مؤشرات الوصف و السرد
تعريف أنماط النصوص
تعد موهبة إبداعية لكتابة النصوص هبة من الله تعالى للفرد المختار من البشر. تختلف هذه الموهبة في درجاتها بين الأفراد، حيث يمكن أن يكون أحدهم مبدعا وآخر متوسطا في الإبداع وما إلى ذلك. من الأسباب التي تساعد الكتاب على التفوق في إبداعهم هو اختيار النمط الأدبي المناسب للتعبير عن الأفكار التي يرغبون في تصويرها. والنمط هنا يشير إلى الأسلوب الذي يتم به صياغة العمل الأدبي.
وهناك العديد من الأنماط الأدبية التي يتم الاعتماد عليها بالنصوص مثل النمط البرهاني، السردي، الإيعازي، والتفسيري، وغيرها؛ وهذا حتى يتاح للكاتب الكثير من الخيارات أثناء كتابته وإبداعه بالنص، ومن الأمثلة التي يمكن ذكرها على تلك الأنماط: النمط الوصفي، ومن اسمه يتضح ما له من غاية وهدف، ويشار إلى أنّ مؤشرات النمط الوصفي والنمط السردي تساعد القارئ على تمييزهم ومعرفتهم عن غيرهم من الأنماط الأخرى.
تعريف الوصف
تتنوع أشكال النصوص الأدبية، ومن هذه الأشكال الوصف، الذي يعتبر في الأدب واللغة تنقية للصورة التي يتخيلها أو يراها الكاتب، والتي يتم وصفها بأنها ليست مجرد كتابة كلمات، بل هي رسم لتلك الصورة. وبذلك، يكون النمط الوصفي أسلوبا يتبعه الكاتب في بناء نصه الخاص، ويعتمد في ذلك على نقل صورة حية مباشرة لما يرغب في الكتابة عنه، دون الحاجة إلى أن تكون واقعية وصادقة في هذا الوصف.
حيث يكون للكاتب حرية تصويرية في طريقة الوصف التي يختارها، ولكن من الضروري أن ينتبه لخصائص النمط الوصفي ومؤشراته، حيث تساعد هذه الخصائص القارئ على استشراف نمط النص وتحديد ميزاته، وبذلك يمكننا فهم الهدف والنية من وراء كتابة النص، ومن بين تلك الأهداف قد تكون رغبة الكاتب في تجسيد الصورة وتوضيحها للقارئ، أو رغبته في أن يكون القارئ متعرفا وملما بأدق تفاصيل الوصف، وذلك ليتسنى له الانغماس في جو النص بكل تفاصيله، ويعتبر الرواية والقصة والنصوص الوصفية من أنواع النصوص التي تتميز بالنمط الوصفي.
مؤشرات النمط الوصفي
تظهر النماذج الأدبية خصائص ومؤشرات واضحة في النمط الوصفي، ويجب أن نذكر أن النص قد يحتوي على عدة أنماط أدبية، ولكن هناك نمط يسيطر ويهيمن على النص أكثر من غيره، ويصنف في هذه الحالة كنمط النص الأساسي. ويتوقف تحديد هذا النمط على مقصد الكاتب والمؤشرات التي تظهر بشكل أكبر، ومن أهم مؤشرات النمط الوصفي
- في النمط الوصفي، يزداد استخدام النعوت والمنعوتات والصفات الموصوفة، مع استخدام أساليب الاستعارة والكناية والتشبيه وغيرها من الفنون البلاغية التي تساعد الكاتب على وصف الصورة وتقريبهامن خيال القارئ.
- عادةً، يستخدم الكاتب النمط الوصفي للبدء في وصف الموضوع الرئيسي، ثم ينتقل إلى التفاصيل والموصوفات الفرعية، مع إبراز الوصف بدقة واتقان.
- بالنمط الوصفي تختلف الجمل وتتنوع ما بين الجمل الفعلية والاسمية، ومن الهام العلم أن الجمل الفعلية غالباً ما يكون فعلها في زمن المضارع وتلك الجمل الفعلية أو الأسمية تفيد الدلالة على كلاً من الوصف والصفات الثابتة بالموصوف، مما يجعل من الدائم قول إنّ النمط الوصفي يمنح النص ثباتًا من حيث الموضوع.
