قصة موسى بن ابي الغسان عندما رفض الاستسلام
موسى بن ابي الغسان: هو آخر فرسان شجعان في غرناطة وآخر مجاهدي الأندلس، حيث قاوم ورفض تسليم غرناطة للنصارى، وظل يدافع حتى توفي وهو يجسد مظاهر الفروسية والبطولة والقيم، وهو أحد أمثلة دفاع المسلمين عن دينهم وأرضهم.
نشأة موسى بن ابي الغسان:
ولد موسى بن ابي الغسان في غرناطة، وعاش فيها طوال حياته، وتعود اصوله إلى أحد الأسر العربية العريقة في غرناطة ويعود إلى قبيلة آل غسان العربية اليمانية العريقة، وهي أحد الاسر التي كانت تحكم بلاد الشام قبل دخول الاسلام، وكانت لأسرة موسى علاقة وثيقة بقصر الملك وكانت تعتبر من الاسر الغنية ذات الجاه والسلطة.
قصة موسى بن أبي الغسان عندما رفض الاستسلام
نشأ موسى بن أبي الغسان على حب الفروسية والجهاد، ونشأته كانت دينية ومعروف عنه الكرم والأخلاق الحميدة، وتميز بمهارته في المبارزة وحبه للفروسية، وكان له مكانة اجتماعية كبيرة في غرناطة حيث كان رئيس عشيرته وقائد فرسان غرناطة، وكان أحد رجال بلاط الملك أبي عبد الله الصغير.
وقد أتاح له قربه من الملك الكثير من المشاركات في صناعة الأحداث والقرارات بشكل ايجابي في غرناطة، كما كان لديه القدرة في التصدي لأي من الدعاوي الاستسلامية، وعلى الرغم من استكانة الملك اتجاه ملكي اسبانيا، إلا أنه كقائد لفرسان غرناطة لم يستسلم وقام بالكثير من الحملات ضد الأعداء.
في عام 896 هجريا، حاصرت إسبانيا غرناطة من كل الجهات، سواء عبر البحر أو البر، مما أدى إلى ضعف الملك والمسؤولين في الدولة وزيادة استسلامهم أمام ملوك إسبانيا. بعث ملك فرنسا فرناندو الخامس برسالة إلى ملك غرناطة يطالبه بتسليم الحمراء. وعلى الرغم من قبول الملك والعديد من المسؤولين في الدولة لهذا الطلب، حيث رأوا أنه لا يوجد حلا سوى الاستسلام وأنه لا يوجد سبيل للمقاومة والصمود، إلا أن موسى بن أبي الغسان كان من أشد المعارضين لهذا القرار.
تجمع حول موسى الكثير من فرسان غرناطة واستعدوا لقتال أعدائهم، وكان يبث فيهم الحماس وهو يقول بشجاعة وحماس (ليعلم ملك النصارى أن العربي قد ولد للجواد والرمح، فإذا طمح إلى سيوفنا فليكسبها غالية، أما أنا فخير لي قبر تحت أنقاض غرناطة، في المكان الذي أموت مدافعاً عنه، من أفخم قصور نغنمها بالخضوع لأعداء الدين).
التقى فرسان غرناطة وجيش الإسباني ونشبت بينهم بعض المعارك، وعلى الرغم من خروج أهل غرناطة إلى جانب موسى بن ابي الغسان وبلائهم بلاء حسن في الكثير من المعارك، إلا أن انتهى الامر بانهيار صفوفهم ورجوعهم إلى داخل غرناطة، واستمر موسى وبعض من رفاقه في ساحة المعركة قبل أن يضطروا إلى العودة داخل غرناطة.
شعر أهل غرناطة باليأس الشديد بعدما انتهت معركتهم الاخيرة بالخسارة، وبعدما طالت مدة الحصار واشتد الجوع والمرض، وفي النهاية اتفق الجميع على الاستسلام، وأنه لا جدوى من المقاومة إلا أن موسى اعترض مرة أخرى وحاول أن يحثهم على المقاومة وهو يقول (لنقاتل العدو حتى آخر نسمة، وإنه خير لي أن أحصى بين الذين ماتوا دفاعاً عن غرناطة من أن أحصى بين الذين شهدوا تسليمها).
لم يستجب أحد لنداء موسى ولم يؤيده أحد في رفضه للاستسلام. وفي يوم توقيع وثيقة الاستسلام، غادر موسى الاجتماع بعدما فشل في إقناعهم بالتراجع عن الاستسلام. ثم ذهب موسى إلى منزله وارتدى زي الحرب وركب جواده وغادر غرناطة. وفي ضفة نهر شنيل، التقى ببعض فرسان الأعداء وهاجمهم وقاتلهم ببسالة وشجاعة، ورغم إصابته الخطيرة، رفض الاستسلام واستمر في المقاومة حتى فقد كل قواه ورفض الأسر، فقام برمي نفسه في النهاية.