ادب

قصة علي بن الجهم مع المتوكل

هو علي بن الجهم بن بدر بن مسعود بن أسيد بن أذينة بن كرار بن بكعب بن مالك بن عتبة بن جابر بن الحارث بن عبد البيت بن الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكانت لقبه أبو الحسن، وأصله من خراسان.

جدول المحتويات

من هو علي بن الجهم

ولد في مدينة بغداد بالعراق عام 188 هـ لأسرة عربية من سلالة قريش، وكان موهوبا في الشعر والفصاحة، وحافظ على هويته العربية .

عاش علي بن الجهم في زمن مليء بالخلافات السياسية والاختلافات المذهبية في الدولة العباسية، وعاصر حكم المأمون والمعتصم والواثق بالله. كان له علاقات فكرية مع العديد من رموز العصر العباسي مثل الإمام أحمد بن حنبل والشاعر أبو تمام، واعتنق مذهب أهل الحديث في الفترات الصعبة التي عانى فيها المسلمون، حيث كان المعتزلة يحكمون، وانتهى الحكم المعتزلي بعد حكم الخليفة المتوكل .

قصة على بن الجهم مع الخليفة المتوكل

من بين القصص الأكثر شهرة هي قصة علي بن الجهم، الشاعر الفصيح، الذي عاش حياة الأعراب في الصحراء ولم يعرف سوى ما رآه هناك، وحظي بشهرة كبيرة بسبب قصته مع الخليفة المتوكل ..

كان المتوكل خليفة متمكنًا يستمتع بوجباته ويستريح كما يشاء ..

دخل علي بن الجهم بغداد يوماً فقيل له : من يحصل على مديح الخليفة يحظى بمكافآته وعطاياه ..

فرحني وأخذت يميني في اتجاه قصر الخلافة ..

دخل المتوكل ورأى الشعراء ينشدون ويحققون أرباحا ..

المتوكل هو المتوكل، يتمتع بالسطوة والهيبة والجبروت ..

فانطلق مادحاً الخليفة بقصيدة مطلعها :

يا أيها الخليفة ..

أنتِ كالكلب في حفاظكِ على الوفاء، وكالتيس في صيد الغزلان

أنت كالدلو، لا يمكنني الاستغناء عن دلوك… أنت من أعظم الدلاء وأكثرها خطايا

واصل يقدم للخليفة الأمثلة بالتيس والعنز والبئر والتراب ..

ثم قام الخليفة، وانتفض الحراس، وأخذ السيف، وفرش النطاق، واستعد للقتال ..

أدرك الخليفة أن علي بن الجهم قد غلبت عليه طبيعته، وأراد تغييرها ..

أمر به واستقر في قصر منيف.. وأصبح قطيبًا

أجمل الجواري وتروح يما يلذ ويطيب ..

عاش علي بن الجهم فترة من الرفاهية والنعمة، حيث استلقى على الأرائك وجالس شعراء العصر وأبدع في الأدب، واستمر في هذا الوضع لمدة سبعة أشهر ..

ثم جلس الخليفة في مجلس سمر ليلة .. فتذكر علي بن الجهم .. فسأل عنه ، فدعوه لحضور المجلس .. فلما وقف أمامه .. قال : أنشدني يا علي بن الجهم .. ، فقام بأداء قصيدته الرصافية الشهيرة .

القصيدة الرصافية

عيون المها بين الرصافة والجسر = تجلب الشوق من حيث لا أعلم ولا أدري

أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن = سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ

سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ كَأَنَّما = تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ

ونحن الأهلة نقول: تضيء لمن يسير بالليل ولا تقرأ

فلا يُنفق سوى ما يمتلكه الناظر، ولا يُحقّق الوصول إلا بالخيال الذي ينطلق منه

أحيانًا ينحرف القلب عن مكانه المعتاد ويشتعل الحماس في الصدر والجوانب

– صدم الشاب نفسه بعدم شربه الخمر، عندما أدرك تأثيرها الخفيف على السكر

قبل أن يظهر الشيب، بدأ ينتابني اليأس المبين أو يجنح إلى الغدر

فإذا تم حل العهد أو انكسر، فليس هناك مانع من الغواني أو الإنكارار

ولكن يحدث ذلك بحال الغزارة، حيث يفنى الشباب، فكما تُصاد المها بين الشبيبة والوفر

يكفي أن يكون الهوى مشغولاً والشيب يكون منذِّراً = لو كان الهوى مما ينهنه الزجر

أَما وَمَشيبٍ راعَهُنَّ لَرُبَّما = غَمَزنَ بَناناً بَينَ سَحرٍ إِلى نَحرِ

وَبِتنا عَلى رَغمِ الوُشاةِ كَأَنَّنا = خَليطانِ مِن ماءِ الغَمامَةِ وَالخَمرِ

يا صاحبي، ما أجمل الهوى وأمره، وعلمني الحلو منه والمرّ

من بين ما بيننا من حرمة، هل رأيت شيئًا أرق وأقسى من الشكوى والهجر؟

وأظهر للمحب أسراره بوضوح، وخاصةً إذا أفضحت عبرة تجري

لا ينسى الأشياء الجميلة مثل قولها، لأن الحب يشتعل بسببها، لجارتها

فقالت لها الأخرى: فما هو معنى قتل صديقنا؟ وهل لديك عذرٌ في ذلك؟

عِديهِ لعل الوصال يحييه، واعلمي أن أسير الحب في أعظم الأمر

قالت: أُحجُب الناس عنه ونادرًا ما يُشعر الحُب بالرضا إلا لمَن يُحْرَمُ الظهور

وَأَيقَنَتا أَن قَد سَمِعتُ فَقالَتا مَنِ = الطارِقُ المُصغي إِلَينا وَما نَدري

فَقُلتُ فَتىً إِن شِئتُما كَتَمَ الهَوى = وَإِلّا فَخَلّاعُ الأَعنَّةِ وَالعُذرِ

مع أنه يشكو من الظلم والبخل ، يتعين عليه أن يظهر البشاشة والتفاؤل

فَقالَت هُجينا قُلتُ قَد كانَ بَعضُ = ما ذَكَرتِ لَعَلَّ الشَرَّ يُدفَعُ بِالشَرِّ

