قصة حادثة الافك
يتحدث القرآن الكريم عن حادثة الأفك بشكل مفصل في سورة النور، ويوضح جميع تفاصيلها وملابساتها، ويشرح ما حدث لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من ظلم، وكذلك صفوان بن المعطل رضي الله عنه. وقعت الحادثة في السنة السادسة للهجرة، حيث افتعلها المنافقون ليؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
كانت السيدة عائشة رضي الله عنها الزوجة الأكثر حبا للرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أمره الله تعالى بالزواج منها، وجاء ذلك في الحديث المرفوع الذي أخرجه الإمام البخاري بسنده في الصحيح عن السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لها: “رأيتك قبل أن أتزوجك مرتين، رأيت الملك يحملك في سرير من حرير، فقلت له: اكشف، فكشف، فإذا هي أنت، فقلت: إن يكن هذا من عند الله يمضه، ثم رأيتك يحملك في سرير من حرير، فقلت: اكشف، فكشف، فإذا هي أنت، فقلت: إن يك هذا من عند الله يمضه”، وكانت هي الصديقة بنت الصديق أبي بكر الصديق، وهي ثالث زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة بكرا غيرها، وتزوجها في شوال سنة 2 هـ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”، وأخرجه البخاري.
قصة حادثة الافك
وقعت الحادثة في السنة السادسة للهجرة بعد غزوة المريسيع كانت السيدة عائشة ابنة الخامسة عشر عامًا رضي الله عنها ، وكان من عادة الرسول صلّ الله عليه وسلم إذا خرج للغزو أقرع بين زوجاته فخرج في تلك الغزوة سهم السيدة عائشة رضي الله عنها فخرجت معه ، وبعد انتهاء الغزوة وكان الجيش يجهز ويستعد للعودة وبينما الناس يجهزون متاعهم ابتعدت السيدة عائشة رضي الله عنها عن الجيش لقضاء حاجتها ، وما إن عادت التمست صدرها فلم تجد قلادتها ، فعادت رضي الله عنها للبحث عنها ، فلما عادت لم تجد الجيش كان قد سار وابتعد .
السيدة عائشة رضي الله عنها تروي الحادثة وتقول “فتوضأت في منزلي الذي كنت فيه وظننت أنهم قد فقدوا وسيعودون إلي، وفيما كنت جالسة في منزلي، غلبتني النعاس فنمت، وكان من عادة الجيوش أن يمشي أحدهم في الخلف يتفقد مسار الجيش، وكان الصحابي صفوان بن المعطل السلمي هو الذي كان يتتبع مسار الجيش ويتفقد الأحوال، فوجد السيدة عائشة نائمة، فعرفها. وعندما استيقظت السيدة عائشة رضي الله عنها على صوته، قالت: “فخمرت وجهي بجلبابي، ولله ما تكلمنا بكلمة ولا سمعت منه غير استرجاعه، ثم قمت وهويت حتى نزعت راحلته عن يدي وقمت بها، وانطلق يقود الراحلة حتى وصلنا الجيش.” وفي رواية أخرى حتى دخلنا المدينة .
رأى المنافق عبدالله بن أبي سلول وصول السيدة عائشة رضي الله عنها مع سيدنا صفوان، فقال بالله لم يسلم منها ولا سلمت منه، ونشر كذبا بأن سيدنا صفوان ارتكب الفاحشة مع عائشة الكريمة رضي الله عنها ورضاها، وفي المدينة مرضت السيدة عائشة مرضا شديدا أبقاها في فراشها لمدة شهر كامل، فلم تخرج ولم تر أيا ممن حولها ولم تعلم أي شيء من الأمور المزعومة عنها بالكذب، ولكنها شعرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجاهلها. وفي يوم من الأيام، خرجت السيدة عائشة لتأدية حاجتها مع أم مسطع، وفيما كانتا تمشيان، تعثرت أم مسطع في ثوبها، فقالت السيدة عائشة: “تعسا أنت يا مسطع!” فردت عليها السيدة عائشة قائلة: “ما أقبح ما قلتي، أتسبين رجلا شهد لأمر بدا؟” فردت عليها السيدة عائشة قائلة: “أما سمعت ما قاله مسطح فيك؟” فقالت السيدة عائشة: “لا، والله”، ثم أخبرتها بحادثة الإفك وما تم تداوله بين الناس، وكانت لم تعلم بها من قبل، فعندما علمت بها زاد مرضها على مرضها .
حال السيدة عائشة بعد علمها بحادثة الافك
عندما علمت السيدة عائشة رضي الله عنها بمرض والدتها، طلبت إذنا من النبي صلى الله عليه وسلم لزيارة بيت أبيها. أرادت أن تتأكد من الأمر من والدتها، فأخبرتها الأم بكل ما تم قوله. لم تتمكن السيدة عائشة من النوم وظلت تبكي وتشعر بالحيرة. تأخر النبي صلى الله عليه وسلم في تلقي الوحي، فاستشار أصحابه حول ما ينبغي فعله، هل يترك زوجته أم يبقيها معه. ثم صعد إلى المنبر وألقى الخطبة .
خطبة الرسول صلّ الله عليه وسلم
خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بيته وذهب إلى المسجد وصعد المنبر وألقى خطبة ينتقد فيها ما حدث من الحديث عن زوجته وعرضه. قال: “يا معشر المسلمين، من يعتذر لي عن الرجل الذي آذاني في عائلتي؟ فوالله، لم أعرف على عائلتي إلا الخير، وذكر لي عن رجل لم أعرف عليه إلا الخير، ولم يأت أحد إلى عائلتي إلا معي.” ثم قام سعد بن معاذ الأنصاري وقال: “أنا أعتذر لك يا رسول الله، فإذا كان من الأوس، فسنقطع عنقه، وإذا كان من الخزرج، فسنطيع أمرك.” ثم قام سيد الخزرج، سعد بن عبادة، وقال: “ولد الله، لا تقتله، ولا نستطيع أن نقتله.” ثم قام أسيد بن حضير، ابن عم سعد بن معاذ، وقال لسعد بن عبادة: “كاذب وشمام، فتريد قتله، وأنت منافق تجادل عن المنافقين.” فاندفع الأوس والخزرج ليقاتلوا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يحاول تهدئتهم حتى صمتوا .
براءة السيدة عائشة رضي الله عنها
ظلت السيدة عائشة في وضعها لمدة ليلتين حتى جاء الرسول صلى الله عليه وسلم وقال لها: `يا عائشة، بعد ما سمعت عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت ذنبا فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف قام بالتوبة، توب الله عليه`. بكت السيدة عائشة وقالت: `إن قلت إني بريئة لا تصدقوني، وإذا اعترفت لكم بأمر يعلمه الله تعالى أني بريئة منه تصدقوني`. وعندما نزل جبريل عليه السلام بالوحي وآيات البراءة، وعندما نزل بشر الرسول صلى الله عليه وسلم، قالت السيدة عائشة: `لم أكن أتوقع أن الله تعالى سينزل في حقي قرآنا يتلى إلى يوم القيامة` .