لماذا نقول سبحان ربي العظيم في الركوع
معنى سبحان ربي العظيم
يعد قول سبحان ربي العظيم من أهم أقوال الصلاة وأفعالها، ومعناها هو تنزيه الله سبحانه وتعالى عن أي نقص أو عيب، وبالتالي فإن قولك سبحان الله يعني تنزيهك يا ربي من أي نقص أو عيب.
العظيم يعني صاحب العظمة المطلقة والمبالغ فيها، والأعلى يعني الأعلى في صفاته وذاته.
يعتبر الكمال الأقصى والأدنى في قول سبحان ربي العظيم من أهل العلم
يمكن أن يسأل شخص ما عن عدد التسبيحات في الصلاة، وفقا لرأي أغلب علماء الدين، فإن أقصى تكميل التسبيح هو أحد عشر مرة في قول “سبحان ربي العظيم”، وأدنى تكميل التسبيح عند معظم علماء الدين هو ثلاث مرات.
التأمل في معاني ما يتلوه من قرآن وأذكار في الصلاة
يجب على المصلى التأمل في معنى كل ما يتلوه من أذكار أو قرآن، وكل مسلم مطالب بإستحاضر معنى كل ما يتلوه، لما يوجد من أسرار وحكم في معاني مفردات الصلاة من أذكار وتلاوة، وبما يحدث للإنسان من خشوع في القلب عند استحضاره لهذه المعاني، وكلما أضاع من استحضار للمعاني، ينقصه من الخير بقدر ما أضاع.
هل استحضار المعاني خاص بأقوال الصلاة فقط دون الأفعال
يجب على المسلم استحضار معاني الأذكار في الصلاة، ليس فقط من خلال الأقوال ولكن أيضًا من خلال الأفعال.
قال الشيخ ابن عثيمين : من أسباب عدم شرود الذهن: أن يتتبع الإنسان ما يقوله أو يفعله ويتدبر المعاني العظيمة التي هي لأجلها شرع هذا القول أو هذا الفعل، ففي حالة الركوع مثلا شرع الركوع لتعظيم الإنسان ربه بفعله وقوله، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب) والانحناء أمام الله عز وجل تعظيم له بالفعل والقول: سبحانك ربي العظيم تعظيم له بالقول، وبقي أن يعظمه الإنسان بالقلب وهذا لا يحصل إلا بحضور القلب، ففي الركوع تعظيم قولي وفعلي وقلبي.
قال ابن رجب : إذا تذلل العبد لربه بالركوع والسجود، يصف ربه بصفات العز والكبرياء والعظمة والارتفاع. كأنه يقول: التواضع والذل صفاتي، والعظمة والكبرياء صفاتك. لذا شرع للعبد في ركوعه أن يقول: `سبحان ربي العظيم`، وفي سجوده: `سبحان ربي الأعلى`. وكان صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان يقول في ركوعه وسجوده: `سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة` .
فالخلاصة يجب على المصلي أن يتأمل المعاني والأفعال في الصلاة، وقد شرع الركوع والسجود تعظيما لله عز وجل، فإذا تأمل المصلى المعاني التي يقولها في الصلاة من أذكار وأفعال، يستطيع التأمل وقتها في عظمة الله سبحانه وتعالى، لكن لابد أن يكون التأمل في حدود المعقول ولا يبالغ، حتى لا يوسوس له الشيطان ويشغله عن الصلاة.
قال الغزالي في ” إحياء علوم الدين : اعلم أن الشيطان يستخدم مكايد ليشغلك في صلاتك بالتفكير في الآخرة والخيرات بدلاً من فهم معاني القراءة، فكل ما يشغلك عن فهم القراءة هو وسواس .
لماذا نذكر في الركوع اسم العظيم و في السجود اسم الأعلى
يُذكر أثناء الركوع قول `سبحان ربي العظيم`، وأثناء السجود قول `سبحان ربي الأعلى`، وقد ورد ذلك في روايات أهل البيت عليهم السلام.
سبب قول اسم الله العظيم في السجود واستخدام اسم الله الأعلى في الركوع هو أمر إلهي يجب على كل عبد مسلم وموحد بالله طاعته والامتثال له.
إلى جانب الطاعة والانصياع للأمر الإلهي، يجب على العبد أن يعرف حكمة تكرار هذين الذكرين في الصلاة، وهناك العديد من الحكم التي يجب على العبد معرفتها حتى يأخذها بعين الاعتبار.
لفهم الحكمة والمعنى وراء هاتين الذاكرتين، يجب أولاً فهم معناهما.
أولا معنى ذكر الركوع : نحن نحمد الله سبحانه وتعالى على كل شيء وكل حالة، ونرفعه عن كل عيب أو نقصان.
ثانيا معنى ذكر السجود : يعلو الله سبحانه وتعالى على كل شيء ولا يوجد له عيب أو نقص، ونحمد الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال.
السبب في ذكر اسم الله العظيم في الركوع واسم الله الأعلى في السجود هو تعظيم الله. عند أداء الصلاة، نعظم الله سبحانه وتعالى في كل ركعة. والتعظيم هو إيماننا بعظمة الله، والركوع هو الانحناء تكريما وتعظيما لله سبحانه وتعالى بسبب إيماننا بعظمته. ونستذل بها أثناء الركوع بذكر صفة الله العظيمة، وهذا يشير إلى وجود تناسب بين هذا الذكر والركوع.
يحمل السجود فلسفة خاصة به، ويدل السجود على أفضل حالة للشخص وأفضل حالة له أثناء عبادته لله عز وجل.
