لمحة تاريخية عن سعد الدين كوبيك
تأسست دولة السلجوقية على يد سلالة السلاجقة، وهي سلالة تركية من قبيلة قنق التي تنتمي إلى مجموعة أتراك الأوغو، ودخل السلاجقة الإسلام في عهد زعيمها ومؤسس السلالة سلجوق بن دقاق سنة 960م. وحكمت الدولة السلجوقية في أوج ازدهارها كافة إيران وأفغانستان ووسط آسيا وصولا إلى كاشغر في الشرق، فضلا عن العراق والشام والأناضول غربا وصولا إلى مشارف القسطنطينية. وتعد دولة السلجوقية واحدة من الدول الكبرى في تاريخ الإسلام وإقليم وسط آسيا .
سعد الدين كوبيك من التآمر للسيطرة
سعد الدين كوبيك هو أحد أمراء دولة السلاجقة الروم، كان أميرا للصيد والتعمير في عهد سلطنة علاء الدين كيقباد الأول، وشارك كوبيك في عهد السلطان علاء الدين في حملة عسكرية ضد الأيوبيين وانتهت هذه المعركة بانتصار السلاجقة .
ترك السلطان غياثُ الدين كيخسرو، الذي تولى الحكم بعد وفاة علاء الدين، ترك لـ كوبيك تصريف شؤون الدولة، مكافأة لكوبيك على ما بذله من تآمر حتى جلس كيخسرو على كرسي الحكم، فقد عهد السلطان علاء الدين قبل وفاته بالحكم إلى ابنه الأصغر عز الدين قلج أرسلان، وهو ما كان يقف عقبة كؤد أمام طموح غياث الدين للجلوس على كرسي الحكم، وأمام كوبيك للسيطرة على إدارة البلاد والعباد فعليا .
قام كوبيك بالتعاون مع مجموعة من الأمراء بسجن الأمير عز الدين قلج وأخيه ركن الدين، وأمهما الملكة العادلية الأيوبية، وتوفوا جميعًا في سجونهم .
كوبيك يزيح خصومه ومناوئيه من طريقه
استخدمَ كوبيكَ سياسةَ الحديدِ والنارِ، وعذّبَ الجميعَ حتى تمكَّنَ من السيطرةِ على الدولةِ، وكانَ كوبيكُ برجماتيًا إلى أقصى درجةٍ، فلم يتركْ فرصةً إلا واستغلَّها، وأزاحَ كبارَ رجالِ الدولةِ والأمراءِ الذين كان يعتبرُهم من خصومِهِ ومناوئيهِ من طريقهِ .
بدأ بحبس القائد الخوارزمي قيرخان في إحدى القلاع، حتى توفي فيها، وقام بتصفية الأتابك شمس الدين آلتونبه، وقتلهم جميعًا في الحبس، كما قتل حسام الدين قيمري وكمال الدين كاميار، ثم اتهم تاج الدين بروانه بالزنا فأقيم عليه حد الرجم .
يثير كوبيك الرعب والخوف في نفوس الجميع بسبب شراسة أفعاله. لا يعرف الرحمة ولا يتعاطف مع أحد، وزادت هيبته ومخافته في نفوس أصدقائه ومعارضيه. لم يتمكسر حتى الآن أي رجل دولة أو أمير يستطيع معارضته أو نقده، وأصبح سعد الدين كوبيك يدير شؤون الدولة الداخلية بشكل فعال .
السلطان غياث الدين يتخلص من كوبيك
اعتبر المؤرخين أن عصر السلطان السابق علاء الدين كيقباد، كان ذروة عصور الدولة السلجوقية، حيث حقق مكاسبا كبيرة بمساعدة الأمراء والمساعدين الذين ساعدوه ولم تحققها دولة سلاجقة الروم من قبل، ولكن سياسة القمع والقتل التي اتبعها كوبيك ضد أولئك الذين يعتبرهم عوائق في طريقه نحو السلطة، أدت إلى فقدان الدولة لأغلب أركانها الهامة، وبسرعة تعرضت للضعف والانحطاط، وأصبحت عرضة لاجتياحات المغول .
أدرك السلطان غياث الدين كيخسرو، أن معظم رجال الدولة تخلص منهم كويبك، فخشي السلطان على نفسه وهو الذي ساعده سعد الدين كوبك في الوصول إلى كرسي الحكم، و دبر السلطان غياث الدين مكيدة للتخلص من سعد الدين كويبك، وبالفعل نجح السلطان في التخلص منه، وتم قتله شر قتلة وعلقت جثته في مكان مرتفع .
بعدما تمكن السلطان غياث الدين كيخسرو من التخلص من سعد الدين كوبيك، استدعى جلال الدين قراطاي الذي كان كوبك قد عزله، وأبقاه معزولًا في إحدى المناطق. ومع ذلك، استماله السلطان غياث الدين وسلّمه طست خانه وخزانة الخاصة به .