائلة إلى البياض، ولكن في الأجيال اللاحقة، ظهر ريش فريد لبعض الطيور. الألوان الفاتحة جعلت الذكور أكثر جاذبية للإناث، حيث قامت الإناث بالتزاوج مع الذكور ذوي الريش الصفراء بشكل أكبر من الذكور ذوي التيجان الرمادية أو البيضاء.
ونتيجة لذلك، أصبحت هذه الطيور مجموعة منعزلة عن الأنواع الأصلية لها، مما جعلها أنواعًا فريدة من نوعها، ومن بين هذه الأنواع الفريدة هي طائر المتوج الذهبي، وهي أول حالة معروفة لتهجين الطيور في الغابات.
عادةً، لا يتزاوج الأنواع المختلفة، ولكن إذا حدث ذلك، ينتج عنهم سلالة هجينة.
كيف يحدث التهجين
تحتوي جزيئات الدي إن إي في كل خلية حيوانية على تعليمات تحدد شكل الحيوان وسلوكه وأصواته. وعندما يتزاوج الحيوانان، يحصل صغارهم على مزيج من دنا الأبوين، ويمكن أن يحصلوا على مزايا وصفات كلا الوالدين.
إذا كان الأبوان من نفس النوع، فسيكون الـ DNA لديهما تشابهًا كبيرًا، ولكن الـ DNA لأنواع مختلفة أو مجموعات مختلفة يتمتع بتنوعات عديدة، وتتميز الأجناس المتعددة بتنوعات في الـ DNA التي يرثونها.
ما الذي يحصل عندما يمزج الدنا من مجموعات حيوانية مختلفة في هجين؟ هناك العديد من النتائج المحتملة، أحيانا يكون الهجين أضعف من الوالدين، أو حتى لا يستطيع النجاة. أحيانا يكون أقوى. أحيانا يشابه بتصرفاته أحد الأبوين أكثر من الآخر. وأحيانا أخرى تكون تصرفاته مزيجا بين تصرفات الأبوين.
يعمل العلماء على فهم عملية التهجين التي تتمثل في تزاوج أنواع مختلفة معًا، ويمكن للطيور الهجينة أن تقوم برحلات هجرة مختلفة، ووجد أن بعض أنواع الأسماك الهجينة أكثر قابلية للاصطياد، كما يمكن أن تؤثر عادات تزاوج القوارض على طبيعة النسل الهجين.
أسباب التهجين
يحدث التهجين لأسباب متعددة، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تتداخل مجموعات من الأنواع المشابهة للحيوانات، وقد حدث ذلك في حالة الدبب القطبية والرمادية، حيث تزاوج أعضاء من المجموعتين الحيوانيتين مما أسفر عن إنتاج دبب هجينة.
عندما يتغير الطقس، يمكن للنوع أن يغير مسكنه. وبهذا يمكن للحيوانات أن تقابل أنواع جديدة. المجموعتان يمكن أن يتزاوجوا بمحض الصدفة. على سبيل المثال، وجد الباحثون سلالات هجينة من السناجب الجنوبية والسناجب الشمالية، عندما بدأ الطقس بالتغير، هاجرت السناجب الجنوبية باتجاه السناجب الشمالية وتزاوجت مع أنواعها.
عندما لا تتوفر للحيوانات شركاء من نفس النوع بشكل كاف، فإنها قد تختار شريكا من أنواع أخرى. يمكن للبشر أيضا توفير فرص للتهجين، عن طريق وضع أنواع متشابهة من الحيوانات في حديقة الحيوان أو بفعل توسع المدن، قد تلتقي الأنواع الحضرية بالأنواع الريفية. يمكن للبشر أيضا تحرير الحيوانات من المدن، سواء عن قصد أو بالصدفة في مسكن جديد. يمكن أن تتزاوج هذه الأنواع الغريبة مع الأنواع الأصلية المشابهة.
سلبيات وإيجابيات التهجين
يكون العديد من الحيوانات الهجينة عقيمة، وهذا يعني أنه يمكن لها التزاوج ولكنها لا تستطيع إنتاج ذرية، وعلى سبيل المثال، البغال هي نسل هجين من الخيول والحمير، ومعظمها عقيم، ولا يمكن لبغال متزاوجين إنتاج المزيد من البغال، وفقط الحصان الذي يتزاوج مع حمار يمكنه صنع بغل آخر.
يتم قياس التنوع الحيوي بعدد الأنواع الموجودة. في الماضي، اعتبر العلماء أن التهجين غير جيد للتنوع الحيوي، وإذا تم إنتاج العديد من السلالات الهجينة، فقد يتحول النوعان المتهجنان إلى نوع واحد، وبالتالي يمكن أن يقلل هذا من تنوع الأنواع. ولذلك، كان التهجين يعتبر شيئًا سيئًا في السابق.
