الطبيعةبحار

ما الذي يسبب ظاهرة المد والجزر

ما الذي يسبب ظاهرة المد والجزر؟ الإجابة البسيطة هي أنها ناتجة عن تأثير القمر، وهذا ما يعرفه معظم الناس. ولكن الإجابة ليست بهذه البساطة، فظاهرتي المد والجزر قد حيرت العلماء عدة قرون قبل أن يتمكنوا من فهمها. حتى أن هذه الظاهرة دفعت العالم جاليليو للصدام مع الكنيسة.

 ما هي ظاهرة المد والجزر

ظاهرة المد والجزر هي ظاهرة تتمثل في ارتفاع وانخفاض منتظم لمياه المحيطات والبحار على طول السواحل، نتيجة لقوى الجاذبية بين الشمس والقمر. تحدث هذه الظاهرة في المحيطات وتنتقل نحو السواحل، مما يتسبب في ارتفاع وانحسار منتظم لمياه البحار والمحيطات.

الفرق بين المد والجزر

الفرق بين المد والجزر يعتمد على أمواج طويلة جدا من المياه تتحرك عبر المحيط في دورات متكررة، ويشير المد إلى الفترة التي تكون فيها تلك الموجات في أعلى مستوى لها وترتفع منسوب مياه البحر، أما الجزر فيحدث في أقصر موجة في تلك الدورة وينحسر الماء عن شواطئ البحار.

كيف يحدث المد والجزر

أثناء دوران الأرض، تسحب جاذبية القمر أجزاءًا مختلفة من كوكب الأرض، ورغم أن كتلة القمر تعادل حوالي 1/100 من كتلة كوكب الأرض، إلا أنه نظرًا لقربه الشديد من الأرض، فإن لديه جاذبية كافية لتحريك الأشياء على الكوكب، ولكنها ليست كبيرة بما يكفي لتلاحظها بأنفسنا.

ومع ذلك، فإن قوة جاذبية القمر قادرة على جذب مياه المحيطات بسبب سهولة حركة الماء، حيث تتجذر مياه المحيط دائمًا نحو القمر عندما يكون المحيط مواجهًا له خلال دوران الأرض، ويُطلق على هذه الظاهرة اسم المد، وعندما يبتعد القمر تنحسر مياه المحيط، ويُطلق على هذه الظاهرة اسم الجزر.

لكن يجب أن تلاحظ شيئًا فهذا مجرد تفسير لقوة المد، لكنه لا يحدث بالفعل في كافة المحيطات، فالكرة الأرضية ليست عبارة عن محيط كبير، لكنها تتكون من مجموعة من القارات يتخللها الماء، وهذه القارات تؤثر على قوة جذب القمر للماء، لذلك في بعض الأماكن نلاحظ حدوث ظاهرة المد والجزر بشدة، وفي بعض الأماكن لا نلاحظها.

تأثير الشمس على ظاهرة المد والجزر

تتمتع الشمس بكتلة تعادل 27 مليون مرة أكبر من كتلة القمر، وبالطبع قوة جذب الشمس أكبر بكثير من قوة جذب القمر، وقوة جذب الشمس تؤثر على حدوث ظاهرة المد والجزر بنسبة 46% فقط، وذلك وفقًا وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، والسبب في ذلك أن الشمس أبعد بمقدار 390 مرة عن الأرض.

يعتبر تأثير قوة جذب القمر هو السبب الرئيسي في حدوث المد والجزر، ويُعتقد أن تأثير قوة جذب الشمس يقتصر فقط على تغيير قوة حركة المد والجزر من مكان إلى آخر، ولكنها ليست السبب الرئيسي في حدوثه.

وقت المد والجزر

تختلف أوقات المد والجزر من مكان إلى آخر، عندما يقترب القمر من المحيط، تؤدي قوة جاذبيته إلى حدوث المد، ومع دوران الأرض، ينحسر المد عن تلك المنطقة ويحدث الجزر، ثم يعود القمر ليواجه الأرض في نفس المنطقة بعد 24 ساعة تقريبا ليعيد دورة المد والجزر.

ومع ذلك، يحدث في معظم المحيطات دورتان من المد والجزر خلال اليوم الواحد. والسبب وراء حدوث المد والجزر خلال اليوم هو أننا جميعا نعرف تقريبا مفهوم اليوم الشمسي، والذي يستغرق 24 ساعة، وهو الوقت الذي يستغرقه موقع معين على الأرض للدوران من نقطة محددة تحت الشمس ليعود إلى نفس النقطة تحت الشمس. ومع ذلك، معظمنا لا يعرف التقويم القمري، ولا يعرف ما يسمى بالأيام القمرية.

