معركة الجسر التي خسرها المسلمون من الفرس
تميزت الدعوة الإسلامية بالفتوحات المذهلة التي أدت إلى توسع الدولة ودخول الكثيرين في الإسلام، ولكن كما حدث مع المسلمين، فإن الإستعجال كان من أهم العيوب التي واجهتها الإمبراطوريات القديمة .
خلفية معركة الجسر
– بعد مجهودات سنوات طوال للدعوة و الفتوحات الإسلامية ، شعر بعض ملوك المسلمين بقوتهم و قدرتهم على مواجهة العالم ، ربما هذا كان سببا في أنهم يخطوا خطوات غير محسوبة .
في ذلك الوقت، اعتقد الفرس أنهم قادرون على القضاء على الوجود الإسلامي وتصفيته، ولكن البطل المثنى بن حارثة نجح في إفشال خططهم لغزو حدود العراق. بعد ذلك، توجه إلى الخليفة أبو بكر الصديق، وفي ذلك الوقت كان الخليفة أبو بكر على وشك الموت، وبعده تولى الخليفة عمر بن الخطاب .
تم جمع الناس للخروج إلى العراق، وكان على رأسهم أبا عبيدة الثقفي، ولم يكن الجيش الإسلامي حينها على المستوى الكافي لمواجهة جحافل الفرس، ولكن أبا عبيدة كان من أشجع قادة المسلمين .
كانت شجاعة أبا عبيدة الثقفي لها دور كبير في استعادة المسلمين للأراضي العراقية، وفي الفوز بالحرب برغم أن جيشه كان صغيراً، والتي شملت سلسلة من المعارك التي قادها .
مؤتمر المدائن
بعد هذه الانتصارات التي تمكن جيش المسلمين من تحقيقها ، ثار خصوم قائد الفرس عليه و اتهموه بالتخاذل ، فقام بعقد اجتماع و قام باستدعاء أحد القادة الذي فر أمام قتال المسلمين ، و حكم عليه بالاعدام ، ثم تشاور مع كبار القادة بشأن رفع الروح المعنوية للجنود ، و تجهيز الجيش بأفضل الأسلحة و الخطط ، و قد تم الحاق الجيش بسلاح المدرعات الفارسي لأول مرة ، و اتسم جيشهم بالقوة المفرطة .
تحركات جيش المسلمين
كان أبا عبيدة الثقفي يقوم ببعض الاستخبارات لما يدور بداخل المدائن ، و فور ما سمع بنيتهم على قتال المسلمين ثار و أعد جيشه و عبر به الفرات متجها غربا ، حتى تمكن من عبور بابل و شمال الحيرة و جنوب منطقة المدائن ، و هذه المنطقة كانت صالحة للقتال ، و كان يرى أن هذا المكان هو الأفضل لسهولة الكر و الفر .
الغلطة المؤثرة في الحرب
بعد أن علم الفرس بأمر المسلمين، قاموا بإرسال جيش إلى الشاطئ الشرقي لنهر الفرات بقيادة بهمن جازويه، وهو أحد دهاة الفرس، وقام بإرسال رسولًا إلى المسلمين لدعوتهم لعبور النهر أو دعوة المسلمين لعبوره .
– بعدها عقد أبا عبيدة مؤتمر مع قادة جيشه بغرض التشاور في الأمر ، و كان رأيهم جميعا هو إتاحة الفرصة للفرس لعبور النهر ، ظنا منهم أن الأرض التي يقفوا عليها هي الأفضل لإدارة المعركة ، و عبورهم لمكان الفرس سيكون سببا في وجودهم في مكان ضيق ، فضلا عن وجود حاجز مائي خطير في خلفهم .
– بعدها فاجأ أبا عبيدة كافة القادة برفضه لهذا الرأي ، و كانت حجته أن المسلمين أجرأ على الموت منهم ، هذا الرأي الذي اعتمد على الشجاعة فقط دون النظر للظروف المحيطة ، هذا الرأي الذي رفضه الجميع و حذروه منه ، و لكنه أصر عليه ثم قام بعدها المسلمون بعبور الجسر ، ليجدوا أنفسهم فيما أسموه بالكماشة القاتلة .
وجد جيش أبي عبيدة نفسه محصرًا في مكان ضيق خلف النهر، وتحيط به جيوش الفرس من اليمين واليسار، وفور استكمال جيش المسلمين تجهيزاته هاجمهم جيش الفرس وأطلقوا عليهم جيش الفيلة، وكانت النتائج كارثية على المسلمين .
انتهت هذه المعركة بالأسف بوفاة واحد من أهم وأفضل وأكثر الرجال المسلمين شجاعة، وهو أبو عبيدة الثقفي .