مرض الديسك العنقي وألم الرقبة
لا يوجد شيء يدوم إلى الأبد، وخاصة جسم الإنسان. فخلال عشرات السنين، يتأثر الجسم ويتغير، ويتعرض للانحناء ورفع الأشياء والتشوهات. ويمكن أن تؤثر هذه الأعمال المتكررة على الرقبة. وعند النظر إلى كل هذا العمل والجهد المبذول، لا ينبغي أن يكون من المستغرب أن ثلثي الأشخاص يعانون من آلام الرقبة في بعض مراحل حياتهم .
الديسك العنقي مرتبط بألم الرقبة، وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن ينتقل الألم إلى مناطق مختلفة مثل الشعور بالخدر والضعف في الكتفين والذراعين واليدين، ويؤثر هذا الشعور غير المريح على الوظيفة والحياة العائلية وأسلوب الحياة الذي نعيشه .
الديسك العنقي : الذي يمتص الصدمات بطريقة طبيعية
تتكون الفقرات العنقية من 7 عظام تسمى فقرات ، ويفصل بينهم بواسطة أقراص (ديسك) ، التي تعمل على استقرار الرقبة وتسمح لها بالحركة من جانب إلى الآخر ، والانحناء للأمام والخلف ، وبدون هذه الأقراص يصبح العمود الفقري خشن ، وهذا ما قام بشرحه كي كيم ، الأستاذ المشارك في جراحة الأعصاب ورئيس جراحة المخ والأعصاب للعمود الفقري في جامعة كاليفورنيا في ديفيس .
يسمح الديسك للجسم بالحركة في الاتجاهات التي يريدها، كما يعمل كوسادة للجسم لامتصالصدمات .
مع مرور الوقت، يصبح الجزء الذي يمتص الصدمات في الفقراتالعنقية متضررًا ويبدأ في التلاشي، والفراغ الناتج بين الفقرات الضيقة وجذور الأعصاب يزداد ضغطًا عليه، وتسمى هذه الحالة بمرض الديسك العنقي التنكسي .
وجد الدارسون أن 25% من الأفراد يشتكون من هذا المرض بدون ظهور أعراض، عندما يكونون في الأربعينات من العمر، وحوالي 60% من الأفراد فوق سن الأربعين يعانون من بعض الأعراض، وعند تطور المرض، يصبح الرقبة أقل مرونة، وقد يعاني المريض من الألم والخشونة، وخصوصاً في نهاية اليوم .
عندما يحدث تمزق أو انتفاخ في الديسك، يضغط على الحبل الشوكي أو جذور الأعصاب، وتسمى هذه الحالة الانزلاق الغضروفي. على الرغم من أن تطور الديسك العنقي يكون بطيئا، إلا أن الانزلاق الغضروفي يحدث بسرعة بعد تعرض الرقبة للإصابة أو الصدمة .
من الأعراض الشائعة والواضحة للديسك العنقي هي ألم الرقبة والخشونة، وعند ظهور أحد أو العديد من الأعصاب التي تمر في العمود الفقري، يمكن أن يتفاقم الألم، ويصبح الشخص يشعر بالخدر والضعف ينتشر في الأسفل من الكتفين والذراعين واليدين .
تشخيص الديسك العنقي :
لتشخيص الديسك العنقي، يسأل الطبيب أولاً عن تاريخك الطبي، ثم يبدأ في التعرف على الأعراض التي تعاني منها، ومدى قوتها، وما الأسباب التي تؤدي إلى تحسنها أو تدهورها، وقد يحتاج الأمر إلى اختبار الأعصاب لقياس قوتك والفعل المنعكس والإحساس في اليدين والقدمين .
تساعد بعض الصور الطبية مثل صور الأشعة السينية والرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي المحوسب الطبيب على رؤية العمود الفقري وتحديد مصدر ألم الرقبة .
ماذا يمكن فعله تجاه الديسك العنقي :
– الأدوية الموصوفة وغير الموصوفة : عندما يتم تشخيص حالتك بالديسك، هناك فرص جيدة للعلاج بدون جراحة. وأول خطوة في العلاج هو استخدام الأدوية المسكنة للألم، مثل الباراسيتامول (تيلينول)، وأدوية مضادة للالتهاب غير ستيرويدية مثل الإيبوبروفين والنابروكسين. هذه الأدوية تساعد على تخفيف الألم والتهابات الديسك. قد يصف الطبيب أيضا المنشطات والمسكنات المخدرة إذا فشلت الأدوية الأخرى .
– العلاج الطبيعي أو الفيزيائي : يمثل اختيار علاج آخر لهذه الحالة جذب الرقبة برفق أو تدليك العضلات والمفاصل برفق من قبل الطبيب الفيزيائي لتخفيف الألم والخشونة، ويوجه المريض أيضا لممارسة تمارين ووضعيات صحيحة لتحسين ألم الرقبة .
– الجراحة : من المتوقع أن تتحسن حالتك بعد هذا العلاج، ولكن إذا كنت تعاني من الخدر أو الضعف، فيجب عليك التواصل مع طبيبك بالطريقة الصحيحة، حيث يمكن للجراحة أن تكون خيارا آخر في العلاج، ويمكنك اتخاذ القرار بشأنها .
يسمى استئصال الديسك العنقي جراحة الديسك العنقي، ويقوم الطبيب الجراح بإزالة الديسك التالف واستبداله بآخر صناعي، وقد يتبع ذلك عملية دمج حيث يتم وضع قطعة صغيرة منالعظام داخل الفراغ الموجود بين الفقرات، وعندما تتم العلاج، يندمج الديسك الاصطناعي مع الفقرات العلوية والسفلية .
بعد العلاج : يحتاج الحفاظ على صحة الرقبة حوالي بضعة أسابيع ليتحسن الوضع بعد العلاج، وحوالي 3 أشهر إلى عام بعد الجراحة، وينبغي التعامل بلطف مع العمود الفقري خلال هذه الفترة وتجنب عدم الشعور بالراحة في المستقبل.
على الرغم من أن تدهور الديسك العنقي يحدث عادةً مع التقدم في العمر، فإنه يمكن أن يتأثر أيضًا ببعض العوامل الحياتية، ولحفظ صحة العمود الفقري يجب تناول نظام غذائي متوازن، وعدم التدخين، والحفاظ على وضع الرقبة والظهر مستقيمين .
على الرغم من احتمالية عودة مرض الديسك العنقي، يُمكنك تقليل فرص الإصابة مرةً أخرى عن طريق العناية بالرقبة والحصول على الراحة اللازمة للجسم أيضًا .