اليوم القمري هو الوقت الذي يستغرقه موقع معين على الأرض للدوران من نقطة محددة تحت القمر ليعود لنفس النقطة تحت القمر مرة أخرى، واليوم القمري أطول من الشمسي (على عكس المتوقع) فهو يعادل 24 و50 دقيقة من اليوم الشمسي، لأن القمر يدور في نفس اتجاه دوران الأرض حول محورها، لذلك تستغرق الأرض 50 دقيقة إضافية للحاق بالقمر.

نظراً لعدم انتظام سطح الأرض ولزاوية مائلة تدور بها الأرض، فإن الأرض تمر بقوة جذب القمر مرتين في اليوم القمري الواحد، ويحدث المد والجزر في معظم المناطق كل 12 ساعة و 25 دقيقة، ويستغرق 6 ساعات و 12.5 دقيقة لتحول حالة المياه من المد إلى الجزر والعكس.

عوامل تؤثر على المد والجزر

يتم تسمية الفرق بين أعلى موجة للمد وأعلى موجة للجزر باسم النطاق، ويتغير هذا النطاق بشكل منتظم كل شهر بسبب تأثير قوة جذب الشمس.

نظرا لعدم تجانس سطح الأرض، فإن المد والجزر لا يتبعان نمطا متساويا في جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى اختلاف في نطاق وتكرار حدوث المد والجزر. وبالتالي، يحدث اختلاف في شكل الساحل البحري وقاع المحيط. فعلى سبيل المثال، في السواحل الشاسعة والمستوية، يمكن أن تنتشر المياه على مساحة كبيرة، ويكون نطاق المد والجزر في تلك المنطقة بضعة سنتيمترات وربما يكون صعبا ملاحظتها. بينما في المناطق الضيقة والمحصورة مثل الخليج الصخري، يمكن أن يكون نطاق المد والجزر أكبر بكثير.

تم قياس أقصر نطاق للمد والجزر في البحار المغلقة مثل البحر الأبيض المتوسط وبحر البلطيق، حيث يبلغ نطاق الموجات حوالي 30 سم. وتم رصد أكبر نطاق للمد والجزر في خليج فندي بكندا، حيث يرتفع المد والجزر بحوالي 17 مترًا (56 قدمًا) وينخفض.

كما يوجد مرتين في العام يصطف فيهما كلًا من الشمس والقمر والأرض على خط واحد أثناء الدوران، وهذه الظاهرة تسمى القمر الجديد والقمر الكامل، وخلال تلك الفترة تشترك كلًا من جاذبية الشمس وجاذبية القمر معًا في ظاهرة المد والجزر، وتسمى تلك الفترة بالمد الربيعي، وهي مرتبطة بالقمر الجديد والقمر الكامل وليس لها أي علاقة بفصل الربيع.

فوائد المد والجزر

قد يعتبر بعض الأشخاص ظاهرة المد والجزر كظاهرة طبيعية عادية تحدث تغييرًا في مستوى مياه البحر فقط، ولكن هذه الظاهرة لها عدة فوائد ويمكن أن تؤثر بشكل كبير على حياتنا، ومن بين تلك الفوائد:

المد والجزر وتوليد الطاقة المتجددة

يمكن أن تكون الحركة السريعة للمياه خلال فترتي المد والجزر مصدرًا لتوليد الطاقة المتجددة في المناطق الساحلية التي تشهد دورتين من المد والجزر في اليوم.

تأثير المد والجزر على الصيد

تؤدي مد وجزر البحر إلى تركيز الأسماك في بعض المناطق خلال فترات الانحسار، ويعرف الصيادون المحترفون الأوقات والمناطق التي تتركز فيها الأسماك، ويمكن لهم زيادة ثروتهم الاقتصادية بسبسبب هذه الظاهرة.

تأثير المد والجزر على الحياة في المحيط

وتؤثر موجات المد والجزر أيضا على جوانب أخرى من حياة المحيطات، مثل دورات تكاثر الأسماك، وتؤثر أيضا على النباتات البحرية والسرطانات وبلح البحر والقواقع والأعشاب البحرية وغيرها من الكائنات البحرية الصالحة للأكل في مناطق المد. وغالبا ما يتم حصاد الحياة البحرية في برك المد والجزر الصغيرة للاستفادة منها كمصدر غذاء، وتحتوي هذه المناطق أيضا على أسماك صغيرة وأعشاب بحرية. وتساهم موجات المد والجزر في تنظيف المحيطات، وإذا لم يتم التنظيف بانتظام بواسطة المد والجزر، فسوف تموت هذه الكائنات وتقل الموارد الغذائية على الأرض.

تأثير المد والجزر على الطقس

تعمل تيارات المد على مزج مياه القطب الشمالي التي لا تمتص الكثير من الشمس مع مياه أخرى دافئة تمتص الشمس، ويؤديذلك إلى توازن في درجة الحرارة على سطح الأرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى