شعر عنترة بن شداد في الفخر
عنترة بن شداد
عرف التاريخ عنترة بن شداد، العربي الذي نحت في ذاكرته شجاعته وبطولاته بماء من ذهب، فقد قاتل الظروف واشتهر بأنه فارس وشاعر ورمز للقوة والشجاعة، وربما زاد عن تلك الصفات التي تغنى بها العرب معاناته النفسية وأزماته وحرمانه والظلم الذي تعرض له .
لقبه ونسبه
هو عنترة بن شداد بن عمرو بن قراد بن مخزوم بن عوف بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض، ويقال إن جده هو شداد، وهناك بعض الأقوال تقول بأن أباه هو عمرو، وعمه هو شداد وتربى في بيته ونسب إليه بذلك، ولم ينسب إلى أبيه عمرو، وكانت أمه أمة سوداء يقال لها زبيبة، ورفضه أبوه ولم يعترف به، وكان من صفات العرب أنه عندما ينجب السيد من أمة استعبدوه ولم يعترفوا بنسبته، وكان لعنترة بن شداد أخوة من أمه، وكانوا عبيدا كذلك .
يروى أن عنترة بن شداد ولد في عام 530 ميلادية، وذلك لأن حرب داحس والغبراء انتهت قبل ظهور الإسلام بقليل، حيث اشترك عنترة بن شداد في هذه الحرب منذ بدايتها وحتى نهايتها. عاش عنترة في عصر شهد فيه العديد من الشعراء مثل عروة بن الورد، ويعكس شعره كل ما مر به من تجارب الحروب والتعب والحب والفخر بذاته وبنسبه، وقد اختلف المؤرخون في الوسيلة التي حصل بها عنترة على حريته، ومن أكثر هذه الروايات شيوعا أنه عندما أغارت بعض قبائل العرب على قبيلة عبس، فقاتل العبسيون هؤلاء الغزاة وكان عنترة بينهم، وقال له أبوه كر يا عنترة؛ فرد العبد عليه لا يحسن الكر إنما يحسن الحلاب والصر، فقال له أبوه: كر وأنت حر، واعترف به في ذلك اليوم ونسبه إليه. ولعل معاناة عنترة زادت حدتها في الوقت الذي أحب فيه عبلة ابنة عمه، وأبى عمه أن يزوجها له لسواده ولأنه ابن أمة، وكان عنترة يشعر بالنقص، فكان يعوض نقصه بشجاعته وفروسيته، وكان ذلك واضحا في شعره عن الفخر، وسنذكر بعضا من هذه الأشعار من خلال هذا المقال .
شعر عنترة ابن شداد في الفخر
أخذت من الحديد أقسى القلوب… والحديد تآكل ولم أتآكل
في زمن الحرب وُلدت طفلًا،وسقيته من لبن المعامل
لقد شربت دم الأعداء بالأقحف والرؤوس المقطوعة ولم أُشفق
ومن قصائده في الفخر
حَكِّم سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ
وَإِذا نَزَلتَ بِدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ
وَإِذا بُليتَ بِظالِمٍ كُن ظالِم
وَإِذا لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلي
وَإِذا الجَبانُ نَهاكَ يَومَ كَريهَةٍ
خَوفاً عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ
فَاِعصِ مَقالَتَهُ وَلا تَحفِل بِه
وَاِقدِم إِذا حَقَّ اللِقا في الأَوَّلِ
وَاِختَر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ
أَو مُت كَريماً تَحتَ ظُلِّ القَسطَلِ
فَالمَوتُ لا يُنجيكَ مِن آفاتِهِ
حِصنٌ وَلَو شَيَّدتَهُ بِالجَندَلِ
مَوتُ الفَتى في عِزَّةٍ خَيرٌ لَهُ
مِن أَن يَبيتَ أَسيرَ طَرفٍ أَكحَلِ
إِن كُنتَ في عَدَدِ العَبيدِ فَهِمَّتي
فَوقَ الثُرَيّا وَالسِماكِ الأَعزَلِ
أَو أَنكَرَت فُرسانُ عَبسٍ نِسبَتي
فَسِنانُ رُمحي وَالحُسامُ يُقِرُّ لي
وَبِذابِلي وَمُهَنَّدي نِلتُ العُل
لا بِالقَرابَةِ وَالعَديدِ الأَجزَلِ
وَرَمَيتُ مُهري في العَجاجِ فَخاضَهُ
وَالنارُ تَقدَحُ مِن شِفارِ الأَنصُلِ
خاضَ العَجاجَ مُحَجَّلاً حَتّى إِذ
شَهِدَ الوَقيعَةَ عادَ غَيرَ مُحَجَّلِ
وَلَقَد نَكَبتُ بَني حُريقَةَ نَكبَةً
لَمّا طَعَنتُ صَميمَ قَلبِ الأَخيَلِ
وَقَتَلتُ فارِسَهُم رَبيعَةَ عَنوَةً
وَالهَيذُبانَ وَجابِرَ بنَ مُهَلهَلِ
وَاِبنَي رَبيعَةَ وَالحَريشَ وَمالِك
وَالزِبرِقانُ غَدا طَريحَ الجَندَلِ
وَأَنا اِبنُ سَوداءِ الجَبينِ كَأَنَّه
ضَبُعٌ تَرَعرَعَ في رُسومِ المَنزِلِ
الساقُ مِنها مِثلُ ساقِ نَعامَةٍ
وَالشَعرُ مِنها مِثلُ حَبِّ الفُلفُلِ
وَالثَغرُ مِن تَحتِ اللِثامِ كَأَنَّهُ
بَرقٌ تَلَألَأَ في الظَلامِ المُسدَلِ
يا نازِلينَ عَلى الحِمى وَدِيارِهِ
هَلّا رَأَيتُم في الدِيارِ تَقَلقُلي
قَد طالَ عِزَّكُم وَذُلّي في الهَوى
وَمِنَ العَجائِبِ عِزَّكُم وَتَذَلَّلي
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ
بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ
وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ
ومن شعر الفخر لعنترة
سكت فغر أعدائى السكوت
وظنونى لأهلى قد نسيتُ
وكيف أنام عن سادات قوم
أنا من فضل نعمتهم ربيتُ
وإن دارت بهم خيل الأعادى
ونادونى أجبت متى دعيتُ
بسيف حده يزجى المنايا
ورمح صدره الحتف المميتُ
خلقت من الحديد أشد قلبا
وقد بلى الحديد وما بليتُ
وفى الحرب العوان ولدت طفلاً
ومن لبن المعامع قد سقيتُ
ولى بيتٌ علا فلك الثريا
تخر لعظمِ هيبته البيوتُ
أبيات من معلقة عنترة بن شداد
إِذْ يَتَّقُونَ بِيَ الأَسِنَّةَ لَمْ أَخِـمْ عَنْهَا وَلَكنِّي تَضَايَـقَ مُقْدَمي
ولقَدْ هَمَمْتُ بِغَارَةٍ في لَيْلَـةٍ سَوْدَاءَ حَالِكَـةٍ كَلَوْنِ الأَدْلَـمِ
لَمَّا سَمِعْتُ نِدَاءَ مُـرَّةَ قَدْ عَلاَ وَابْنَيْ رَبِيعَةَ في الغُبَارِ الأَقْتَمِ
وَمُحَلِّمٌ يَسْعَـوْنَ تَحْتَ لِوَائِهِمْ وَالْمَوْتُ تَحْتَ لِوَاءِ آلِ مُحَلِّمِ
أَيْقَنْتُ أَنْ سَيَكُون عِنْدَ لِقَائِهِمْ ضَرْبٌ يُطِيرُ عَنِ الفِرَاخِ الجُثَّـمِ
لَمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ يَتَذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ
يَدْعُونَ عَنْتَرَ وَالرِّمَاحُ كَأَنَّـهَا أَشْطَانُ بِئْـرٍ في لَبَانِ الأَدْهَـمِ
مَا زِلْتُ أَرْمِيهُمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ وَلَبَانِـهِ حَتَّى تَسَرْبَـلَ بِالـدَّمِ
فَازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنَا بِلَبَانِـهِ وَشَكَا إِلَيَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ
لَوْ كَانَ يَدْرِي مَا المُحَاوَرَةُ اشْتَكَى وَلَكانَ لَوْ عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِي
وَلَقَدْ شَفَى نَفْسِي وَأَبْرَأَ سُقْمَهَا قِيْلُ الفَوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ
وَالخَيْلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِـسَاً مِنْ بَيْنِ شَيْظَمَـةٍ وَأَجْرَدَ شَيْظَمِ
ذُلَلٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي لُبِّـي وَأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ
إِنِّي عَدَاني أَنْ أَزوَركِ فَاعْلَمِي مَا قَدْ عَلِمْتُ وبَعْضُ مَا لَمْ تَعْلَمِي
حَالَتْ رِماحُ ابْنَي بغيضٍ دُونَكُمْ وَزَوَتْ جَوَانِي الحَرْبِ مَنْ لم يُجْرِمِ
وَلَقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ وَلَمْ تَدُرْ لِلْحَرْبِ دَائِرَةٌ عَلَى ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمَيْ عِرْضِي وَلَمْ أَشْتِمْهُمَا وَالنَّاذِرِيْنَ إِذْا لَقَيْتُهُمَـا دَمـِي
إِنْ يَفْعَلا فَلَقَدْ تَرَكْتُ أَبَاهُمَـا جَزَرَ السِّباعِ وَكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَـمِة بن شداد