ادب

قصة الأعرابي والقسمة المضحكة

هذه قصة طريفة من كتاب الأذكياء لابن الجوزي تتحدث عن الأعرابي الذي حل ضيفا على رجل كريم وأسرته، وأعطوه حق تقسيم الطعام عليهم من باب الكرم والجود، إلا أنهم فوجئوا بالقسمة التي اختارها الضيف لهم، حيث كان يتمتع الضيف بالدهاء والخبث الذي جعله يختص الطعام لنفسه فقط.

الأعرابي والقسمة المضحكة:
زار رجل بادية رجلا من المدينة، وكان لديه الكثير من الدجاج وزوجة وابنان وابنتان. قلت لزوجتي: اشوي دجاجة لنتناولها معا. عندما جاء وقت الغداء، جلسنا جميعا، أنا وزوجتي وابناي وابنتاي والرجل من البادية. قدمنا له الدجاجة وقلنا: “قسمها بيننا”. أردنا السخرية منه. قال: “أنا أجيد القسمة. إذا رضيتم عن طريقتي، سأقسمها بينكم”. قلنا: “نحن نرضى”. أخذ رأس الدجاجة وقطعه، ثم ناوله لصاحب البيت قائلا: “الرأس للرئيس”. ثم قطع الجناحين وقال: “والجناحان للابنان”. ثم قطع الساقين وقال: “والساقان للابنتين”. ثم قطع الزمكي وقال: “العجز للعجوز”، يعني المرأة. ثم قال: “الزور للزائر”. ثم أخذ الدجاجة بأكملها

يقول صاحب الدار: فلما كان من الغد قلت لامرأتي: اشوي لنا خمس دجاجات، فلما حضر الغداء قلنا: اقسم بيننا، قال: أظنكم وجدتم (أي تضايقتم) من قسمتي أمس، قلنا: لا لم نجد، فاقسم بيننا،  فقال: شفعًا أو وترًا؟  قلنا: وتر، قال: نعم، أنت وامرأتك ودجاجة ثلاثة ورمى بدجاجة، ثم قال: وابناك ودجاجة ثلاثة ورمى الثانية، ثم قال: وابنتاك ودجاجة ثلاثة ورمى الثالثة، ثم قال: وأنا ودجاجتان ثلاثة.

فأخذ الدجاجتين، فرآنا ونحن نَنظُرُ إلى دجاجتيه، فقال: ما تنظرون؟ لعلكم كرهتم قسمتي؟ الوتر ما تجيء إلا هكذا.  قلنا: فاقسمها شفعا، فقبضهن إليه ثم قال: أنت وابناك و دجاجة أربعة، ورمى إلينا بدجاجة، والعجوز وابنتاها ودجاجة أربعة، ورمى إليهن بدجاجة. ثم قال: وأنا وثلاث دجاجات أربعة، وضم إليه ثلاث دجاجات، ثم رفعها رأسه إلى السماء وقال:  الحمد لله أنت فهمتها لي!

نبذة عن حياة ابن القيم الجوزي:
ابن القيم الجوزي هو أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، وقد عرف بأبن الجوزي لشجرة جوز كانت في داره بواسط ولم تكن بالبلدة شجرة جوز سواها، ولد في عام 1116م/ 510هـ  حظي ابن الجوزي بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة في الخطابة والوعظ والتصنيف بدأ عمله بالوعظ والخطابة في سن السابعة عشرة، كما برز في كثير من العلوم والفنون المختلفة وذاعت شهرة مؤلفاته، فكان يحضر مجالسه الخلفاء والوزراء والأمراء والعلماء والأعيان، وكان مع ذيوع صيته وعلو مكانته زاهدًا في الدنيا متقللًا منها، وحينما سأل عن سبب زهده قال: الزمان لا يتسع، والعمر ضيق، والشوق يقوى، والعجز يظهر، فيبقى بعض الحسرات، اشتهر الجوزي بختمه للقرآن الكريم في سبعة أيام، وعاش حياته واهبًا نفسه للعلم والدين حتى توفى في عام 1203م/ 597هـ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى