ما هو تحمض المحيطات

تعاني البيئة من انتهاكات مستمرة تتعرض لها من قبل سكان الأرض، وفي بعض الأحيان تطلق سلسلة من الصرخات المتتالية للتنبيه بالتلوث الذي يهدد ثرواتها، ويعود الضرر في النهاية على الإنسان بأشكال متعددة، واليوم سنتناول واحدة من أكثر المشكلات البيئية خطورة وهي تحمض المحيطات، لنتعرف معا على الأسباب والحلول لكي نستمتع بحياة صحية قليلة المخاطر .

تعريف تحمض المحيطات

منذ حوالي 200 عام، حدثت الثورة الصناعية التي أدت إلى زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو بسبب حرق الوقود الأحفوري، وتمتص المحيطات نحو 30% من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، ومع ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، ترتفع أيضا مستويات المحيطات .

عندما تمتص المحيطات ثاني أكسيد الكربون، يحدث مجموعة من التفاعلات الكيميائية التي تؤدي إلى زيادة تركيز أيون الهيدروجين، مما يؤدي إلى زيادة نسبة الحموضة وتقليل نسبة الكربونات، والتي تعتبر من المواد الأساسية في هياكل قواقع البحر والشعاب المرجانية .

نقص كربونات الأيونات قد يتسبب في تدمير الأصداف، والمحار، والشعاب المرجانية، وقنفذ البحر، ويؤدي إلى تغيير التركيبات الكيميائية في المحيطات، ويؤثر على نمو وسلوك الكائنات غير المكلسة. يقلل الحموضة من قدرة بعض أنواع الأسماك على اكتشاف الحيوانات المفترسة في الماء الحمضي، وهذا يمكن أن يسبب مشاكل كبيرة في توازن غذاء الكائنات البحرية المختلفة .

تؤثر حموضة المحيطات على المحيطات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مصبات الأنهار الساحلية والمجاري المائية، وهذا يؤثر على العديد من النظم الاقتصادية في الدول المختلفة، خاصة تلك التي تعتمد على الأسماك والمحار كمصدر رئيسي للبروتين .

تشهد المحيطات زيادة في تحمضها بوتيرة أسرع مما توقعه العلماء، وهذا ينذر بالكثير من المشاكل للكائنات البحرية، حيث تزداد حموضة الماء، مما يجعل من الصعب على تلك الكائنات البحرية البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة .

أسباب تحمض المحيطات

في منتصف القرن الثامن عشر، تسبب الإنسان في إضافة ما يقرب من 400 مليار طن من الكربون إلى الغلاف الجوي، وذلك بسبب الكميات الكبيرة من الوقود الأحفوري التي تم حرقها للحصول على الطاقة، وكذلك بسبب إزالة الأشجار وإنتاج كمية كبيرة من الإسمنت .

يتسبب ثاني أكسيد الكربون الذي يوجد في الجو في حدوث الاحتباس الحراري، وتمتص المحيطات نسبة تصل إلى 25 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن النشاط البشري كل عام .

على الرغم من أن امتصاص المحيطات لثاني أكسيد الكربون يعتبر أمرًا جيدًا للغلاف الجوي، إلا أنه يحمل العديد من الآثار السلبية على المحيطات والكائنات البحرية بمختلف أنواعها، حيث تزداد حموضة المحيطات بشكل أسرع مما هو متوقع .

وفقا للمقاييس الزمنية الجيولوجية، كانت درجة حموضة المحيطات أكثر قلوية بحوالي 0.2 وحدة هيدروجينية خلال بداية تشكل الكوكب، ولكنها زادت بنفس الكم بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض خلال آلاف السنين، ولذلك استغرق الكائنات البحرية وقتا طويلا للتكيف مع هذه التغييرات .

انخفضت نسبة الأس الهيدروجيني في المحيطات منذ بداية الثورة الصناعية بحوالي 0.1 وحدة، وعلى الرغم من أن هذه النسبة قد لا تبدو كبيرة أو مبالغ فيها، إلا أنها تحمل أهمية كبيرة، حيث يعتبر الأس الهيدروجيني قياسا للحموضة بواسطة المقياس اللوغاريتمي، وتعادل نسبة 0.1 وحدة أس هيدروجيني حوالي 28% من الحموضة .

اضرار تحمض المحيطات

تنتج زيادة حموضة المحيطات العديد من الأضرار، حيث تؤثر سلبا على نمو الكائنات البحرية مثل سرطان البحر، كما تتسبب في تراجع الشعاب المرجانية وتقليل راحة الأسماك .

ويحمل المستقبل المزيد من التحديات ، حيث أنه مع بداية عام 2050 يتوقع الباحثين أن ما يقرب من 86 % من محيطات العالم سوف تصبح أكثر حمضية بشكل كبير ومؤثر ، بينما بحلول عام 2100 ، سوف ينخفض ​​الأس الهيدروجيني للمحيط إلى أقل من 7.8 ، أي ما يقرب من 150 % بالمقارنة بالنسب الموجودة اليوم ، وقد ترتفع النسب عن ذلك في بعض محيطات الأرض أبرزها المحيط القطبي الشمالي .

كيف نقلل من تحمض المحيطات

يمكن للجميع المساهمة في التقليل من تحمض المحيطات، ويبدأ ذلك بتقليل انبعاثات الكربون، وإليك مجموعة من الخطوات التي تساعد في مكافحة تحمض المحيطات:

التوعية بخطورة المشكلة

يجب أن تصبح مشكلة تحمض المحيطات أول مشكلة بيئية عالمية من حيث الأهمية. يجب أن توجد حملات توعية للتعريف بخطورة تحمض المحيطات، لأن العديد من الأشخاص حول العالم لا يدركون حجم المشكلة. يجب أن تقوم المنظمات البيئية والحكومات المختلفة ووسائل الإعلام بحملات توعوية لتسليط الضوء على هذه المشكلة .

تقليل انبعاثات الكربون

تخفيض كمية اللحوم المستهلكة لأن الماشية تساهم في إطلاق كمية كبيرة من الغازات الدافئة التي تزيد من التلوث، وبالتالي تزيد نسبة تحمض المحيطات، وهو السبب الرئيسي لتغير المناخ .

كلما تناقصت كمية الغذاء المستهلكة، قل استهلاك الطاقة، لأن إنتاج الحبوب التي تستخدم لتغذية الماشية يتطلب كمية كبيرة من الأسمدة والوقود والمبيدات الحشرية والمياه .

تقليل الطاقة في المنزل

ينبغي الحرص على تقليل استخدام الطاقة في المنزل، واستخدام الأجهزة والمصابيح الموفرة للطاقة، وإطفاء الأنوار، وفصل كافة مصادر الطاقة بعد الانتهاء من استخدامها، بالإضافة إلى استخدام دورات الغسيل القصيرة للأواني والملابس .

ترشيد استهلاك الماء

تتطلب عمليةمعالجة المياه كميات كبيرة من الطاقة، حيث يتم استخدام طاقة كبيرة لتنقية وتسخين المياه. لذلك، يحافظ ترشيد استهلاك الماء على المحيطات والأنهار ويقلل من انبعاث الغازات الضارة .

التقليل من استخدام البلاستيك

يجب تقليل استخدام البلاستيك بكافة أشكاله، سواء كان البلاستيك المستخدم في زجاجات المياه أو الأكياس وغيرها، لأن البلاستيك يحتاج وقتا طويلا للتحلل وتصنيعه يستهلك الكثير من الطاقة، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة انبعاثات الكربون .