دولة الموحدين
خاض المغرب العربي والأندلس العديد من الحروب وظهرت دول واندثرت أخرى، وقتل ما يقارب الثمانين ألف مسلم في بلاد المغرب العربي والأندلس في 541 هجرية / 1146 ميلادية أثناء قيام دولة الموحدين التي هزمت دولة المرابطين في تسع معارك كبيرة لتسيطر على المغرب العربي والأندلس ومن بعدها يبدأ الموحدين القصة مع بلاد المغرب العربي وفرض سيطرتهم عليها.
تاريخ دولة الموحدين
حكمت دولة المرابطين بلاد الأندلس والمغرب العربي، وأسسها عبد الله بن ياسين الجدولي في القرن الخامس الهجري. وكان يدعو إلى الإصلاح الإسلامي ويشجع تكوين جيش من المسلمين المرابطين ويتولى تدريبهم بنفسه وعلماء من المسلمين. وسميت دولة المرابطين بهذا الاسم لأنها نشأت من حركة إصلاحية تسير على المنهج السني المالكي، وبنت قوة عسكرية لتحمي أهدافها، وتفرض نفوذها على العديد من القبائل في المغرب العربي. ومن هنا يعود أصل التسمية.
استولت دولة المرابطين على بلاد شنقيط في الغرب وحوض نهر السنغال جنوبا، وتمتد سلطتها إلى إمبراطورية كانم شرقا وبحيرة تشاد في الصحراء الكبرى، وتمتد شمالا حتى جبال الأطلسي، وسيطرت على الأندلس واستعادت الأجزاء التي تم احتلالها من الصليبيين، وكانت في أقوى حالاتها خلال أول عشر سنوات من حكمها، ولكن الضعف والخلافات أضعفت هذه الدولة مع ظهور دولة الموحدين التي خاضت معها العديد من الحروب وأطاحت بها.
في القرن السادس الهجري، نشأت دولة الموحدين أو الدولة الموحدية تحت قيادة شخص يدعى ابن تومرت، الذي كان يلقب بالمهدي بسبب اسمه الحقيقي (محمد بن عبد الله بن وجليد بن يامصال). وحصل ابن تومرت على دعم من رجلين مثقفين هما عبد المؤمن بن علي التاجري الكومي الندرومي وأبو محمد عبد الله بن محاسن الونشريسي. في البداية، اجتهد ابن تومرت في دراسة اللغة والدين في بلاد المشرق وأوروبا.
في البداية، تأسست حركة إسلامية تدعو إلى إنشاء خلافة إسلامية صحيحة تعيد الأمة إلى عصر الخلفاء الراشدين. تركيزها وحفظها لمبدأ توحيد الله الأصلي، ومن هنا جاء اسم الدولة الموحدية وأصبح أتباعها معروفين بالموحدين. بدأ ابن تومرت في نشر هذه الحركة في العديد من البلدان في المغرب العربي ومصر وتلمسان وغيرها من العواصم العربية العلمية والسياسية. تجمع حوله الكثير من المؤيدين حتى تمكن من جمع وتحشيد ثورة كبيرة، ثم أسس حكومته في المغرب العرب.
وبعد أن استطاع ابن تومرت القضاء على دولة المرابطين قام بالاستمرار في حشد الأنصار حوله، إلى أن قاموا بمبايعته ليتولى ولاية الأمة المغربية في عام 516 هجرية، واستمر فيها حتى توفي عام 524 هجرية، وأخذ الحكم من بعده عبد المؤمن بن علي الذي قام بتوسيع حكم الدولة حتى شملت المغرب الأقصى بأكمله.
أعلن بهذا قيام دولة الموحدين، وقام بضم قرطبة والأندلس وخاض العديد من المعارك ضد الإسبان، وخاض معارك مع النورمان والمرابطين في تونس ومراكش وأنهى حكمهم، حيث استطاع أن يوحد المغرب العربي كله على مذهب واحد المذهب المالكي، واستطاع عبد المؤمن أن يكون جيش قوي بلغ نصف مليون مقاتل.
عقيدة دولة الموحدين
تعتمد عقيدة الدولة الموحدية على فكر ابن تومرت الذي كان يدعو إلى الإصلاح ونهي المنكر بطريقته الخاصة، وقيل إنه نهر سفراء امرأة عابرة وأمرهم بتغطية وجوههم، كما دعا إلى السير على أحكام السيرة النبوية والعودة إلى الخلافة الراشدة. تأسست العديد من المؤسسات في دولة الموحدين، مثل مجلس العشرة ومجلس الخمسين وجماعة الطلبة، التي نظمت الأفكار السياسية والمذاهب السياسية للدولة وعرضتها على الناس بشكل منظم على شكل دول.
أين قامت دولة الموحدين
امتدت دولة الموحدين على بلاد المغرب العربي ووصلت إلى برقة وما وراءها حتى حدود مصر، واستعادت الجزر والسواحل في إفريقية من النورمان، وكان الموحدين هم أول الدول التي توحدت المغرب العربي بأكمله.
أسباب سقوط دولة الموحدين
هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى سقوط دولة الموحدين، وهي:
-الاعتداد بالرأي: في عهد الخليفة الناصر، انفصل الخليفة عن شيوخ الدولة واستند إلى رأيه الخاص، ولم يوافق على نصيحة الشيخ أبي حفص بعدم القتال في الأندلس.
-الإطالة في حصار شلبطرة: استمر الحصار لمدة 8 أشهر مما أضعف قوة المسلمين وأثر عليهم خاصة مع دخول فصل الشتاء، ولكن جاء الدعم الصليبي من شرق أوروبا واستعادوا قوتهم.
-الغرور بالعدد: انغر على الخليفة الناصر كثرة جنوده وقوة عتاده وأهمل التنظيم والتقوية بعكس جيش ألفونسو الذي كان متماسكًا ومنظمًا بشكل كبير ولديه عزيمة قوية.
من قضى على دولة الموحدين سنة 668
سار جيش بني مرين بقيادة أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق ليقاتل الموحدين في أواخر عام 667 هجرية وتحاربوا في معركة شديدة دارت في وادي غفو الذي يقع بين مراكش وفاس وقُتل في هذه المعركة إدريس الواثق أخر حكام الموحدين وانهزم جيش الموحدين ودخل المرينيين إلى مراكش لتسقط دولة الموحدين إلى النهاية في التاسع من محرم عام 668 وتقام دولة المرينيين.