قصة عن التبذير
ما المقصود ب التبذير
يُعرَّف التبذير في اللغة بالتفريق أو الإسراف في النفقات، وهو ما يدل على إنفاق الشيء بلا فائدة أو نثره، وفي الاصطلاح، يُعرَّف بأنَّ التبذير هو إنفاق المال في غير حقه، ويُمكن أن يشمل ذلك صرف المال في بعض الأمور العامة أو الخاصة التي لا تستدعي ذلك.
ولكن هناك فرق بين التبذير والإسراف وهو ما قد لا يعرفه البعض حيق إنه على الرغم مة اقتراب كلاً من مصطلحي التبذير والإسراف في المعنى والمفهوم إلا أن هناك بعض الفروق بينهما حيث قيل أن الإسراف هو صرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي، على العكس من التبذير الذي يقصد به صرف الشيء فيما لا ينبغي.
قصة عن التبذير للأطفال
هل يوجد شيء أجمل من الوقت الذي يمضيه أحد الوالدين أو كلاهما مع أطفالهما قبل النوم في سرد قصة ممتعة؟ إنه وقت محبب جدا للأطفال. ومن خلال هذه القصة ، يمكن إيصال القيم والمبادئ والمعاني الحياتية المهمة والرائعة للأبناء ، والتي تساعد في تشكيل شخصيتهم وتطوير أفكارهم بما يصب في صالحهم. ومن بين هذه القصص الهامة هي تلك التي تتناول مسألة التبذير والآثار السلبية للإسراف والتبذير على الفرد والمجتمع.
منذر طفل مبذر
منذر طفل ينتمي إلى عائلة غنية جدًا، حيث يمتلك والده الكثير من المال ويخصص له مصروف يومي وفير، ومنذ الصغر كان ينفق كل ما يملكه من المال على أشياء غير مجدية وعادة ما تكون حلوى أو ألعاب، ولديه الكثير منها.
وعلى الرغم من مبلغ المال الذي يمنحه إليه والده لم يكن منذر يراه كافياً ولكنه كان يطلب المزيد وحين كان يعترض والده كان يتجه منذر إلى والدته يطلب منها النقود لكي يشتري الحلوى والألعاب، وقد بلغ حبه للشراء والإنفاق في أشياء لا فائدة منها أنه كان يكذب على والدته في كونه لم يأخذ مصروفه لذلك اليوم من والده.
لاحظ والد منذر سلوك ابنه وأفعاله وما وصل إليه الحال، وبدأ في مراجعة نفسه واللوم على حاله؛ لأنه لم يعلم ابنه قيمة المال وأنه نعمة من الله يجب إنفاقها في ما يرضي الله وفقًا لأمر الله دون إسراف أو تبذير. وقد بدأ في إعداد خطة لتعليم ابنه قيمة المال.
في صباح يوم الجمعة استيقظ منذر وكان ذلك اليوم إجازة من الدراسة ولن يذهب إلى المدرسة ولأن والده يعلم كم يحب ابنه المال أخبره أن جار لهم يحتاج أحد ليساعده بالعمل في حديقة منزله، فسأله منذر كم سيتقاضى مقابل ذلك العمل فأجاب الوالد ضعف ما أعطيه لك من مصروف يومي، فوافق منذر على الفور.
بدأ العمل في الحديقة وبعد كل ساعة من العمل يشعر منذر بالإرهاق والتعب، ولكنه يواصل العمل بلا توقف، متطلعا للحصول على أجره نهاية اليوم. وفي النهاية، بعد بذل الجهد والتعب، ينجح منذر في إنجاز عمله بنجاح ويحصل على ماله. يذهب على الفور إلى متجر الحلوى والألعاب الذي يحلم به طوال اليوم، ولكنه يتذكر المجهود الكبير الذي بذله للحصول على هذا المال. يقرر منذر بعد ذلك أن يدخر هذا المال ولا ينفقه إلا على أمور هامة، ويشتري فقط قطعة حلوى واحدة. فهو طفل صالح يتعلم الدروس بسرعة، ويقوم بسرد قصته ليعبر عن التبذير ويفيد زملائه من خبرته.
