عواقب الظلم و الظالمين في الدين الإسلامي
غالبا ما يتم التحدث عن الظلم وقسوته وكراهيته من قبل الجميع، ونعتبر الظلم ظلمات، دون فهم تفاصيل الظلم وكيف يتم الحديث عنه في القرآن الكريم والسنة النبوية .
الظلم
الصورة المعروفة للظلم هي تعدي الأشخاص على ما ليس لهم ، سواء كان ذلك بشكل مادي أو معنوي ، في حين أن الظلم له أكثر من معنى في الدين الإسلامي ، و الدليل على ذلك تردد كلمة الظلم في الكثير من الآيات في القرآن الكريم بمختلف المواضع و الطرق .
صور الظلم في الدين الإسلامي
ظلم الحاكم للرعية
يتحدث الكثير في سيرة النبي الكريم وأصحابه الكرام عن طبيعة تولي الحكم والإمامة بين الناس، حيث يجب أن يكون الهدف الأساسي للحكم تحقيق العدل ونصرة المظلومين والقصاص من الظالمين. ولا يشترط أن يكون للحكم أي علاقة بالظلم والاضطهاد التي تحدث في معظم مجتمعاتنا الحديثة تجاه الضعفاء. ويشير إلى أن أحد أكبر أشكال الظلم البشري هو ظلم الحاكم لشعبه، استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم `إن الحاكم إذا ابتغى الشبهة في الناس فسد الناس` .
المحسوبية و الوساطة
من بين أساليب الظلم المنتشرة في الوقت الحالي، والتي أصبحت مألوفة للأسف، هي التحايل والوساطة والرشاوي، وهذه الأمور تؤدي إلى وجود أشخاص في مواقع لا يتوافقون مع كفاءتهم، مما يؤدي إلى انتهاك حقوق الآخرين الذين يستحقون هذه المواقع بشكل أكبر. ويستند هذا على قوله صلى الله عليه وسلم: `من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن منهم أحق بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين` .
أخذ الناس بالشبهة
أيام النبي صلى الله عليه وسلم، كان المنافقون يسيئون له ليلا ونهارا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف بالضبط من يؤذيه، وعلى الرغم من ذلك، لم يذكر في السنة النبوية المشرفة أنه انتقم منهم أو رد عليهم، حتى بالدعاء على أحدهم. وربما يكون ذلك نتيجة لأنه كان يتعامل مع من يؤذيه كأنه بريء، ما لم يتلفظ به ويسمعه الناس. وفي إحدى المواقف التي كانت للنبي صلى الله عليه وسلم مظلمة فيها، قال النبي الكريم: `ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا، فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة`. ولم يذكر عنه أنه انتقم أو ظلم .
الظلم بارتكاب الذنوب
الظلم يشمل ارتكاب المعاصي والذنوب، وأيضا الكفر بالابتلاءات والمصائب، وكذلك الكفر بعذاب القبر وما إلى ذلك. وبناء على ذلك، نجد العديد من الآيات الكريمة التي تتحدث عن هذا الموضوع، بما في ذلك قوله تعالى: `ومن أظلم ممن افترىٰ على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه ۚ أليس في جهنم مثوى للكافرين` (العنكبوت – 68). وقد تحدث القرآن الكريم عن العديد من صور الظلم الأخرى، بمن فيها العديد من المعاصي والأثام، على سبيل المثال قوله تعالى: `ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله ۗ وما الله بغافل عما تعملون` (البقرة – 140) .
عاقبة الظلم
تحدث القرآن الكريم عن عاقبة الظلم و حرمه سواء أكان على مؤمن أم كافر ، و قد ذكر ذلك في العديد من الأيات الكريمات و منها قوله تعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ . مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ . وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ . وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ . وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 42- 46].