لماذا بني تاج محل ؟
يعد تاج محل تحفة فنية معمارية رائعة تبهر زائريها وكل من يراها، وتأسر العيون بجمال تصميمها وبنائها، فهو عبارة عن مقبرة مدفون بها زوجة الإمبراطور المغولي “شاه جيهان” وتدعى “ممتاز محل”، وموقعه في أكرة بشمال الهند، وهو عبارة عن مقبرة ومسجد، وقد تم الشروع في تشييده سنة 1632م، وتم تصميمه بدايةً من خلال مهندس يدعى “عيسى شيرازي”.
أحب الإمبراطور المغولي زوجته بحب شديد وعشقها، وعندما توفيت بنى لها هذا التحفة الفنية ليحتوي رفاتها، وذلك بسبب صدمته العميقة التي شعر بها بعد وفاتها، ولإخلاصه الشديد لها ووفائه وبقائه على عهده معها في الحب، وليظل اسمها عالقًا في أذهان الناس إلى الأبد.
سبب تسميته تاج محل : أطلق على هذا البناء اسم تاج محل، مستوحى من اسم زوجة الإمبراطور المغولي ممتاز محل. تم بناء هذا البناء من الرخام والمرمر الأبيض المستورد من جدهابور في الهند. يحتوي هذا البناء على مجموعة من المآذن في كل ركن، وتعد هذه المآذن تحفة فنية بشكلها الرائع والمنسجم مع بعضها البعض، ويبلغ طولها 37 مترا، ويوجد في كل ركن دائري في المقبرة والمسجد به ثلاث نوافذ. وضعت هذه المقبرة في المنتصف بتصميم رباعي الشكل، وفي منتصف البناء يقع القبة الأساسية التي يبلغ طولها 22 مترا وعرضها 17 مترا. يوجد أربعة واجهات، وكل منها له باب مرتفع، وتحت القبة يوجد قبر الزوجة وبجوارها قبر زوجها.
وكانت ممتاز محل زوجة الإمبراطور شاه جيهان الثالثة، وقد توفيت أثناء ولادتها لأطفالهما الرابع عشر، وبسبب حب الإمبراطور الشديد لها وولهه وولعه بها، فقد صدم بشدة بعد وفاتها، ولذلك قرر بناء هذا المقام تخليدا لها ولكي تبقى ذكراها حية في أذهان الناس. استغرق العمل في بناء المقام خمس سنوات، ولكن عندما انتهى الإمبراطور من بنائه، حدث انقلاب من قبل ابنه “أور أنكزيب” ضده، ليتم إبعاده عن الحكم. تم وضع الإمبراطور تحت الإقامة الجبرية بالقرب من حصن يسمى “أغرا”، ثم توفي الإمبراطور بعد ذلك، وقام ابنه بدفنه بجوار زوجته. في القرن التاسع عشر، خلال الثورة التي نفذتها الهنود ضد البريطانيين، تعرض هذا المبنى للتدهور والإهمال من قبل البريطانيين. لكن نائب الملك الذي يلقب باللورد “كارزون” أمر بإصلاح ما تضرر من تاج محل واستعادته لرونقه الأصلي وإعادة ترميمه.
يعد تاج محل واحدا من أشهر الآثار الهندية التي يقصدها السياح من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بمشاهدته، وخاصة في شهور الشتاء التي تتميز بالمناخ البارد، وقد أصدرت الحكومة الهندية قرارا يمنع اقتراب السيارات منه، حفاظا على سلامته من الضرر والتلوث، ويجب على السياح الوصول إلى تاج محل سيرا على الأقدام أو باستخدام الحافلات الكهربائية.
عند إنشاء هذا المبنى، استوردوا المواد اللازمة لتأسيسه من العديد من الدول، مثل الصين وسيريلانكا والبنجاب وراجستان والجزيرة العربية.
وقد قام بتشييده عدد كبير من المهندسين متعددي الجنسيات، وكان عدد العاملين به ما يقارب من عشرين ألف فرد ومهنيين من العديد من الدول أيضاً فمنهم السوريين والبخاريين الوافدين من بلاد فارس، بالإضافة إلى العمالة الهندية الرئيسية، وهذا البناء مثالاً حياً يرمز إلى التطوير الكبير الذي اتسم به مجال العمارة إبان حكم المغول، وقد تم تصميمه معمارياً بحيث يحوي نوعين من أنواع الفنون ألا وهما الفن الفارسي الإسلامي والعمارة الهندية.
في وقتٍ ما من الماضي، كان المغول شرسين وكانوا يخوضون حروبًا ومعارك مع الدول الأخرى، ومع ذلك، كان هذا النهج يعكس عدم قدرتهم على الاستجابة للعصر ومواكبة الحضارة وعدم تحقيقهم للتطور والتحديث الذي وصل إله العالم في ذلك الوقت.
تم تسجيل تاج محل هذا الصرح المعماري الرائع في موقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو في عام 1983، باعتباره أحد أروع الأماكن الإسلامية والفنية في الهند،وتم تصنيفه كتحفة فنية إسلامية رائعة وعظيمة في العالم، وقد شهد الناس جميعًا جماله وروعته وعظمته الفنية.