كيفية صلاة قيام الليل بالتفصيل
تعد صلاة القيام من أفضل الصلوات، ومن الوسائل اليسيرة التي تقربنا من الخالق جل وعلا. فهي من السنن المؤكدة التي حرص عليها رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، حيث كان يصلي حتى تتورم قدماه. والجدير بالذكر أن رسولنا الكريم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تطلب منه أن يستريح، فإذا غفر له يقول: “أفلا أكون عبدا شكورا
صلاة قيام الليل
يقول الله جل وعلا : يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل:1-4]، وقال في وصف عباده المتقين: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17-18] ، وقال عن عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64].
صلاة الليل ليس لها عدد محدد، ولكن يجب علينا اتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان رسولنا يصلي التراويح بعدد 11 أو 13 ركعة، كما ورد في الصحيحين. وإذا صلى المرء التراويح بأكثر من ذلك، مثل 20 أو 40 ركعة أو أكثر، ثم ختم صلاته بركعة واحدة، فلا بأس بهذا. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بركعة واحدة”، وهذا يعني أن صلاة الليل ليس لها حد محدد. ولهذا قال: “صلاة الليل مثنى مثنى”، دون تحديد عدد معين. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “فإذا خشيت الفجر فصل ركعة واحدة توتر لك ما قد صليت”، وهذا هو الأمر المشروع في هذا الباب.
وقت صلاة قيام الليل
وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بعد صلاة العشاء وسنة الراتبة إلى طلوع الفجر كله محل تهجد بالليل.
وأفضل ذلك آخر الليل الثلث الأخير هذا أفضل ذلك. وإن أوتر في أول الليل أو من وسطه فلا بأس، قد فعل النبي ﷺ هذا كله، قد أوتر من أول الليل عليه الصلاة والسلام، وأوتر من وسطه، وأوتر من آخره، كما قالت عائشة رضي الله عنها، ثم استقر وتره في السحر عليه الصلاة والسلام.
صفة صلاة قيام الليل
وفقا لما قاله الإمام ابن باز، فإنه يجوز أن يصلي القيام جماعة في بعض الأحيان مع أهله أو مع زواره دون أن يتحول إلى عادة، ولكن إذا زاره بعض إخوانه وصلوا جماعة فلا بأس، فقد زار سلمان أبا الدرداء في بعض الليالي وصلى معه جماعة في الليل وصلى النبي صلى الله عليه وسلم الضحى جماعة في منزل أنس.
إذا صلى النوافل جماعة في بعض الأحيان، دون أن يتخذوا ذلك عادة راتبة، فلا بأس بذلك، ولا يوجد حرج في ذلك.
عدد الوترات يكون على الأقل واحدا، ولا يوجد حد أقصى له، ولكن الأفضل هو وجود إحدى عشرة أو ثلاث عشرة وتعد هذه هي الأفضل، وهكذا فعل النبي ﷺ.
هل صلاة قيام الليل سرية أو جهرية ؟
يجوز أن يجهر ويجوز أن يسر، تقول عائشة رضي الله عنها: أُدلى بعبارة `كل ذلك قد فعله النبي ﷺ`، وقد يكون قرأ النبي ﷺ علانيةً أو حفظ ما قرأ.
يقوم المؤمن بفعل ما هو أصلح لقلبه وأقرب إلى إحساسه، فإذا كانت قراءته بصوت عالٍ تناسب قلبه فإنه يقرأ بصوت عالٍ، وإذا كانت سرية تناسب قلبه وتعبر عن رقته، فإنه يفعل ذلك بسرية.
فضل صلاة قيام الليل
قال النبي ﷺ في حديث جابر عند مسلم: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل خرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر ، ولأن الرسول ﷺ أوتر من أول الليل، وأوتر من وسطه، وأوتر من آخره، فالأمر واسع، وقد أوصى عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء و أبا هريرة بالوتر أول الليل، والسر في ذلك والله أعلم أنهما كانا يدرسان الحديث، فربما شق عليهما القيام في آخر الليل، فأوصاهما بالإيتار قبل النوم.
فالمؤمن يجاهد نفسه في هذا والحمد لله ليس بفريضة إنما هو سنة، سنة مؤكدة وكان يفعله النبي في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، كان في السفر والحضر يوتر ويتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام. فمن فعل هذا فقد أحسن وله أجر عظيم ومن ترك ذلك فلا حرج عليه لكنه ترك أمرًا عظيمًا وسنة كبيرة .
صلاة الليل هي عبادة عظيمة ومن سنن الأنبياء ودأب الصالحين، وكما ذكر في الحديث، فإنها تكفر السيئات وتقربنا إلى الله تعالى، وهي من عادات الصالحين الذين سبقونا.
ينبغي على المؤمن تأسيا بالأنبياء والأخيار، أن يعتاد قيام الليل والسجود لله، كما قال الله في سورة الفرقان: والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما، وفي سورة الذاريات: كانوا قليلا ممن يهجعون من الليل وبالأسحار هم يستغفرون، وفي سورة السجدة: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا، ومما رزقناهم ينفقون، فلا يعلم الإنسان نفسه ما أخفى له من قرة أعين جزاء بما كان يعمل.
ترغب الله جل وعلا في هذهالأمور كثيرًا، وكذلك نبيه عليه الصلاة والسلام، لذلك ينبغي للمؤمن أن يحرص على الاقتداء بهذا الأمر والعمل على تحقيقه .
صوارف صلاة الليل
من الصوارف السهر، يعني السهر في القيل والقال، والأحاديث التي لا فائدة فيها، أو في مشاغل الدنيا كالصناعة والجشع والحرص على المال، يعمل ليلًا ونهارًا لجمع المال والحرص على المال، فإذا سقط في الفراش سقط سقوط الميت، لا يستطيع أن ينهض للعبادة، وربما ترك صلاة الفجر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ينبغي للمؤمن أن ينام باكرا ويبذل جهدا في ذلك، حتى يتمكن من القيام في آخر الليل أو أن يصلي قدر المستطاع قبل النوم، ثم ينام باكرا حتى يتمكن من القيام لصلاة الفجر وأدائها في الجماعة. فمن يفعل هذا فقد أحسن، ومن يتساهل يقع في ما وقع فيه المنافقون، ويفوت الخير ويحصل على الشر والندامة، وقد قال تعالى: “إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم، وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا” [النساء:142]. لذلك، ينبغي للمؤمن أن يتجنب التشبه بهم في جميع الأحوال.