قصة سيدنا داود والنعاج
كان نبي الله داود عليه السلام رسولا من أولي العزم، وكان ملكا نبيا، فأرسله الله عز وجل إلى بني إسرائيل وكان من أعظم ملوك بني إسرائيل، على الرغم من عمله بالحدادة كما ذكر في قوله تعالى في سورة سبأ الآية 10 (ولقد آتينا داوود منا فضلا ۖ يا جبال أوبي معه والطير ۖ وألنا له الحديد)، وكان نبيا عادلا يحكم بالعدل بين الناس وكان يأكل من تعب يديه بالحدادة.
صفات داود عليه السلام
كان داود عليه السلام نبياً وملكاً لبني إسرائيل، واشتُهر سيدنا داود بالقوة البدنية والشجاعة الفائقة، وكان الفتى الصغير الذي تمكَّن من قتل جالوت ملك الكفار عندما كان في جيش طالوت، وأصبح بعد ذلك ملكًا لبني إسرائيل، وكانت فترة حكمه مثالًا للأمانة والعدل.
أتي الله سبحانه وتعالى داود عليه السلام العديد من المميزات، فميزه بالرشد في قراراته وكان خطيب مفوه، وملتزم بالعبادة والزهد في الدنيا، وقد أشار رسول الله أن أفضل الصيام والصلاة هي لداود عليه السلام، حيث كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان ينام نصف الليل ويقوم النصف الأخر، ثم يقوم ثلثه وينام سدسه، وقد كان عليه السلام بجانب حكمه لبني إسرائيل كان أيضاً قاضياً يحكم بين الناس بالعدل.
قصة سيدنا داود والنعاج
من بين أشهر قصص حكم داود (عليه السلام)، قصة الخصمين الذين دخلوا عليه المحراب وهو يتعبد ليحكم بينهم في قضية النعاج، وهي من القصص الشهيرة المتداولة بيننا، وذكر الله تعالى هذه القصة في كتابه الكريم في سورة ص من الآية 21 إلى الآية 26
(وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ *إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ *قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ *فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ*يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)
قال المفسرون في تفسيرهم لقصة سيدنا داود عليه السلام والنعاج، أنه كان جالساً في غرفته، ودخل عليه شخصين فجأة بدون إذن، كانا أخويين يملك أحدهما تسعاً وتسعين نعجة والثاني يملك نعجة واحدة، وطلب الأول من أخيه أن يعطيه هذه النعجة التي لديه حتى يضمها إلى نعاجه وتكون تحت يده، مدعياً أنه أحق بها من أخيه.
هذا الأخ الثاني كان المدعي، وقد سرد القصة لسيدنا داود بطريقة تثير تعاطف سيدنا داود، وبناء على قول المدعي، قضى داود عليه السلام بحكمه دون أن يستمع إلى كلام المدعى عليه، الأخ الثاني. بعد ذلك، قال داود للمدعى عليه أن أخاك ظلمك عندما طلب نعجتك لإضافتها إلى قطيعه، وعندما أدرك داود عليه السلام أنه أصدر حكما غير ملائم، وأن هذا الأمر كان اختبارا وفتنة من الله، استغفر الله وسجد.
هناك خلاف حول هذه القصة بين العلماء، حيث قال ابن كثير أن هذه القصة مستمدة من الإسرائيليات، لأنها تنفي عصمة نبي الله داود، ولذلك اتجه بعض العلماء إلى قراءة الآيات دون تفسيرها وترك ذلك لعلم الله.