فقالت كأني سوائرًا بالقوافي = يردن بنا إلى مصر ويصدرون عن مصر

فقلت إني لست شاعرًا، وإن كانت أحيانًا تتجلَّى فيَّ بعض الإلهامات وتجعل صدري ينبض

صلِّ واستغفري مَن شئتِ، فسيخبركِ أنَّني على كل حالٍ مُستودع السر

أنا لست من الذين سيرون بالشعر الذي يذكر، وإنما ذكري يحرك شعري

الشعر ليس مما يتخذ ظلّه، ولا يزيدني قدرًا ولا يحرمني من قدري

وأما الشعر فله أتباع كثيرون، ولم أكن له تابعًا في الحال السهل ولا الحال الصعب

ليس كل من يقود الخيول يتقن ذلك، وليس كل من يركض يمكن أن يسمى عداءً

ومع ذلك، دعاني إحسان الخليفة جعفر إلى الشعر الذي قلته

فَسارَ مَسيرَ الشَمسِ في كُلِّ بَلدَةٍ = وَهَبَّ هُبوبَ الريحِ في البَرِّ وَالبَحرِ

وإذا لو جلَّ عن شكر الصنيعة منعم، لجلَّ أمير المؤمنين عن الشكر

هو فتى يسعد الأبصار بحسن وجهه، تمامًا كما تسعد الأيدي بلمسة يده الناعمة

بفضله، نجا الإسلام من كل ملحدٍ، وانكسر ظهر أهل الزيغ والانحراف

إمام هدى جلي عن الدين بعد أن تعادت على أتباعه شيع الكفر

جود يمينه وفرق ماله، على الرغم من أنه احتفظ بذكرى جيدة له

إذا تأخرت النظرة، يدرك فكره، ويكشف عن غرائب لم تخطر بالفكر

لا يُجمع المال إلا ليتم إنفاقه، تمامًا كما لا يُقدم الهدية إلا ليُذبح

فما هي الغاية من إشادة المثنى به، لو أنه مثل زهير وأعشى وإمرؤ القيس من حجر؟

إذا قارناه بالبدر المضيء والشمس الساطعة، يقولون إن الحق لكل من الشمس والبدر

ومن قال إن البحر والقطر يشبهان بعضهما البعض، فقد أثنى على البحر والقطر

وإن قورِنت بالبحر سبعة أبحر، لم تفيد أصابعه العشر جدواها

عندما يتم ذكر المجد القديم، فإن القصد هو سرد ما تم نزوله في الزبر

فإذا أصبح جعفر معتمدًا على الله في الأمور السرية والعلنية

ثلاثة هم عهود المسلمين، يدعمون بالتأييد والعزّة والنصر

هل تريدون تغيير كتاب الله وتطلبون شاهدًا؟! إن لكم، يا أبناء العباس، المجد والفخر

يكفي أن الله وَفَّدَ أمرَه إليكم، وأوحى بإطاعة الأمراء، وذلك يكفي

لم يطلب الناس من النبي محمد سوى ود ذي القُربى القريبة من أجره

الإيمان لن يُقبَل إلا بحُبِّكم، وهل يَقبَل الله الصلاة بلا طُهر؟

من كان مكانه مجهولًا، فإن منازلكم تمتد بين الحجون والحجر

لا يزال بيت الله بين بيوتكم، فلا تتركوه مهملاً بالتهميش

أَمثَلُ مِن عَمرو العلاء هوَ أَبو نَضلَةٍ الهاشِمِي، أَلا يوجد في الناسِ أشرَفُ مِن عَمرو

وساقي الحجيج شيبة الحمد بعده، وهو أبو الحارث المبقي الذي يعد فخرًا لكم

البيت الشعري: `سقيتم وأسقيتم وما زال فضلكم، على غيركم فضل الوفاء على الغدر`

وجوه العباسيين بنية يعتبرون زينة للملك، تشبه زينة الأنجم بالزهور

ولا يستحل الملك إلا بأهله، ولا تعود الأيام إلا إلى الشهر

ولم يظهر الإسلام إلا بين جيرانكم بني هاشم بين المجرة والنسر

فَحَيّوا بَني العَبّاسِ مِنّي تَحِيَّةً = تَسيرُ عَلى الأَيّامِ طَيِّبَةَ النَشرِ

إذا زادت المزاحمة، زادت غيرتك = وكانت لأهل الزيغ المسببة للهزيمة

فقال المتوكل : لقد خشيت عليه أن يذوب رقة ولطافة.

ولكن سرعان ما غضب المتوكل منه بسبب العلاقة الفكرية وسعوا لإفساد العلاقة بين الشاعر والخليفة ولم تغفر للشاعر معلقته وتم مصادرة أمواله وممتلكاته ودخل إلى سجون خُرسان وتضاعف عليه المصائب ، لما انتهت مدة سجنه عاد إلى بغداد للجهاد في سبيل الله ضد الروم وانتقل منها إلى حلب ، فقطع عليه الطريق جمع من أعدائه ومات شهيدًا بعمر الستين عامًا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى