متى تم اختراع النظارة الطبية
وفقا لتصريح الخبراء، النظارات هي خامس أهم اختراع منذ اكتشاف الإنسان للنار واختراع العجلة، والسبب في ذلك هو أنه للمرة الأولى في تاريخ البشرية، تمكن الملايين من الناس من الاستمتاع برؤية جيدة على الرغم من مشاكلهم البصرية، واليوم نحن نعتبر ذلك أمرا مسلما، لكن منذ قرون لم يكن هناك أي حل لهؤلاء الذين يعانون من إعاقة بصرية، لذا كان لابد من اختراع النظارات، وقد استغرق وقتا طويلا لتطوير النظارات الحديثة التي نعرفها اليوم، وتتطلب هذه العملية العديد من التجارب، وقد ظهرت العديد من الأنواع المختلفة من النظارات وفشلت، ويعتبر اختراع النظارات خطوة حاسمة إلى الأمام في التاريخ الثقافي للبشرية، فالآن يمكن للأشخاص الذين يعانون من إعاقات بصرية أن يلعبوا دورا نشطا في الحياة اليومية لاحتياجاتهم فحسب، بل يمكنهم أيضا الدراسة .
أول اختراع للنظارات في العالم
ابن الهيثم كان أول من اقترح استخدام الزجاج السلس لتحسين البصر للأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر، ولكن فكرته في استخدام أجزاء من كرة زجاجية للتكبير البصري لم تتم تطبيقها إلا بعد سنوات، وتم ترجمة كتابه البصريات إلى اللاتينية عام 1240، وقرأها العديد من المجتمعات الرهبانية، وأصبحت أفكاره حقيقة في القرن الثالث عشر، حيث طور الرهبان الإيطاليون عدسة شبه كروية مصنوعة من الكريستال الصخري والكوارتز، وكان هذا الحجر نعمة حقيقية للرهبان الأكبر سنا الذين يعانون من طول النظر الشيخوخي لتحسين نوعية حياتهم بشكل كبير، وخلال هذه الفترة بدأ استخدام مصطلح الألماني “Brille” للنظارات، والذي يشتق من اسم بلورة الصخور “beryll” التي تم استخدامها لتشكيل العدسات الأولى .
بداية صنع النظارات الطبية
جاء ذلك مع اختراع تم إنشاؤه في مصانع زجاج مورانو الشهيرة في القرن الثالث عشر، حيث تقع مورانو في جزيرة صغيرة شمال البندقية. كانت تعد مركزا هاما لصناعة الزجاج لفترة طويلة، وكانت خبرات الحرفيين في صناعة الزجاج سرية تماما وغير مشتركة مع الأشخاص الخارجيين. وكان منع الكريستاليري وصناع الزجاج من مغادرة الجزيرة مفروضا، وكانت هناك عقوبة القتل لأي شخص يخالف هذه القواعد. وخلال هذه الفترة، اعتبر العالم بأكمله إيطاليا المصدر الوحيد للزجاج الأبيض الذي يستخدم في صناعة المعينات البصرية، والذي يتم إنتاجه فقط في مصانع زجاج موران .
في نهاية القرن الثالث عشر، نجح صانعو الزجاج في فينيسيا في تحقيق اختراق كبير لأول مرة عندما وضعوا عدستين محدبتين في حلقات خشبية ذات رمح، وبذلك تم صنع أول زوج نظارات. ولتحسين رؤيتهم، كان يتعين على مرتدي النظارات حمل الزجاج المزدوج أمام أعينهم، وتم تخليد هذا الاختراع في مبنى في المنطقة. وعلى الرغم من جهود صناع الزجاج، لم يكن من الممكن الحفاظ على كل أسرار صناعة الزجاج سرا، ولضمان استمرار فينيسيا كرائدة في صناعة الزجاج، كان يسمح فقط للذين التزموا بشروط كريستاليري بتصنيع النظارات الطبية .
مع مرور الزمن، استبدلت الإطارات الخشبية للنظارات الزجاجية بإطارات من الرصاص، وهذه الخطوة كانت تمثل تطورا هاما في مساعدات الرؤية. تشبه هذه النظارات إلى حد كبير تلك التي نعرفها اليوم، واستخدمت مواد متنوعة بشكل متزايد. ابتداء من القرن السادس عشر، تم استخدام الجلد والبوق والحديد والفضة والبرونز لتصنيع إطارات النظارات الطبية، وكانت هذه المواد محصورة بين الأغنياء بسبب تكلفتها .
النظارات الطبية الحديثة
ظهرت النظارات التي نراها ونرتديها اليوم في نهاية القرن الثامن عشر، وكانت المشكلة الأكبر في النظارات البصرية هي الملائمة، إما أن تنزلق إلى أسفل وجه المرتدي لها، أو لا يمكن الاحتفاظ بها في مكانها بصعوبة. وكان من مزايا نظارات الأذن بالمقارنة مع النماذج السابقة، أنها تحتوي على جسر الأنف لعقد النظارات في مكانها عبر الأذن. وظهرت الأمثلة الأولى على هذه النظارات في لندن، ويمكن رؤيتها في كتيب ترويجي من عالم البصريات الإنجليزي سكارليت، من عام 1728. وكان الناس يفكرون أيضا في كيفية تحسين النظارات في الولايات المتحدة، وقام بنيامين فرانكلين في عام 1784 بابتكار عدسات ثنائية البؤرة، وهذا هو السبب وراء اسم نظارات فرانكلين المعروفة بعدسات ثنائية البؤرة .
أنواع النظارات الطبية
تم تطوير النظارات الطبية بمختلف الأشكال والأحجام، ومن بين الملحقات الشعبية بين الرجال والنساء الأثرياء في ألمانيا وإنجلترا كانت النظارة الأحادية، وكان ذلك ابتداء من عام 1727، وتلا ذلك في عام 1780 ظهور النوع الأكثر شهرة وهو اللوجنيتي، وهي نظارة بصرية تحملها بمقبض أمام عينيك. وفي نفس العام، اشتهرت النظارات التي يطلق عليها “كسارات الأنف”، وهي زوج أنيق من الإطارات المصنوعة من قطعة واحدة طويلة من الأسلاك الملفوفة حول العدسات، وعلى الرغم من أنها مصنوعة من مواد بسيطة نسبيا، إلا أنها كانت ذات شعبية كبيرة في القرن التاسع عشر. ولاحقا تغيرت الموضة واختار الناس نظارات الرؤية ذات عدستين مرتبطتين بسلك مؤلف من حلقات مثبتة على الأنف، وابتداء من عام 1841 لم يكن هناك أي تصميم آخر يدل على البرجوازية الألمانية الثرية .