عيسى عليه السلام في القرآن
خلق الله الإنسان لهدف أساسي، وهو عبادة الله في الأرض، وأرسل الأنبياء لدعوة الناس لتحقيق هذا الهدف. وكان كل رسول يأتي بمعجزات تناسب العصر الذي أرسل فيه. وفي هذه الكلمات، سنتحدث عن أحد الأنبياء، وهو عيسى عليه السلام، كما ورد ذكره في القرآن الكريم في العديد من المواضع التي سنستعرضها في الجمل التالية.
عيسى عليه السلام في القرآن
خلق عيسى
نبدأ بالحديث عن عيسى عليه السلام في القرآن الكريم منذ أن حملت السيدة مريم به، وذكر ذلك في سورة مريم، ومن المعروف أن السيدة مريم العذراء لم تتزوج، وإنما وهبها الله عيسى دون زواج، وذكر ذلك في هذه الآيات من سورة مريم
بسم الله الرحمن الرحيم” تذكر في الكتاب مريم عندما غادرت أهلها مكانا في الشرق، ثم اختارت حجابا غيرهم، فأرسلنا إليها روحنا فتجسدت لها بشرا سويا. قالت: إني ألجأ إلى الرحمن منك إذا كنت تتقي الله. قال: إنما أنا رسول ربك لأهب لك طفلا نقيا. قالت: كيف يكون لي طفل ولم يمسسني إنسان ولم أكن فاسقة. قال: هكذا قال ربك، إنه سهل علي، ولنجعله آية للناس ورحمة منا، وهذا أمر محتوم. صدق الله العظيم.
وفي سورة آل عمران: بسم الله الرحمن الرحيم “إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ” صدق الله العظيم.
وفي السورة نفسها: بسم الله الرحمن الرحيم “إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ” صدق الله العظيم.
في المهد، جاء هذا الفتى المعجزة الذي تكلم وهو لا يزال طفلا، عندما جاءت مريم إلى قومها ووجدوها تحمل طفلا صغيرا. سألوها عن الطفل، وكانت مريم، الفتاة ذات الأصل الطيب والسمعة الحسنة لها ولوالديها، تشير إلى الصغير. ولكن قومها تعجبوا كيف يمكن لطفل رضيع أن يتكلم. وكانت المعجزة في أن عيسى عليه السلام أجاب بأنه عبد الله ونبيه، وهذا يؤكد صدقه لقومه
بسم الله الرحمن الرحيم” “فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا (27) يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا (28) فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا (29) قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا (30) وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا” صدق الله العظيم.
عيسى عليه السلام كان من الرسل والأنبياء، وهذا يؤكد قول الله تعالى في أكثر من موضع: بسم الله الرحمن الرحيم
-” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ” سورة البقرة
-“قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ “
وقد فضلنا بعض الرسل على بعض منهم، وكلم الله بعضهم ورفع درجات بعضهم، وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس
-“قل آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” سورة آل عمران.
-“إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً” سورة النساء.
– ووقفنا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة، وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة، وهو هدى وتذكير للمتقين، ذلك ما جاء في سورة المائدة.
-“وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً ” سورة الأحزاب صدق الله العظيم.
كذب الادعاء بأن عيسى ابن الله
يدعي البعض أن عيسى ابن الله، ولكن هذا الادعاء كاذب وينفيه الله في القرآن الكريم، فالله هو الإله الواحد الذي لا شريك له، وعيسى بن مريم عليه السلام هو رسول من الرسل الذي بلَّغَ رسالة ربه، وهذه هي الآيات التي تثبت ذلك: بسم الله الرحمن الرحيم
-“يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً” سورة النساء.
قال إنني عبد الله، آتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مباركا أينما كنت، وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا. وبرا بوالدتي، ولم يجعلني جبارا شقيا. والسلام علي يوم ولدت، ويوم أموت، ويوم أبعث حيا. ذلك عيسى ابن مريم، قول الحق الذي فيه يمترون. ما كان لله أن يتخذ من ولد، سبحانه. إذا قضى أمرا، فإنما يقول له كن فيكون. وإن الله ربي وربكم، فاعبدوه. هذا صراط مستقيم. سورة مريم، صدق الله العظيم.
عيسى عليه السلام والمسيحية
أنزل الله الإنجيل على سيدنا عيسى والإنجيل هو الكتاب المقدس في الديانة المسيحية، وقد بلغ عليه السلام هذا الدين ولم يقل للناس أن يعبدوه أو يعبدوا أمه من دون الله كما ادعى البعض، بل دعا لعبادة الله كما أمر، وقد نصره الحواريون، وتوالت وتعددت معجزات هذا الرسول، فقد تكلم الناس وهو طفل في المهد وعندما كبر، وكان يخلق صورة طائر من الطين، ثم ينفخ فيها بإذن الله فتحيا، وكان عليه السلام يشفي الأعمى والأبرص، وقد دعا الله أن ينزل على قومه مائدة من السماء كما طلبوا منه، وكانت هذه المعجزة العظيمة، حيث أنزل الله عليهم مائدة مليئة بأنواع الطعام لتكون عيدا لهم.
دعا عيسى عليه السلام إلى دين جديد وهو المسيحية، ولكنه واجه اضطهادا شديدا، وحاول أعداؤه قتله، ولكن الله نجاه ورفعه إلى السماء، وجعل صورته على شخص آخر، أي شبه شخصا آخر، وهذا الشخص هو الذي صلب وقتل، وذكر ذلك في قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم `وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولـكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا` صدق الله العظيم.
يعتبر عيسى ابن مريم وأمه من آيات الله في الأرض، ولا يمكن لأي شخص أن يكفر بهما، حيث إن كل ما حدث للسيدة مريم وسيدنا عيسى عليهما السلام كان من تدبير الله الواحد الأحد.