قصة اسلام المفكر الألماني هوفمان
الدكتور مراد ويلفريد هوفمان هو مفكر ألماني ولد في عام 1931م، وهو دبلوماسي ألماني مسلم بارز. ولد الدكتور هوفمان كاثوليكيا وأعلن إسلامه في عام 1980 بسبب تجربته في حرب الاستقلال الجزائرية وشغفه الكبير بالفن الإسلامي والتناقضات التي رأى في العقيدة المسيحية. اعتنق الإسلام أثناء خدمته في وزارة الخارجية الألمانية كمختص في قضايا الدفاع النووي. تخرج من كلية الاتحاد في ولاية نيويورك وسافر لإكمال دراسته القانونية في جامعة ميونخ، وحصل على درجة الدكتوراه في التشريع في عام 1957م.
ثم في عام 1960، حصل على درجة الماجستير في القانون من كلية الحقوق في جامعة هارفارد، وتم تعيينه في السفارة الألمانية في الجزائر حتى عام 1962، في وسط الصراع العصبي الدموي بين فرنسا والجبهة الوطنية الجزائرية. تولى الدكتور مراد منصب مدير إدارة المعلومات لحلف الناتو في بروكسل في الفترة 1983-1987، ثم أصبح سفيرا في الجزائر من عام 1987 إلى عام 1990، وسفيرا في المغرب من عام 1990 إلى عام 1994.
الدكتور مراد هوفمان قبل الإسلام
لم يتأثر الدكتور مراد بأي شيء في الإسلام طوال فترة إقامته في ألمانيا، لأنه لم يكن هناك مسلمون حوله في ذلك الوقت، ولم يكن الناس يخشون الإسلام في ألمانيا كما هو الحال اليوم، لذا لم يواجه أي صعوبات عندما أعلن إسلامه. بل اعتبروه شخصا غريبا فقط وليس خطيرا. وكان إسلامه مثيرا للجدل في الوسط السياسي، حيث كان يحتل منصبا هاما في الحكومة الألمانية. وقرر أن يتقاعد ليتجنب التعرض للاضطهاد من قبل أصحاب المراكز المرموقة في فرنسا. كان مرشحا لرئاسة فرنسا وتم اضطراره للرحيل عن فرنسا والعيش في دول أوروبية أخرى.
كان الشيء الذي جذب الدكتور هوفمان للإسلام في البداية هو تأثره بثلاثة أشياء في نفس الوقت، وكانت هذه البداية هي الأكثر جاذبية بالنسبة له
- خلال حرب الاستقلال الجزائرية والاضطهاد والظلم الشديد الذي تعرض له المسلمون في هذا الوقت، لفت انتباه الشخص انضباط المسلمين خلال شهر رمضان، وثقتهم في النصر وإنسانيتهم وسط البؤس وصبرهم واستعدادهم للتضحية بحياتهم. وأثر ذلك كثيرا على الشخص حتى بدأ يبحث عن إجابات لنفسه حول هذه الظاهرة، وذلك من خلال قراءة ترجمة للقرآن الكريم إلى الفرنسية في ذلك الوقت، ولقد اتقن اللغة الفرنسية لكي يستطيع العيش في الجزائر.
- عندما سافر إلى شمال أفريقيا عبر إسبانيا، أحس بإعجاب شديد بالعمارة الإسلامية الرائعة التي وجدها في قرطبة وغرناطة وإشبيلية، إذ شعر بأن هناك فكرًا عظيمًا وراء هذا الجمال الشديد، وقارن بين ذلك وبين ما فعله الفرنسيون في الحرب ضد الجزائريين.
- بعد قراءة الأعمال الرئيسية للمسلمين في الكتب الإسلامية، بما في ذلك ابن الرشد وابن سينا وابن خلدون، أدرك المتحدث أن الحضارة الإسلامية ومساهمة المسلمين فيها قد حجبت خلال فترة دراسته في ألمانيا.
