شرح قصيدة على قدر اهل العزم
المتنبي هو شاعر عربي مشهور من قبيلة كندة، ولد في الكوفة في عام 915م، واسمه الحقيقي هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفري الكندي الكوفي، واشتهر المتنبي بالشعر بشكل كبير في بلاد العرب.
اشعار المتنبي
يعتبر المتنبي من أشهر شعراء اللغة العربية طوال التاريخ، حيث كان أحسنهم في صياغة الشعر ويعرف الكثيرون عن خفايا اللغة العربية. ولذلك، يعتبر واحدا من كبار الأدباء العرب. وقد تميز شعره المميز الذي كان يجيده، وكان يمدح الملوك، وخاصة سيف الدولة الحمداني الذي ترافق معه لفترة طويلة. وللأسف، تم قتله بسبب بيت شعر كتبه في بغداد عام 965م. واليوم، سنتعرف على واحدة من أهم قصائد المتنبي وهي “على قدر أهل العزم.
ما هو تحليل قصيدة على قدر اهل العزم
قد تتناول القصيدة التي كتبها المتنبي العديد من الموضوعات التي سنحاول اليوم شرحها
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يقول هنا الشاعر، ان لكل شخص من الاشخاص همة معينة، وان العزائم تأتيه على قدر همته، وقال أيضا ان أصحاب العزائم الكبيرة تأتيه العزائم الكبيرة التي تناسب عزمه، ولكن إذا كان الرجل فاشل وتضمر عزيمته وتصيب همته الفتور، ذلك القانون يسير أيضا على المكارم، فان كان الشخص كريم بشكل كبير او حتى قليل الكرم.
يؤكد الشاعر بعد ذلك على حكمته التي تتمثل في أن الشخص الصغير يرى الأشياء الصغيرة بالرغم من صغرها ويعتبرها أشياء كبيرة وعظيمة جدًا لا يستطيع حلها، في حين أن الشخص الكبير العظيم ينظر إلى الأشياء العظيمة على أنها صغيرة جدًا حتى وإن كانت كبيرة.
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ وَذَلِكَ ما لا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
ثم يبدأ المتنبي في الحديث عن سيف الدولة ويمدحه، وكان هذا هو الغرض الرئيسي للأبيات، حيث يطلب سيف الدولة من جيشه أن يكون لديه همة وعزيمة شديدة مثل همة وعزيمة سيف الدولة، ويقول أيضًا إن همة جيشه وعزيمته أقل بكثير من همة وعزيمة سيف الدولة.
وأشار إلى أن سيف الدولة يطلب من الناس أن يكونوا طيبين وشجعان وسخاء، وهذه هي الصفات الموجودة في سيف الدولة، والتي تجعل من الصعب على الأسود الامتثال لها.
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمرًا سِلاحُهُ نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
كما يذكر أيضا المتنبي على ان النسور الكبيرة المسنة، تقوم بفداء سلاح جيوش سيف الدولة، وذلك لان جيوش سيف الدولة قد تركت من ورائها الكثير من الطعام من الجثث والقتلى من الحروب، وهي التي وفرت على النسور مشقة الصيد، حتى وان كانت تلك النسور دون مخالب فأنها لن تضر من ذلك الامر فجيوش سيف الدولة تكفيها.
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
قيل سابقاً بأن الحدث هو اسم قلعة، لكن المتنبي كان لديه رأي آخر، فقد وصف الحدث الحمراء بأنها كناية عن اللون الأحمر للدم الذي اراقته سيوف الدولة في ذلك المكان. ويتساءل إذا كنت لا تزال تتذكر الحدث بلونه الأول أم أنك نسيته بسبب الدم الذي سال عليه.
ثم يقول إن تلك الغيوم قد سقت قلعة الحدث بالماء، ولكن ذلك كان قبل أن يأتي سيف الدولة مع جيشه ويغير لونها إلى الأحمر بسبب تدفق الدماء جراء قطع الرؤوس.
بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ
تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ
يقول المتنبي هنا أن القلعة كانت عالية جداً في البناء، ولكنها لم تكن مرتفعة بما فيه الكفاية بالنسبة لسيف الدولة وجيوشه، حيث كانت رماح الجيش تتطاير فوق القلعة بالرغم من ارتفاعها، ولذلك تعرضت القلعة العالية لموجات كبيرة من الهجوم.
ثم قال المتنبي أيضا إن ولو كانت تلك القلعة مرتفعة جدا وإنها تعتبر خاصية الدهر وأعطيت للروم بعد المسلمين، وبعد ذلك استولى عليها المسلمون بالقوة ورغما عنهم. وهنا يقول إن ما تأخذه الأيام من غيرك فإنها ستأخذه، وإنما ما تأخذه منه لن تعيده مرة أخرى. ولكن الأمر مختلف عندك أنت يا سيف الدولة، فالليالي تختار لك ما تأخذه منك وترده إليك مرة أخرى.