ادب

قصة عمرو بن العاص مع وردان الخادم

القصة المذكورة (قصة عمرو بن العاص مع وردان) تتحدث عن الحكمة التي يجب أن يتعلمها الإنسان فيما يتعلق بالحياة الدنيا وتأثيره على الأرض بعد وفاته وتركه الأثر على أهله وأولاده. وردان كان خادما لمعاوية بن أبي سفيان وأدرك هذا المعنى، وقدم درسا مهما للصحابي الجليل عمرو بن العاص، وستتعرف على هذا الدرس من خلال هذه القصة.

جدول المحتويات

عمرو بن العاص ومعاوية

في يوم من الأيام، زار الصحابي الجليل عمرو بن العاص، بيت معاوية بن أبي سفيان، أمير المؤمنين، في أواخر عمرهما، وبينما كانا يجلسان يتحدثان عن حال الدنيا وشؤون الرعية والبلاد، خطرت في ذهن عمرو بن العاص فكرة سؤال وجهه إلى معاوية: ما هي أمنيتك من الدنيا بعد أن أصبحت أمير المؤمنين وتأمر فتطاع.

أجاب معاوية بأنه تعب من كل ما هو لذيذ وشهي من الطعام والشراب والملابس، ولم يعد يشتهي شيئًا منهم أبدًا. وأن كل ما يتمناه ويشتهيه من الدنيا هو تناول قليل من الماء البارد تحت ظل شجرة في يوم صيفي حار.

سمع عمرو بن العاص كلام أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان، ثم صمت عن الكلام، لما رأى في كلامه تعلقه بالدنيا وشهواتها. وفي هذا الوقت، سأله معاوية نفس السؤال، ما الشيء الذي تتمناه من الدنيا بعد كل هذه السنوات؟ فأجابه رضي الله عنه بأنه يتمنى أن يكون لديه ينبوع ماء مستمر وغير متوقف، وأن يكون هذا الينبوع في أرض خصبة مليئة بالمحاصيل والفواكه والمواشي، وأن تفيض الخيرات الوفيرة على حياته وحياة أبنائه بعد رحيلهم إلى ربهم العزيز.

وردان درس وعبرة

وبينما كان الصحابيان يتداولان الحديث كان بالقرب منهما خادم يدعى وردان، فأراد عمرو بن العاص، أن يمازح الخادم فقام بسؤاله عما يشتهيه من متاع الدنيا، وهنا أجاب وردان: أتمنى أن أصنع معروفًا قبل أن أموت لذريتي الضعيفة حتى يبقى هذا المعروف إرثًا فيهم بعد وفاتي عملًا بقول الله عز وجل: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء:9].

أنت ما هي أمنيتك في الحياة

سؤال ينبغي أن يطرح نفسه عند استعراض هذه القصة المذهلة التي تظهر فيها الوعي الحقيقي لفهم الحياة الدنيا واندثار شهواتها، ما الذي نحتفظ به للحياة الآخرة؟ ما هي الأمتعة لهذه الرحلة؟ هذه أسئلة مهمة يجب علينا أن ندرك إجاباتها حتى نحقق السعادة الحقيقية في الحياة، فالمتع الزائلة والشهوات الزائلة، وعملك سيظل حتى يوم الدين، واعلم أن الهدف الحقيقي لوجودك هو العبادة والطاعة لله عز وجل، فقد قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} [سورة الذاريات: 56-57]، فاحرص على هذه الرحلة واستمتع بها ولا تنسى النهاية واستعد لها، كما قال الحكماء: “اعمل لدنياك كأنك تعيش إلى الأبد واعمل لآخرتك كأنك ستموت غدا

وأخيرًا وليس آخرًا أخي وأختي خلقنا لنحيا في عبادة الرحمن ونموت على طاعته حتى تكتب لنا السعادة الحقيقية في الدارين، فاصنع المعروف واتركه إرثًا لك ولذريتك نهرًا يفيض بالحسنات والخيرات، كما قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء» [ رواه الطبراني ]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى