درجات محبة النبي
محمد – صلى الله عليه وسلم – هو أشرف الخلق وأعظم المرسلين، والله – عز وجل – اختاره ليكون خاتم الأنبياء ومنقذ الناس من الظلمات إلى النور، بإذن ربهم، وإلى صراط العزيز الحميد. وقد قال الله تعالى: `لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة`. لذلك، فإنه هو القدوة الأولى والأخيرة التي يجب أن يتبعها جميع المسلمين. فهو الذي أرشده ربه وأعلمه أحسن التعاليم. وبالتالي، يجب على القلب أن يحمل حب النبي – صلى الله عليه وسلم – وأن يتبع سنته ويسعى لرضاه. ورضا الله – عز وجل – هو أعظم رضا يمكن أن يحققه الإنسان لنفسه وللناس جميعا. لذلك، يجب على كل مسلم موحد أن يملأ حب النبي – صلى الله عليه وسلم – قلبه تماما، فالمحب لمن يحب يتبعه في كل شيء .
علامات محبة النبي
يعد السؤال عن كيفية حصول العبد على محبة النبي صلى الله عليه وسلم من أعمق الأسئلة وأهمها، حيث أن حصول العبد على محبة النبي ينعكس على أفعاله ويتضح ذلك من علامات مثل
اتباع النبي وطاعته
الطاعة تعني أن يقوم الإنسان بكل ما يأمر به من يريد طاعته، سواء كان ذلك بإنجاز الأمر المأمور به، أو تجنب النهي المحرم، أو الامتناع عن المحبوسات، وكل هذا يحبب إلى القلوب؛ لأن طاعة النبي – صلى الله عليه وسلم – هي واجب عظيم في القلب. وقد أمرنا الله – عز وجل – بطاعة النبي – صلى الله عليه وسلم – في العديد من الآيات، منها قوله تعالى: “قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين”، وقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم”، وقوله تعالى: “يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله .
تعظيم قدر النبي
من أهم مظاهر محبة النبي – صلى الله عليه وسلم – هو احترامه وتقديره من قبل المسلمين ورفعته في المجتمع، وقد قال الله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، لذلك فإن أكبر علامات تعظيمه وتقديره هي الصلاة عليه في الكثير من الأوقات، وتذكر حياته والتقيد بسنته.
نصرته والدفاع عن سنته
قال الله تعالى: (للمهاجرين الفقراء الذين أجبروا على مغادرة ديارهم وممتلكاتهم، يسعون لرحمة ورضا الله وينصرون الله ورسوله، فهؤلاء هم الصادقون). ولدينا في حب الرسول للأنصار دليل على ذلك، حيث أن حب النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم كان بسبب أنهم كانوا الأول من نصروه وساندوه وآمنوا به .
الاقتداء به
يقول الله -تعالى-: (لقد كان لكم في رسول اللـه أسوة حسنة لمن كان يرجو اللـه واليوم الآخر وذكر اللـه كثيرا)، فإن رسول الله – صلى اللـه عليه وسلم – هو معلم الخير والحق للناس، ويجب على كل مسلم محب له أن يتخذه قدوة يقتدى بها في جميع أفعاله وأقواله، فصفات الرسول هي أفضل الصفات التي يمكن للإنسان أن يقتدي بها
درجات حب النبي صلي الله عليه وسلم
قال ابن رجب – رحمه الله : محبة النبي على درجتين :
إحداهما : فرض ، وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به الرسول من عند الله، وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم، وعدم طلب الهدى من غير طريقه بالكلية، ثم حسن الاتباع له فيما بلغه عن ربه من تصديقه في كل ما أخبر به، وطاعته فيما أمر به من الواجبات، والانتهاء عما نهى عنه من المحرمات، ونصرة دينه، والجهاد لمن خالفه بحسب القدرة .
والدرجة الثانية : فضل ، وهي المحبة التي تقتضي حسن التأسي به ، وتحقيق الاقتداء بسنته في أخلاقه وآدابه ونوافله وأكله وشربه ولباسه ، وغير ذلك من آدابه الكاملة وأخلاقه الطاهرة ، والاعتناء بمعرفة سيرته وأيامه، ومن أعظم ذلك : الاقتداء به في زهده في الدنيا والرضى باليسير منها، ورغبته في الآخرة ) .
ورى الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن هشام قال: (كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو آخِذٌ بيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقالَ له عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن كُلِّ شيءٍ إلَّا مِن نَفْسِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْكَ مِن نَفْسِكَ فَقالَ له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ، واللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الآنَ يا عُمَرُ) فهنا نجد أن درجات محبة النبي – صلى الله عليه وسلم تظهر في هذا الحديث حيث أن عمر قال في بداية الحديث الدرجة الأولى وهي حب النبي والاعتقاد بما جاء به ، ولكن الدرجة الثانية وهي الأعلى أن يكون النبي أحب من أي شيء حتى النفس ، ولك يجعل الإنسان يريد أن يوافقه في كل قول أو عمل و يقتدي به في كل أفعاله .
وجوب محبة النبي
يجب على كل مسلم أن يحب النبي – صلى الله عليه وسلم -، وينبغي للآباء والأمهات زرع هذا الحب في الأطفال، وهناك أدلة كثيرة على وجوب هذا الحب في القرآن والسنة
- قال الله تعالى: (قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّـهُ بِأَمرِهِ وَاللَّـهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ) .
- قال الله تعالى: النبي هو الأولوية للمؤمنين قبل أنفسهم، أي أنه يجب أن يكون النبي – صلى الله عليه وسلم – أحب إلى المؤمنين من أنفسهم .
- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: لا يؤمن أحدكم حتى يكون حبيبي أكثر إليه من والديه وأولاده وجميع الناس .
ثمرات محبة النبي
- معرفة الإيمان حق المعرفة وتذوقه ففي الصّحيح عن أنس رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “ثلاث مَن كُنَّ فيه وَجَدَ حلاوة الإيمان: أن يكون اللّه ورسوله أحبَّ إليه ممّا سواهما، وأن يُحِبَّ المرء لا يُحبُّه إلّا للّه، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النّار ) .
- أن يكون المسلم في عناية الله – عز وجل – وحفظه دائماً ، يقول أنس رضي اللّه عنه : بينما أنا والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خارجان من المسجد فَلَقِيَنَا رجلٌ عند سدّة المسجد فقال: يا رسول اللّه متَى السّاعة؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “ما أعددتَ لها”، فكأنّ الرّجل استكان، ثمّ قال: يا رسول اللّه ما أعددتُ لها كبير صيام ولا صلاة ولا صدقة، ولكنّي أحبّ اللّه ورسوله، قال: (أنتَ مع مَن أحبَبْتَ ) .
- البركة في النفس والمال والأولاد، ويتطلب حب النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة عليه بكثرة، وإن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تجلب البركة والرزق وتفتح للإنسان كل الأبواب المغلقة في الحياة .