ما هو التطبيع
يمكن للتطبيع أن يدخل في عدد كبير من العلاقات بين الأفراد والكيانات الأخرى مثل المؤسسات والحكومات، ويأتي بأشكال مختلفة، فقد يكون دائما أو مؤقتا أو متقطعا، وهناك علاقات تعبر عن العداء والتنافس المستمر والتباعد، وقد يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى حرب أو ضربات اقتصادية.
تعريف التطبيع
التطبيع عموما يعرف بأنه قبول التعامل والتعايش مع الآخرين بغض النظر عن تصرفاتهم المعادية والخادعة للحقائق، فهو علاقة تستند إلى المصلحة ولا تأخذ في الاعتبار الأخلاق والقيم .
يطلق التطبيع على عدد من التصرفات التي ينتج عنها عمل معنوي أو مادي ملموس سواء كان على المستوى الفردي أو الجماعي ، فهو قد يعني التسليم الذهني بوجود الكيان الصهيوني داخل البلاد ويعد ذلك أمر غير مستغرب منه ، فهو قد يعني للأمة التخلي عن حقوقها لجانب العدو المعروف له وذلك وفق تعريف الكاتب زياد منى .
يُعرف التطبيع بواسطة مجموعة أخرى على أنه بناء علاقات سياسية واقتصادية واستخباراتية مع الجانب الإسرائيلي، وأن لإسرائيل الحق في الأرض التي تقع عليها، وأن الفلسطينيين عليهم الاستسلام للواقع حتى لو تسبب ذلك في تدمير المدن والقرى .
أنواع التطبيع
تأخذ التطبيع أشكالًا وأنواعًا مختلفة، منها ما يلي
تطبيع رسمي فيما بين الدول
يعرف هذا الرقم بأنه مجهود تواصلي بين الدول لإقامة علاقات رغم التوتر والعداء بينها، ولكن بالتطبيع ستصبح الاتصالات طبيعية بلا عداء وتوتر، وسيكون النظام الآخر مقبولا بغض النظر عن سلوكه وشكله الأيديولوجي .
يتضمن التطبيع مع إسرائيل دخول مفاوضات مخطط لها لإنهاء الخلافات بين الدول العربية ودولة فلسطين، ويصبح وجودها أمرًا بديهيًا حتى لو كانت لها أهداف استيطانية ومذاهب عرقية للقضاء على الآخر .
سيؤدي هذا إلى تأثير على كافة الدول التي تقبل هذه الفكرة وتقدم مجموعة من التنازلات التي كانت تطالب بها من قبل، ولكن هناك بعض الكتاب والمثقفين الذين يرون أن التطبيع قد يؤدي إلى عواقب عكسية عما يتم تصويره والحديث عنه .
التطبيع الفردي
فيعرف عنه بأنه السماح للفرد بزيارة مدن فلسطينية وفق تصريح يتم الحصول عليه ، وكذلك الدخول في مقابلات مع جهات صحفية إسرائيلية ويستغرق مع مرور الوقت عدد من العلاقات الوطيدة ، تأخذ عدد من الأشكال الرسمية وغير الرسمية تعمل على خدمة المصالح الإسرائيلية ، بل لا يقتصر الأمر على ذلك بل يمتد لتقديم عدد من التنازلات عن بعض الحقوق والقيم للدولة الفلسطينية ، ولكن على جميع الهيئات غير الرسمية أن تكون في حذر تام من تلك العلاقات ووسائل الإتصال ، فيما بينهم وكذلك الأجدر لجميع وسائل التواصل الرسمي الحذر من ذلك حتى لا يزيد رقعة الاستيطان .
تطبيع إعلامي
فهناك عدد كبير من العاملين بوسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي يهدفون لتسهيل خطط الكيان الإسرائيلي ، وافتراض جانب حسن النية فيهم.ويقومون بذلك بواسطة استخدام أسماء شخصيات صهيونية بارزة او وهمية ، وقامت بالتشويش على الرأي العام في تقسيم المنطقة العربية أو قتل الأفراد المسلمين الفلسطينيين وذلك من خلال الآتي .
- تعد فكرة التسامح بين الأديان وقبول الطرف الآخر وجود الاحتلال بشكل طبيعي في المنطقة، هي طريقة طبيعية للتعايش في الحياة .
