قصة لوحة الطفل الباكي
لوحة الطفل الباكي The Crying Boy” هي لوحة للفنان التشكيلي الإيطالي برونو اماديو المعروف باسم “جيوفاني براغولين”، والتي تعرف أيضا باسم “لوحة فتيان الغجر”. اشتهرت هذه اللوحة بسبب تعابير وأحاسيس تعبر عن الرحمة والشفقة تجاه الطفل الحزين وعينيه الدامعتين، وتم إنتاج العديد من النسخ المشابهة لهذه اللوحة وهي تصور فتيان وفتيات صغار يبكون .
في عام 1969، كان الفنان برونو اماديو يتجول في شوارع مدريد. وخلال سيره، سمع صوتا متقطعا لبكاء. فاتجه إلى مصدر الصوت ووجد طفلا يرتدي ملابس قديمة، يجلس خارج إحدى الخانات القريبة ويبكي. نادى اماديو على الطفل وسأله إن كان هناك مشكلة. نظر الطفل إليه صامتا، وكانت دموعه تسيل. شعر اماديو بالشفقة عليه وأخذه معه وقدم له الطعام، ورسم له لوحة بورتريه. ومنذ ذلك الحين، كان الطفل يزوره كثيرا، ورسم له العديد من اللوحات. والغريب في الأمر أنه في كل زيارة للطفل لاماديو، كان يبكي ولا يتكلم، وهذا يفسر النسخ الأخرى التي رسمها جيوفاني للطفل وهو يبكي .
وبعد فترة قصيرة زار جيوفاني كاهنا كان يبدو عليه الارتباك ، حيث أنه رأى صورة الطفل ، وأخبره بأن اسمه ” بونيللو ” وسبب بكاء الطفل هو أن منزله تعرض للحريق ورأى والده بعينه وهو يتفحم من الحريق حتى الموت ، فاصبح الطفل يجوب في الشوارع وهو يبكي طوال الوقت . فنصح الكاهن جيوفاني بألا يساعد الطفل أكثر من ذلك لأنه أينما ذهب تشب النار في إثره ، وبعد سماع جيوفاني نصيحة الكاهن شعر بالرعب كيف لرجل دين أن ينصحه بأن يكف عن مساعدة طفل يتيم وضعيف ، ولذلك لم يأخذ بنصيحة الكاهن ، وتبنى الطفل ، وفي تلك الفترة أصبح يرسم له الكثير من البورتريهات ، وعرض رسوماته في أوروبا حتى أصبح من أشهر الأثرياء جراء هذه اللوحات .
عاش الرسام والطفل حياة سعيدة ومريحة حتى وجد جيوفاني منزله محترقًا وفقد جميع لوحاته، عدا لوحات الطفل الباكي. اتهم جيوفاني الطفل بإشعال النار عمدًا، ولكن الطفلهرب من المنزل ولم يعد يراه جيوفاني أو يعرف عنه أي شيء .
وفي عام 1976 ، ورد في الأخبار عن حادث سيارة كبير وقع في برشلونه ، حيث أن سائق السيارة اصطدم في جدار خرساني لسرعته في القيادة فاحترقت السيارة ومات السائق بداخلها وتشوهت ملامحه فلم يعد يعرف هويته ، ولكن تم العثور على جزء من رخصة قيادة السائق التي تبين بأنه شاب يبلغ من العمر 19 عاما وكان اسمه دون بونيللو ، وبعد فترة ظهرت تقارير صحفية عديدة عن حوادث حريق غريبة في أوروبا ، وانه لم يعثر في السجلات على موت شاب باسم بونيللو في حادث سيارة ، ولا حتى عن حريق منزل باسم برونو أماديو أو جيوفاني براغولين ، ولذلك تعددت الأقاويل والأساطير في شأن هذه اللوحة ، خاصة أن جيوفاني براغولين ، رسم العديد من اللوحات باسم لوحة الطفل الباكي وكان الأطفال بهيئات مختلفة وبأعمار مختلفة ، وقد يكون بونيللو واحدا من هؤلاء الأطفاء .
ذكرت صحيفة الصن داي البريطانية ، بأن هناك بعض رجال الأطفال ذكروا بأن جميع المنازل التي احترقت وكانت تحوي هذه اللوحة تفحمت فيما عدا اللوحة ذاتها ، وقد اعتقد الكثير من الناس بأن روح الطفل كانت تحوم حول اللوحة وصدقوا هذه الرواية ، فقاموا بالتخلص من اللوحة خوفا من اندلاع حريق في منازلهم .
يفسر البعض سر نجاة لوحات الطفل الباكي من حوادث الحريق هي المواد التي كانت تصنع منها اللوحات ، حيث أنه عادة عندما يتم عمل نسخ ضخمة من لوحات معينة يتم طباعتها على أسطح قوية ، وكانت لوحات الطفل الباكي تصنع من ألواح مضغوطة تتسم بصعوبة اشتعالها ، مما يفسر عدم احتراق اللوحات في المنازل التي كانت تحترق .
جميع هذه الأقاويل والأساطير عن اللوحة لم تؤثر في شعبيتها بل العكس تماما، فقد ازداد الإقبال على اللوحة، خاصة في بداية القرن الواحد والعشرين، حيث لا يوجد منزل بدون وضع هذه اللوحة. وفي عام 2006، قامت مجموعة الطلاب الهولنديين المعجبين باللوحة بمحاولة تجميع نسخ اللوحات التي تبلغ 27 لوحة للطفل الباكي، بهدف وضعها في موقع إلكتروني، ولكن سرعان ما اختفى الموقع .