قصة فريدا كاهلو
يقول الفنان والرسام العالمي بيكاسو: `الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية`. ولكن أي نوع من الفن يمكن أن يمسح هذا الغبار الذي تراكم على هذه الفنانة المكسيكية الذي كانت سرير المرض هو مصدر إلهامها الخاص، لم تخرج كثيرا لترسم العالم الجميل مثلما يفعل الرسامون، بل بقيت في عالمها الخاص الذي فرض عليها وهو سرير المرض لترسم من خلاله جميع اللوحات التي تعبر فيها عن آلامها وأمراضها، ومن الممكن أن ينشأ المرض فنا على يدي فريدا كاهل.
نشأة فريدا كاهلوا
في ضواحي مدينة كويومان في المكسيك، ولدت فريدة في السادس من يوليو سنة 1907، وتوفت في 13 يوليو سنة 1954 في نفس المدينة. والدها يهودي الديانة وألماني الأصل وهاجر من ألمانيا إلى المكسيك، وتزوج من والدتها المكسيكية الأصل. وعندما كانت في السادسة من عمرها، أصيبت فريدا بمرض وبعدها أصيبت بشلل الأطفال، مما أدى إلى تعرض رجلها اليمنى للأذى. كان هذا الأمر سببا في تأثرها نفسيا كثيرا بسبب الإعاقة التي أصيبت بها في قدمها. لم ترتدي فريدا الفستان إلا وكانت تضع معه الجوارب الصوفية حتى في أوقات الصيف الحارة لإخفاء إعاقتها.
موهبة فريدا كاهلو الفنية
في سنة 1925 ميلادية تعرضت فريدا كاهلو لحادث باص وهذا الحادث اضطرها إلى النوم ممددة على ظهرها بدون حركة لمدة سنة كاملة، كانت أمها تشفق عليها وقد سجنها المرض في هذا السرير البغيض الذي كان بمثابة السجن الذي لا مفر منه، برغم من أن أمها قد أتت لها بسرير مريح متنقل وقامت بوضع مرآة ضخمة في السقف حتى تؤانس وحدتها إلا أن هذا لم يكن كافياً بعد ليخفف عليها سجنها في السرير.
وجدت فريدا نفسها في حالة من الذعر في النهاية، فطلبت منهم أن يحضروا لها فرشاة وألوان وأوراق لترسم عليها، ولكن لم تكن العالم مفتوحًا أمامها حتى تتمكن من رسم المناظر الرائعة، فكانت تحتاج فقط إلى وجهها الذي كان يظهر في هذا المرآة الضخمة في سقف الغرفة.
فريدا كاهلو تقضي عاما كاملا في غرفتها، وعلى سريرها، والمرض يثقل عليها، ولا شيء تستطيع محاربته في هذا السجن سوى ريشتها والألوان التي تشكل كل آلامها وتجاربها الصعبة التي مرت بها في مكان واحد لمدة عام كامل في مستطيل لا يمكنها حتى الوقوف لترى ما يوجد خلف شباك غرفتها.
لم ترسم فريدا الرسم الأكاديمي على الرغم من أنها تلقت بعض الدروس الخاصة من أحد الأساتذة، ولكن محور أعمالها كان ينبع من الواقع والقدر المحتوم الذي لا يمكن تغييره، فقد كانت تعاني من الآلام والعذاب الذي يضيق بها الزرع، وكان الرسم هو المتنفس الوحيد لها. كانت تجربتها الخاصة ومعاناتها هي منبع خيالها، وكانت لوحاتها واقعية للغاية وقابلة للفهم وغير مستعصية في الإدراك. كانت لوحات الفنانة فريدا كاهلو توثق لنا جميع الحكايات التي عاشتها فريدا بكل بساطة، حتى أن المشاهد البسيط يمكنه فهم المعاني التي تريد فريدا إيصالها عبر رسوماتها.
زواج فريدا كاهلو
كانت فريدا تعشق الفنان المكسيكي دييغو ريفيرا وأرادت أن تتزوجه على الرغم من اختلاف السن بينهما بعشرين عاما. وفي الواقع، تزوجا وبدأت الحياة تبتسم لها، لكن حبه لم يكن كافيا ليكون مخلصا لها، وقام بخيانتها مع أختها، وحدثت العديد من المشاكل بينهما مما أدى في النهاية إلى الطلاق في عام 1939. ولكنهما تزوجا مرة أخرى في سان فرانسيسكو في عام 194.
أخر أيام فريدا كاهلو ووفاتها
كان الزوجان فريدا كاهلو ودييغو ريفيرا متعاطفين مع الشيوعيين، مما دفعهما لإيواء ليون تروتسكي الهارب من ستالين في منزلهما في نفس المدينة قبل أن يتم اغتياله.
قبل أيام قليلة من موت فريدا كاهلو كتبت في مذكراتها (أتمنى أن خروجي من هذه الدنيا يكون ممتعاً، وكم أتمنى ألا أعود إلى هذه الدنيا مرة أخري) وتوفت بعدها سنة 1954 بسبب مشكلة بالصمام رئوي، كانت أيامها الأخيرة ليست ممتعة بل كانت الآلام تلازمها فقد كانت مريضة للغاية في السنة الأخيرة لها وقد بُترت رجلها حتى الركبة بسبب الغرغرينا، وكانت إصابتها بالتهاب في الرئة أخر الآلام التي نالت من جسدها الهزيل وصحتها البالية.