- باعتبار أن للكيان الصهيوني العديد من المقدرات الطبية والعلمية والصناعية، يجب على الجميع إيلاء اهتمامٍ ونظرةٍ خاصةٍ لهذه المقدرات، حيث تُعد مثالًا يحتذى به .
- العمل على تشجيع الاختلاف بين جميع الأطراف العربية، وتعزيز فكرة الاستقلال بين الدول، وأفضل دليل على ذلك هو الاختلاف بين الشيعة والسنة في دول الخليج واعتبارها ورقة رابحة في الصراع العربي الإسرائيلي، بالإضافة إلى الاختلاف بين الأكراد الذي ساهم فيه الكثير، وقد ساعد الكيان الصهيوني في إشعال النار وإثارة الفتنة بين هؤلاء ودولهم من خلال العديد من الاتصالات التي يقوم بها الصهاينة .
- تقوم بعض القنوات الفضائية العربية المعروفة بدعم فكرة المستوطنات، وتشويه صورة الإسلام والمسلمين ووصفهم بأنهم متطرفون، وذلك من خلال استضافة بعض اليهود البارزين في تلك البرامج واستخدام معلومات مضللة تاريخيا، وكان ذلك واضحا في برنامج الاتجاه المعاكس الذي استضاف اليهودي المتطرف كويدار على قناة الجزيرة، بالإضافة إلى استخدام الإسرائيليين وسائل إعلامية .
- قام عدد كبير من المسؤولين في الدولة الإسرائيلية بتهنئة جميع الشعوب العربية والمسلمين في جميع المناسبات الاجتماعية والأعياد، ولعب المتحدث الرسمي للجيش الصهيوني، أفخاي أدرعي، دورًا في هذا التحريض .
تطبيع ثقافي
يعني هذا المصطلح عند معظم الكتاب استقرار الفكر الذهني داخلنا لتقبل الطرف الآخر والخضوع له وفقًا لما يحمله من قمع وعدوان، بدافع أن هذا الطرف هو الأقوى وضروري الاستسلام له، وليس لدينا أي نتائج انتصارية في الماضي أو الحاضر لنتحدث ونفتخر بها .
وأن الأمر لا يقتصر على ذلك بل يعتبر القمع الذي يقع علينا أمر طبيعي ، وذلك على فرض الطبيعة البشرية بنية القنوع في ذلك، والتاريخ في مختلف العصور يسمح بذلك ، ويصنف التطبيع الثقافي أحد أهم أنواع التطبيع عند الكيان الصهيوني لأنه يقنعك فكريا بوجود الطرف الصهيوني ، كما يأتي بعده مباشرة تعظيم عدد من المنابر الثقافية الصهيونية ، وهناك العديد من الأجندات العبرية المزيفة للحقائق والتي تروج لكيانها بأنه داعم بشكل أساسي للسلام والثقافات المتطورة وهذا أمر مرفوض لذا فلسطين والعرب .
استثناءات ثقافية حول التطبيع
في الخط الأخضر، يوجد عدد من المفكرين اليهود الذين يدعمون الحقيقة الفلسطينية ويعتبرون أنفسهم أصحاب حقوق مشروعة. بعضهم مثل شلومو ساند ولطيف دوري وغيرهم، وقد شكل الجانب الفلسطيني لجنة المقاطعة ولعب دورا مهما في تحديد كيفية التعامل مع الجانب الصهيوني. تعمل هذه اللجنة على مواجهة الفكر الاستيطاني الصهيوني والدفاع عن حقوق وحريات الأشخاص المرتبطين بالقضية العادلة والحفاظ على الهوية الوطنية لشعبهم .
خطورة التطبيع
لا شك أن هناك العديد من المشاكل التي يمكن أن تنشأ عند التطبيع، مثل خضوع الطرف الضعيف والمظلوم لحقوقه للطرف القوي والمظلم له، والاستسلام للأمر الواقع والتخلي عن مفاهيم الحق والمساواة والعدالة. وكيف يمكن لهذه المفاهيم العقيمة أن تسمح للطرف المظلوم بالرضا عن الأمر الواقع وقبوله ثقافيا واقتصاديا، عندما تسعى النفس البشرية الطبيعية دائما لحقوقها والدفاع عنها؟ لذلك، يجب على الطرف الآخر أن يتحلى بالروح السلمية وأن يحترم الحقوق الشرعية ويمتنع عن استغلال ضعف الآخر لصالحه .