ظاهرة التنمر ( شريعة الغاب)
هذه الظاهرة أصبحت منتشرة في مجموعة واسعة من مجالات الحياة، من المنزل إلى المدرسة والعمل والشارع، وهي تعرف باسم الظاهرة بسبب زيادة شدتها وانتشارها بصور وآثار مختلفة، ومع ذلك فإنها في جوهرها تجربة واحدة متكررة تجسد معان قانون الغاب، حيث يأكل الكبير الصغير، ولم يجد الإنسان اسما أكثر ملاءمة لها من اسم أشرس حيوان في الغاب، وهو التنمر..!
التنمر أو الاضطهاد هو مرادف لمصطلح البلطجة في اللغة الإنجليزية ويشير إلى استخدام القوة لإيذاء وتخويف الآخرين لفرض الهيمنة والسيطرة عليهم. يمكن أن يصنف أي سلوك عدواني كتنمر عندما تتوافر ثلاثة معايير: أن يكون الاعتداء متعمدا، وأن يكون متكررا، وأن يكون هناك تفاوت في القوة الجسمانية أو العقلية بين المعتدي والضحية. هناك خمسة أنماط رئيسية للتنمر
التنمر الجسدي يشمل الضرب أو الركل أو الخنق أو القرص .
يشمل التنمر اللفظي التهديد والإغارة والتسمية بأوصاف سيئة .
3) التنمر في العلاقات الشخصية يكون غير مباشر ويشمل الإقصاء والإبعاد، والتجاهل، والأكاذيب، والشائعات .
يتم التنمر الجنسي عن طريق المضايقة بالكلام أو الممارسة غير الملائمة .
يشمل التنمر الإلكتروني التهديد والمضايقة التي تتم عبر الإنترنت .
يوجد نوع من التنمر يحدث على مستوى المجتمعات ويسمى عامية بالبلطجة، وهو يهدف إلى إرهاب الشعوب وإخضاعها للتهديد، وهو أسوأ وأعنف أنواع التنمر. هناك دائرة شريرة مغلقة تبدأ بالتنمر في المنزل من قبل الوالدين أو أحدهما أو بين الأبناء أو بين الأخوة، مما يجعل الطفل مستعدا نفسيا ليكون ضحية للتنمر في المدرسة أو ليصبح هو نفسه متنمرا، وفي هذه الحالة لا يقاوم ولا يعالج، وتستمر الآثار حتى في مكان العمل، مما يؤدي إلى تشكيل مجتمع يعيش وفقا لقوانين الغابة. في دراسة نادرة في الوطن العربي، أجرت الدكتورة نورة القحطاني في المملكة العربية السعودية في عام 2008، والتي تعتبر الأولى من نوعها، تحت عنوان “التنمر بين طلاب وطالبات المرحلة المتوسطة في مدينة الرياض”، تبين أن نسبة الطلاب والطالبات الذين يتعرضون للتنمر مرة أو مرتين خلال فترة الدراسة تصل إلى 31.5%. كما أظهرت الدراسة أن أسباب هذه الظاهرة تتمثل في أسلوب التربية الخاطئ للأبناء وغياب التوجيهات السلوكية الواضحة من الوالدين وعدم الشعور بالأمان والاستقرار العاطفي في الأسرة. وقد أوصت الدراسة بتطبيق برنامج “دان الوايس” في المدارس لمنع التنمر. ومن بين الأسباب التي تساعد على التنمر هو العنف في الألعاب الإلكترونية والأفلام، بما في ذلك الرسوم المتحركة، وكذلك بعد الأباء والأمهات عن أبنائهم وتركهم مع خادم .
يتسبب التنمر في العديد من الأعراض النفسية والجسدية على المتنمر والضحية، ويؤثر أيضاً على الشهود بشكل ملحوظ، حيث يشمل ذلك الإكتئاب ونوبات الزعر والأرق والخوف والقلق وتعاطي الكحول والمخدرات، بالإضافة إلى العديد من المشاكل الصحية، وتمتد آثار التنمر إلى مرحلة البلوغ والكهولة .
أجرى الباحثون في جامعة hampshire دراسة شملت ثلاثة ألاف و خمسمائة طفلٍ دون عمر السابعة عشر عامًا و بينت أن الأطفال الأصغر سنًا أكثر عرضة لمشاكل الصحية و العقلية نتجة التعرض لتنمر لو بسيط في محيط العائلة و قد وجدت دراسة أمريكة في جامعة warwick و المركز الطبي في جامعة دوق أن الأطفال الذين يكونون عرضة لتنمر أكثر عرضة لتعرض لأماكن خطيرة ستة مرات من العاديين في فترات من حياتهم و صرح رئيس مكتب التنمر في العمل أن أكثر من 45% من الموظفين الذين تعرضوا لتنمر في العمل أصيبوا بأمراض مختلفة من هذه الأمراض القلب و ضعف في الجهاز المناعي و أمراض أخرى عديدة حيث تشير إحصائيات مجلة forbes الأمريكية إلى أن 49% من الموظفين الأمريكين تعرضوا أو مازالوا يتعرضون لتنمر في العمل بالرغم من وجود قوانين صارمة تحمي الضحايا .
يعود اهتمامنا بهذه الظاهرة إلى الآثار المدمرة التي تصل إلى حد الانتحار ..