قصة عن التبذير في رمضان
قال تعالى في كتابه العزيز (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) سورة الإسراء الآية 27)، حيث إن تلك الآية الكريمة تشير إلى مدى ما يعد التبذير من المعاصي والذنوب البغيضة التي ينبغي على المسلم تجنبها حتى لا يقع في الإثم.
يعتبر شهر رمضان شهر الكرم، حيث يتم تحضير الموائد والولائم والعزائم للأسرة والأصدقاء الذين يجتمعون فيه لتناول الأطعمة اللذيذة والحلويات والمشروبات بعد يوم طويل من الصيام والجوع والعطش. وفي اليوم الأول من رمضان، كانت عائلة الصبي طه مشغولة في إعداد وجبة الإفطار لأسرة محمد، الذي هو صديق للصبي ووالده ووالدته، حيث إنهم أصدقاء للعائلة منذ زمن بعيد.
والد طه قد اشترى الكثير من اللحوم والطيور والعديد من أصناف الحلوى التي تكفي لأسرتين على الأقل، بل وربما تكفي لثلاث أسر، وعندما دقت أذان المغرب، جلست العائلتين على المائدة بعد أن أنهوا صلاة المغرب جماعة. تناولوا الطعام بشهية واستمتاع، وبعد الانتهاء من الوجبة وتناول الحلوى، بقيت الأصناف كما هي، ليس بسبب عدم تناولهم ولكن بسبب وفرة الطعام الزائدة عن حاجتهم.
نظر طه إلى الطاولة بينما كانت أمه تجمع الطعام، وتذكر أسرة فقيرة تعيش في منزل مجاور، وعلم أنهم يتطلعون إلى تلك الوجبة التي قد تكفيهم لمدة يومين أو أكثر. فطلب من والدته أن تسمح له بجمع الطعام ووضعه في أطباق بلاستيكية بشكل منظم، وأخذ إذنها لزيارة جيرانهم وتقديم تلك الوجبة لهم. ووافقت والدته على الفور، وفعل طه بالفعل ذلك، وسعد جيرانهم كثيرا بلطف جارهم ودعوا الله أن يبارك له.
أراد طه أن يعلم والديه ما تعلمه في ذلك اليوم من أهمية الحفاظ على نعم الله والتمتع بها دون إسراف أو تبذير، وتذكر في تلك اللحظة قصة تتعلق بموضوع الاسراف قد روتها لهم المعلمة في المدرسة. اتفق طه مع صديقه محمد على أن يروي كل واحد منهما قصة للأسرتين، ويحدد الوالدين أي من القصتين هي الأجمل والأكثر فائدة.
بدأ طه بسرد قصته التي دارت أحداثها عن حفظ النعمة وآثار التبذير على حياة المسلم في الحياة الدنيا والآخرة كما وقد ذكر بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة عن التي ورد بها النهي عن التبذير مثلما جاء في قول الله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، [الأعراف: 31]، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم (كلُوا، و اشربُوا، و تصدقُوا، والْبَسُوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيلةٍ).
ابتسمت والدة طه ونظرت له ولأبيه بنظرة تعبر عن فهمها لمقصده، الولد الصالح الذي نجح بأسلوبه اللبق في توصيل درس هام لهما في الدين والحياة حول الإسراف والتبذير وآثارهما الضارة والمحرمة، دون أن يؤذي أو يحرج أحدهما، ومنذ ذلك اليوم، اتفق والد طه ووالدته على أن تكون جميع جوانب حياتهما، بما في ذلك الطعام والشراب والملابس، وفقا لاحتياجاتهما، متذكرين دائما جيرانهم وأقاربهم المحتاجين ومساعدتهم في كل وقت.