مظاهر التجديد في الشعر الاندلسي
تم فتح جزيرة إسبانيا، المعروفة باسم الأندلس، على يد العرب بقيادة القائد طارق بن زياد في العصر الأموي، مما أدى إلى انتشار اللغة العربية في الأندلس من خلال الفاتحين. وجد الشعر العربي في هذه البلاد الجميلة والخضراء بيئة مناسبة للنمو، وانتشر الشعر العربي بشكل قوي هناك، وفي البداية كان يتميز بالصفات التقليدية العربية، ولكنه بعد ذلك بدأ في التأثر بحياة الأندلس الجميلة، مما أدى إلى نشوء الشعر الأندلسي الذي يتميز بصفات خاصة ومميزة.
الشعر في الأندلس
اقتحم الشعر العربي بلاد الأندلس ليحتل المرتبة الأولى؛ حيث تقدم مع الفاتحين أينما ذهبوا؛ فقد وصل إلى إيطاليا وصقلية ومالطة وفي كل أنحاء البحر الأبيض المتوسط، واستخدمت اللغة العربية كلغة رسمية لهذه البلاد في ذلك الوقت، وتطور الشعر بشكل كبير في الأندلس حيث ازدهر وتميز بأسلوبه الراقي ووضوح معانيه، وأعرب الشعراء عن إعجابهم بهذه البلاد من خلال وصفها في قصائدهم، ومن بينها ما قاله ابن سهل الأندلسي في قصيدته الشهيرة “الرداء الأخضر
لقد لبست الأرض ثوبًا أخضرًا… وينثر الطل في رباها جوهرًا
لقد أحرقت الزهرة، فجعلتها كافورًا … وفيها اعتقدت أن التراب مسكًا ذا رائحة عطرة
يبدو وكأن سوسنها يرحب بوردتها… وهناك ثغر يقبل منه خدًا أحمرًا
ويسيطر النهر بين الرياض وتخيلها … مثل سيف معلق في نجاد أخضر.
مظاهر التجديد في الشعر الأندلسي
هناك العديد من الإضافات التي اعتمدها العرب من الأندلس، كما أضافوا لها الكثير أيضًا، وكان هناك تأثير متبادل بينهما، ولكن الشعر الأندلسي كان مستقلاً عن الشعر في المشرق، حيث أضاف الأندلسيون وجددوا في الشعر، ومن أهم هذه المظاهر:
ينبغي اختيار الألفاظ السهلة التي تتميز بالعذوبة والرقة وسلامة التراكيب من التعقيد والإغراب
يحتفظ الشعر الأندلسي باللغة الفصحى دونأي تأثير من لغات أجنبية مثل الهندية والفارسية
تطور الشعر في الأندلس عن الشعر المشرقي في الغرض، حيث اهتم بوصف الطبيعة ورثاء الممالك والمدن الزائلة
ظهور الموشحات وفق مصادر متفق عليها كان في الأصل فنا أندلسيا، حيث نشأت واكتمل نموها هناك، ثم انتقل هذا الفن إلى الشرق بعد فترة زمنية طويلة. وقد أطلق عليها اسم الموشح نسبة إلى الوشاح المستخدم لتزيين المرأة. تتميز الموشحات بتتابع الأقسام المتشابهة في الوزن والقافية، وكذلك تتوالى الأغصان التي تتشابه في الوزن بين كل قسمين. وتحتوي كل غصن على قافية داخلية خاصة به. وتميزت الموشحات بأنها فن شعبي، حيث تم تطويرها بهدف إرضاء الجماهير، واستخدمت فيها اللغة العامية في بعض الفقرات الخاصة بها
– ظهر فن الشعر المعروف باسم الزجل في بلاد الأندلس وانتقل إلى بلاد المشرق في وقت لاحق مثل الموشحات، وكان ظهوره في نهاية القرن الخامس عشر الهجري. والزجل يعني في اللغة الصوت على اختلاف مصادره، ويُعرف أيضًا بالغناء أو الطرب
تطورت الأغراض الشعرية في الأندلس بشكل كبير، حيث ظهرت فنون شعرية مثل شعر الحنين الذي ينشأ نتيجة الشعور بمرارة الغربة والحنين إلى الأهل والأحبة
عرفت الحياة العلمية ازدهارًا في بلاد الأندلس، وأثر ذلك على الشعر، حيث قام بعض الشعراء بتأليف قصائد حول بعض الموضوعات العلمية والمعارف المعروفة في ذلك الوقت، وكان الهدف من ذلك تسهيل دراستها وحفظها، واستمر هذا النوع من الشعر في التطور عند بعض الشعراء مثل ابن عبد ربه.