عندما يكون الإنسان في حالة السجود، يضع جميع أعضائه التي تكون ذات أهمية بالنسبة له على الأرض، ويغمر جبهته في التراب، ويعترف بصغر حجمه بين يدي الله تعالى. إذا ذكرت صفة الله الأعلى في تلك الحالة، وكنت متذللا ومتواضعا ومطيعا لعظمة ورفعة الله سبحانه وتعالى، وعندما نعترف أثناء السجود أن الله تعالى هو الأعلى على كل شيء، وبالتحدث إلى الله بهذه الصفة، في ذلك الوقت يرتفع مستوى التقرب للإنسان، ومن الممكن أن نقول أن هذه الحالة هي أفضل حالة عبودية للإنسان سبحانه وتعالى.
الصلاة هي الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الله عز وجل، وبالتالي يجب أن تكون جميع أجزاء جسمك موجهة نحوه. من الضروري أن يتجه العبد بقلبه خلال الركوع والسجود، حيث يعظم الله سبحانه وتعالى في حالة الركوع، ويجب أن يكون العبد متذللا تجاه عظمة الله. وعند السجود، يكون ذلك اعترافا من العبد بأن الله أعلى وأعظم من أي شيء.
” لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قَالَ النَّبِيُّ (ص): اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ. فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال النَّبِيُّ (ص): اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ”.
ذكر اسم الله العظيم في الركوع و اسم الله الأعلى في السجود سنة أم فرض
اختلف الفقهاء في قولهم أو فرضيته حول سنة معينة. وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن شخص يقول سبحان ربي الأعلى في الركوع وسبحان ربي العظيم في السجود سهوا، هل يجب عليه أن يسجد للسهو؟ فأجاب بأنه يجب عليه أن يسجد للسهو، لأنه يجب عليه أن يقول سبحان ربي العظيم في الركوع وسبحان ربي الأعلى في السجود. فإذا سها وقال سبحان ربي العظيم في السجود وسبحان ربي الأعلى في الركوع ساهيا، فإنه يجب عليه أن يسجد للسهو قبل أن يسلم من السجدتين.
- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه، فإنه يُسنُّ له أن يسجد للسَّهو، كما لو قال: «سبحان رَبِّيَ الأَعلى» في الرُّكوع، ثم ذَكَرَ فقال: سبحان ربي العظيم، فهنا أتى بقول مشروع وهو «سبحان رَبِّيَ الأَعلى» ، لكن «سبحان رَبِّي الأعلى» مشروع في السُّجود، فإذا أتى به في الرُّكوع قلنا: إنك أتيت بقول مشروع في غير موضعه، فالسُّجود في حقِّكَ سُنَّة.
- يقول شيخ الإسلام رحمه الله: ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهِ. فَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَد وَإِسْحَاقَ ودَاوُد وَغَيْرِهِمْ وُجُوبُهُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابُهُ. وَالْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَتَعَيَّنُ ” سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ” و ” سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ” لِلْأَمْرِ بِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ يَذْكُرُ بَعْضَ الْأَذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ. وَالْأَقْوَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّسْبِيحُ إمَّا بِلَفْظِ ” سُبْحَانَ ” وَإِمَّا بِلَفْظِ ” سُبْحَانَك ” وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ سَمَّاهَا ” تَسْبِيحًا ” فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ التَّسْبِيحِ فِيهَا وَقَدْ بَيَّنَتْ السُّنَّةُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ كَمَا سَمَّاهَا اللَّهُ ” قُرْآنًا ” وَقَدْ بَيَّنَتْ السُّنَّةُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ الْقِيَامُ ، وَسَمَّاهَا ” قِيَامًا ” و ” سُجُودًا ” و ” رُكُوعًا ” وَبَيَّنَتْ السُّنَّةُ عِلَّةَ ذَلِكَ وَمَحَلَّهُ وَكَذَلِكَ الْمَنْقُولُ عَنْ مالك إنَّمَا هُوَ كَرَاهَةُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى ” سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ” لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهَا فَرْضٌ؛ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَالِكًا أَنْكَر أَنْ تَكُونَ فَرْضًا وَاجِبًا. وَهَذَا قَوِيٌّ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ جِنْسِ التَّسْبِيحِ فَإِنَّ أَدِلَّةَ وُجُوبِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
- وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدَاوِمُ عَلَى التَّسْبِيحِ بِأَلْفَاظِ مُتَنَوِّعَةٍ وَقَوْلُهُ ” اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ وَفِي سُجُودِكُمْ ” يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا مَحَلٌّ لِامْتِثَالِ هَذَا الْأَمْرِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُقَالُ إلَّا هِيَ مَعَ مَا قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ غَيْرَهَا. وَالْجَمْعُ بَيْنَ صِيغَتَيْ تَسْبِيحٍ بَعِيد بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالدُّعَاءِ. فَإِنَّ هَذِهِ أَنْوَاعٌ وَالتَّسْبِيحَ نَوْعٌ وَاحِدٌ فَلَا يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ صِيغَتَيْنِ. وَأَيْضًا قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: {أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ أَرْبَعٌ وَهُنَّ مِنْ الْقُرْآنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ} . فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا. فَإِنْ جُعِلَ التَّسْبِيحُ نَوْعًا وَاحِدًا ف ” سُبْحَانَ اللَّهِ ” و ” سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ” سَوَاءٌ وَإِنْ جُعِلَ مُتَفَاضِلًا ف ” سُبْحَانَ اللَّهِ ” أَفْضَلُ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
- وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: `سبح اسم ربك الأعلى` و `فسبح باسم ربك العظيم` يأمر بتسبيح ربه بأي صيغة. فعندما يقول `سبحان الله وبحمده` أو `سبحانك اللهم وبحمدك`، فقد سبح ربه الأعلى والعظيم. فإن الله هو الأعلى وهو العظيم.