ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال
هناك آلاف من الأطفال يعانون من هذه الظاهرة، الاعتداء الجنسي عليهم. فإلى متى سنظل نخفي رؤوسنا في الرمال وندعي أن كل شيء على ما يرام، بدلا من مواجهة الحقائق ومعالجة الأمراض. تعرف جمعية الأطباء النفسيين الأمريكيين الاعتداء الجنسي على الطفل على أنه استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق، ويشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك أو الضغط عليه للمشاركة في أنشطة جنسية، أو التعرض له بطرق غير لائقة، أو استغلال الطفل في إنتاج المواد الإباحية .
صدر بحث من معهد الطبي الوقائي بجامعة برين في سويسرا يتضمن مراجعة لجميع الدراسات والأبحاث التي نشرت بين عامي 2002 و 2009 والتي تحدثت عن حالات التحرش الجنسي للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، وبلغ عدد هذه الدراسات والأبحاث 55 دراسة لأكثر من 24 دولة. وأظهرت النتائج أن أقل نسبة للفتيات اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي كانت 8% وأعلى نسبة كانت 31%. وأما بالنسبة للأولاد فقد كانت أقل نسبة 3% وأعلى نسبة 17%. وفي إحصائية حديثة لرابطة علم النفس الأمريكية، أظهرت أن فتاة واحدة من كل 4 فتيات وولد واحد من كل 6 أولاد يتعرضون للاعتداء في فترة حياتهم قبل بلوغهم سن الثامنة عشر، وأن 10% من هؤلاء الأطفال يكونون في سن ما قبل المدرسة، وأن 82% من الاعتداءات تحدث في أماكن يفترض أن تكون آمنة للطفل، وأن 50% من الاعتداءات تحدث إما في منزل الطفل أو منزل الجاني، وأن المعتدي يكون قريبا من الطفل في 90% من الحالات، وأن 30% من المعتدين هم أقارب للطفل، والأكثر منهم من الأخوة أو الآباء أو الأمهات أو الأعمام أو أبناء العمومة، وأن 60% منهم من معارف الأسرة مثل المربيات وأصدقاء الأسرة والجيران والغرباء .
إن هذه الجريمة منتشرة في العلماء العربي أكثر مما يتوقع الكثيرون لأسباب عديدة وعلى رأسها ما يسمى مؤامرة الصمت وهي السرية التي تغلب على مثل هذا النوع من الجرائم خوفا من الفضيحة والخزي والعار وحماية من الملاحقة القانونية للمعتدي من الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران. في دراسة قام بها الباحث النفسي الفلسطيني البروفيسور مروان دويري، تبين أن 50% من الذكور و31% من الإناث كانوا عرضة لمس أعضاءهم رغما عنهم من قبل آخرين. وفي السعودية، كشفت دراسة أجراها مركز مكافحة الجريمة الداخلية عن انتشار ظاهرة إيذاء الأطفال في المجتمع السعودي بشكل عام، حيث تبين أن 45% من الحالات يتعرضون لصورة من صور الإيذاء في حياتهم اليومية. وأوضحت الدكتورة وفاء سعود، الأستاذ المساعد في جامعة الملك سعود، أن دراسة أخيرة كشفت عن ارتفاع نسبة التحرش الجنسي بالأطفال، حيث يتعرض طفل من بين أربعة أطفال للتحرش، ورفض 62% منهم الإفصاح عن الأشخاص الذين تحرشوا بهم. وفي 61% من الحالات، كان أحد الأقارب أو الأشخاص المرتبطون بهم بعلاقات عائلية هو المتحرش. وتكون الفئة العمرية التي يكون فيها الطفل أكثر عرضة للاعتداء ما بين 6 سنوات و10 سنوات .
كشفت الدكتورة نورة إبراهيم الصويان، المديرة في الحرس الوطني في السعودية، أن عدد الدراسات التي أجريت أكدت أن 23% من أطفال المملكة تعرضوا للاعتداء، وأن 62% منهم رفضوا الإفصاح عن هوية المعتدي عليهم .
اضرار تلك الظاهرة :-
ما يميز عالمنا العربي هو غياب ثقافة الحوار بين الآباء والأبناء، وخوف الأطفال من عدم تصديقهم من قبل الكبار، خوفا من تبعات الإشهار والإبلاغ وفضح الأسرار. ويسود فيه ثقافة التلقين، حيث يقوم الكبار بتلقين الصغار دون مناقشة أو تفكير، حيث يتلقى الصغار المعلومات والحقائق، وحتى فلسفة الحياة، ويتلقون الإهانات والتوبيخ والعنف الجسدي والجنسي دون مقاومة أو رفض أو نقاش. وهذه هي النتيجة المتوقعة والمحصلة الحتمية لهذه الطريقة التعليمية والتربوية الاستبدادية، التي ترسخ الطاعة والاحترام للكبار، وفي الوقت نفسه ترسخ الانقياد والاستسلام لرغبة الكبار، حتى ولو كانت تسبب ضررا للصغار..
هذا قد يؤدي إلى أثار نفسية و أمراض عقلية هناك مؤشرات نفسية و سلوكية يستدل بها الأباء و المربون على وجود إعتداء على الطفل منها التغير المفاجئ في شخصية الطفل من مرح إلى حزين يحب الإنطوائية و الإكتئاب و فقدان الثقة بالذات و الأخرين و الشعور بالذنب و إضطرابات في النوم و كوابيس و مشاكل مدرسية بل و سلوكيات تدمير الذات و الأفكار الإنتقامية الإنتحارية و ينشأ على المدى البعيد إضطراب الشخصية و إدمان و عنف عدوانية و أمراض عقلية و مشاكل إجتماعية و عاطفية و جنسية .
إحدى أهم الوسائل لحماية الطفل من الاعتداء هي الوقاية. إنها تهدف إلى خلق جو من الأمان العائلي، حيث يستطيع الطفل التحدث مع والديه وتعلم المعلومات الأساسية عن الثقافة وملكية أجزاء جسده، وبناء الثقة بنفسه للدفاع عن نفسه ورفض أي سلوك غير طبيعي، سواء كان ذلك من شخص غريب أو حتى من أحد الأشخاص المقربين ..