قصة إسلام الدكتور مراد هوفمان
منذ طفولته وشبابه، انتابته الشكوك حول قضية الألوهية والتثليث، وكيف يرسل الله ابنه ليصلب أو يقتل من أجل تبرئة الآخرين. لقد شغلت هذه القضية ذهنه لفترة طويلة، وأثناء قراءته للقرآن، لفتت انتباهه سورة النجم وقرأ الآيات التالية: `أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى، ألا تزر وازرة وزر أخرى، وأن للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى، ثم يجزاه الجزاء الأوفى، وأن إلى ربك المنتهى، وأنه هو الذي يضحك ويبكي، وأنه هو الذي يميت ويحيي، وأنه هو الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى، وأن عليه النشأة الأخرى.
يجب التوقف عند هذه الآيات والتفكير فيها بجدية، حيث أنها توضح الحل لجميع القضايا التي تشغل بال الإنسان منذ صغره، ويجب أن يصدق الإنسان بأن هذا الكتاب هو الحق والوحي من الله، وإذا قال شخص مثل هذا الكلام فإنه يجب أن يكون اله حقيقيًا، وسيشعر الإنسان بأن هذه الآيات موجهة إليه وتوضح له أن قضية التثليث غير صحيحة.
بدأ هيرمان هسه يقرأ ويتعلم منالقرآن معاني التوحيد والأخوة بين الأنبياء والأخوة بين الناس، وتعلم معانٍ كان يشتاق لمعرفة معناها، ورأى جميع هذه المعاني أمامه، لكنه لم يكن قادرًا على اتخاذ القرار ليعتنق الإسلام ويعلن إسلامه.
في إجازته، زار تركيا وعندما رأى عملا يدويا في محل تجاري وجد المحل مغلقا، فذهب إلى محل مجاور وسأل عن أعمال يدوية مماثلة، لكن الأشياء التي عرضها صاحب المحل لم تعجب الدكتور موراد هوفمان، وقال للرجل: “أريد شيئا مثل ما هناك في المحل الآخر.
وأخذه صاحب المحل وأخرج مفتاحًا وفتح المحل وأعطاه هذه التحفة اليدوية، وقام الدكتور هوفمان بدفع ثمنها له فقام الرجل وأخذ المال ووضعه في درج المحل، وأغلق المحل وذهب إلى متجره فأصيب الدكتور هوفمان بدهشة كبيرة، بسبب أمانة هذا الرجل الشديدة وكيف أنه موقن بأن الرزق من عند الله، فكانت هذه الحادثة هي محور التغيير في حياته بالكامل بالاضافة الى اسباب التي ذكرناها سابقًا وأخذ القرار باعتناق الإسلام فأعلن اسلامه.
ماذا بعد أن أسلم
بدأ المؤلف مسيرته في التأليف ولديه عدة مؤلفات تركز على مكانة الإسلام في الغرب، وأهمها كتاب يوميات ألماني مسلم يحكي فيه قصة اعتناقه للإسلام، وأثر هذا الكتاب على عدد كبير من الناس في أوروبا، وكتب باللغتين الإنجليزية والألمانية وترجم إلى اللغة العربية.
يتحدث الكتاب عن الإسلام كبديل ويبرر أن الإسلام يوفر حلولاً لمشاكل العالم الحالية ويشكل بديلًا عنها، ولقد تسبب هذا الكتاب في صدى كبير وجدل واسع في ألمانيا.
كتاب الإسلام في عام 2000 وكتاب الطريق إلى مكة.
نظرًا لمقامه الدبلوماسي الكبير وثقله السياسي وقدرته على إتقان العديد من اللغات، فقد ترك أثرًا نفسيًا كبيرًا على الأشخاص المحيطين به، ودفع بعض المثقفين الألمان إلى الاعتناق للإسلام بسبب تأثيره الكبير عليهم.
تم اختيار الدكتور مراد ويلفريد هوفمان في عام 2009 كشخصية إسلامية لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، والتي تمنح سنويًا لشخصية إسلامية قدمت مساهمات هائلة في الإسلام.