ولكن التهجين في بعض الأحيان يمكن أن يزيد التنوع الحيوي، الهجين يمكن أن يتناول صنف معين من الطعام الذي لا يستطيع تناوله أبويه، او يمكن ان يسعى للحصول على مسكن آخر. بالنهاية، يمكن ان يكون صنفه الخاص به، كالطيور المتوجة الذهبية وهذا سوف يقوم بدوره بزيادة الأنواع الحية وليس نقصانها.
سلالة هجينة جديدة للكائنات الحية
الحيوانات الهجينة يمكن أن تختلف عن أبويها بعدة طرق. المظهر هو واحد منها. على سبيل المثال، طائر مغرد يسمى Swainson’s thrush. مع مرور الوقت، انفصل هذا النوع إلى أنواع أخرى. ويوجد من هذا النوع مجموعات عديدة تعيش في بيئات مختلفة وعندما ترى بعضها يمكنها أن تتزاوج وتنتج صغار خصبين.
أحد الأنواع الفرعية هو russet-backed thrush، الذي عاش في الشواطئ الغربية في الولايات المتحدة وكندا، وكما يشير اسمه يحتوي على ريش حمراء. ال olive-backed thrush لديه ريش خضراء بنية ويعيش في مكان أبعد. هذه الأنواع الفرعية تتداخل في الشواطئ الجبلية في شمال غرب أمريكا. ويمكنها أن تتزاوج وتعطي الأفراد الهجينة.
أحد الاختلافات بين هذين النوعين الفرعين هو سلوك الهجرة، فكلا السلالتين من الطيور تعيش في شمال أمريكا ثم تسافر إلى الجنوب في فصل الشتاء، ولكن هذان النوعين يختاران مسارات مختلفة تمامًا في الهجرة.
الدي إن إي الموجود عند الطيور يقوم بإعطاء التعليمات عن مسار الهجرة. تتعلم الطيور الإشارات في طريقها إلى الجنوب لمساعدتها على التنقل إلى المنزل. قد يلاحظون معالم مثل الجبال. ولكن إذا عادوا بمسار مختلف فستكون هذه المعالم غائبة. نتيجة واحدة: قد يستغرق هجرة الطيور وقتًا أطول حتى يكتمل.
يقول دلمور إن هذه البيانات الجديدة قد تفسر سبب بقاء الأنواع الفرعية منفصلة. ربما يعني اتباع مسار مختلف أن الطيور الهجينة تكون أضعف عندما تصل إلى مناطق التزاوج – أو لديها فرصة أقل للبقاء خلال رحلاتها السنوية. إذا كانت الهجينة ووالديها على قيد الحياة، فإن الحمض النووي للسلالتين سيمزج في كثير من الأحيان. في النهاية، ستندمج هذه الأنواع الفرعية في مجموعة واحدة.
الكائنات الهجينة أقل ذكاء
في بعض الأحيان، يكون للحيوانات الهجينة أشكال مختلفة عن أبويها، وهذا يؤثر على كيفية هروبها من الحيوانات المفترسة. قد يكون شكل الحيوان المفترس أسهل للفريسة، في حين يكون للحيوان الهجين عادة شكل يشترك بين نوعي الأبوين، وهذا قد لا يكون مفيدا في عملية هروبه من الحيوانات المفترسة، أو ربما لا تكون الحيوانات الهجينة ذكية بما يكفي لاستشعار وجود الخطر.
كيفية اختيار شريك التهجين
لأن العلماء وجدوا الأنواع الهجينة، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن الحيوانات ستتزاوج دوماً مع بعضها. درس عالم الأحياء ماتوك من جامعة نيفادا سلوك الجرذان الخشبية فيكاليفورنيا، واكتشف ماتوك أن سلوك هذه الحيوانات مثير للاهتمام، لكننا نعرف عنها معلومات قليلة.
ركزت الدراسة على نوعين من هذه الجرذان، وكلاهما يعيشان في غرب الولايات المتحدة. ومع ذلك، تعيش الجرذان الصحراوية في المناطق الجافة، بينما تعيش الجرذان الأخرى في الغابات.
وفي إحدى المناطق في كاليفورنيا، تداخلت الحيوانات من هاتين الفئتين وتزاوجت وأنتجت أنواعًا جديدة. وللحصول على مزيد من المعلومات، قام العلماء بوضع هاتين الفئتين في المختبر، وكانت الإناث قادرة على زيارة الذكور من كلا الفئتين المختلفتين واختيار الشريك المناسب.
تفضل إناث الجرذان الصحراوية التزاوج مع أنواعها الخاصة، وترفض الأنواع الأخرى لأنها أكثر عدائية وأكبر حجمًا، وتقوم ذكورها في الغالب بالاعتداء على الإناث وجرحها، ولكن إناث الجرذان من النوع الآخر لم تعترض على التزاوج مع الجرذان الصحراوية ولم تمانع رغم صغر حجمها.
ما يجعل الحيوانات الهجينة مثيرة للاهتمام هو أن كل منها يبدو كتجربة فريدة، وبعض هذه التجارب قد تفشل والبعض الآخر ينجح.