تعريف السرد
السرد يعني تقديم الأحداث والأخبار من خلال استخدام التصوير واللغة ووسائل تعبير أخرى، ويعتمد عليه في نقل المعلومات حول هذه الأحداث. يقوم الكتاب بعرض سلسلة من الأحداث في ترتيب زمني، مرتبطة بالشخصيات وتتبع التسلسل المكاني والزمني. تأتي جميع هذه العناصر ضمن موضوع واحد، وعند وجود العديد من المواقف والأحداث، يصبح النص السردي ذو قيمة وفائدة ويحمل معنى هام للقارئ.
وغالباً ما يتواجد النمط السردي بالروايات والقصص والسير الغيرية والذاتية والعديد من الأصناف الأدبية التي تقوم على نقل عدد من الوقائع والأحداث المكانية والزمانية، بالإضافة إلى ذلك يعرف أن النمط السردي يقوم بمساعدة القارئ في تحديد أنماط النص والتمييز بينه وبين غيره من النصوص الأخرى.
مؤشرات النمط السردي
توجد العديد من المؤشرات السردية ولكن الأكثر وضوحا وانتشارا في النصوص الأدبية هي
- تتطور الأحداث عموديًا وأفقيًا، ويميل التطور الأفقي إلى الغلبة، مما يعني أنها تتحرك في الاتجاه نفسه وبنفس الوتيرة.
- يستخدم النمط السردي بشكلٍ شائع في الجمل الفعلية، حيث يبدأ الكاتب بسرد الأحداث التي حدثت وانتهت، وعادةً ما يبدأ ذلك السرد بفعلٍ ماضٍ، حيث يكون الفعل الماضي الأنسب لوصف تلك الأحداث.
- النمط السردي يتباعد عن الأسلوب الإنشائي والتعبير الإبداعي، ويتميز بالأسلوب التقريري الخبري. يقوم الكاتب فيه بإخبار القراء بالأحداث والتفاصيل والوقائع التي حدثت، ويتوافق هذا الأسلوب الخبري تماما مع الهدف الأساسي للنمط السردي. يعتبر الاعتماد على الأسلوب الخبري من أهم مؤشرات النمط السردي، نظرا لوضوحه في النصوص ذات النمط السردي. ومع ذلك، ذلك لا يعني عدم استخدام الكاتب للأسلوب الإنشائي على الإطلاق، ولكن يعني أن الأسلوب الخبري هو الأكثر سيطرة وتفوقا.
- غالبًا ما يستخدم الكتاب النمط السردي الذي يعتمد على استخدام الكلمات المشيرة إلى الزمان والمكان، مثل الظروف المحيطة بالمكان والزمان والألفاظ الشائع استخدامها في هذا السياق.
العلاقة ما بين الوصف والسرد
تترابط خصائص النص السردي مع خصائص الوصف، ومعروف أن النص السردي يندرج في أنواع مختلفة من النصوص مثل الخرافة والحكاية والقصة القصيرة وغيرها. والدور الأساسي للسرد هو إيصال المعلومات ونقل الأحداث، من خلال التصوير أو اللغة أو وسائل التعبير الأخرى. لذلك، السرد هو أحد أنواع النصوص، مثل الحوار والوصف، حيث يدعم الحوار الوصف عندما يعكس سمات الشخصية النفسية وأسلوبها في التعبير عن مشاعرها ومواقفها.
يعتبر الحوار من أهم أساليب التعبير والتواصل، وبالتالي فهو أحد وسائل التعبير عن المشاعر الداخلية وعرض الأحداث الخارجية. تتشابه هذه الوسيلة مع الوصف، حيث يساهم الوصف في تطوير وتحقيق الحوار، ويطلق عليه السرد المتقطع الذي يعتمد على تقنية الوصف. يهدف السرد المتقطع إلى تناول الأحداث والتعمق في وصفها، وبالتالي يمكن التعبير عنه باعتباره الوصف الذي يعتمد على السرد، والذي يعتبر تقنية من تقنيات السرد.