ادب

خصائص مدرسة الديوان

ما هي مدرسة الديوان

تعد مدرسة الديوان واحدة من المدارس الشعرية الحديثة التي تأتي بعد مدرسة البارودي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وخليل مطران، حيث قادت هذه المدرسة حركة التجديد في الشعر العربي، ودعت إلى الابتعاد عن التقاليد والتجديد في الشكل والمضمون

من خلال أعلامها الثلاثة (شكري والمازني والعقاد) والذين لعبوا دورا كبيرا في خدمة نهضة الشعر العربي، ولديهم أثر هام في نشر حركة التجديد في الشعر العربي الحديث، وتعود تسمية المدرسة بهذا الاسم “الديوان” إلى كتاب ألفه العقاد والمازني حيث وضعوا مبادئ مدرستهم في كتاب “الديوان في الأدب والنقد”، وهو كتاب نقدي مشهور. قام العقاد والمازني بنشر جزئين من هذا الكتاب، وفيهما عرضا دعوتهما الجديدة والسمات الحديثة المستخدمة في الشعر، ونقدا لأسلوب كل من حافظ وشوقي والمنفلوطي وشريكهما الثالث في الفكرة وهو عبد الرحمن شكر.

سمات وخصائص مدرسة الديوان

من خصائص هذه المدرسة استخدامهم أسلوب الشعر الحديث وتزعمها حركة التجديد في الشعر العربي، واتسام هذه المدرسة في بواعث الحب وصدق العاطفة والتغني بالطبيعة والاتجاه إلى القيم المعنوية والاعتزاز بالنفس وتخليد مظاهر البطولة واستخدام الخواطر والتأملات، وكانت تدعو إلى الجانب الذاتي والغنائي والتأملي، فاتسم شعرها بالوجدانية أيضاً حيث يعبر الشاعر في الشعر عن ذاته وشخصيته، حيث يعود الفضل للمازني في إدخال العاطفة والخيال في الشعر.

يعتبر العقاد وشكري والمازني زعماء الشعر العربي المعاصر وحملة لراية الثورة ضد الشعر الكلاسيكي والشعر القديم، حيث هاجموا هذه الأشكال الشعرية بسلاح النقد الذي خلده التاريخ.

تناول العقاد الأغراض الشعرية المتنوعة، ولكنه كان رائدًا في الإبداع في الوصف، حيث اتسم شعره بإبراز عواطف الحب المكنونة في نفسه والإبداع في العواطف التي سعى لاقتباسها من تجاربه وثقافته الغنية والواسعة.

كتب عن مدرسة الديوان

أثار هذا الكتاب الجدل في الأوساط الأدبية والشعرية في مصر والعالم العربي، وله تأثير كبير على شوقي والمنفلوطي اللذين غيرا البيئة الشعرية القديمة، وعلى الرغم من انفصال شريكهم عبد الرحمن شكري، فإنه كان رائد هذه المدرسة الأول، وقد اقتدى به المازني والعقاد، حيث إنهما ثلاثة شعراء ذوو ثقافة إنجليزية وكانت الأدب الإنجليزي هو وجهتهم الأولى.

– “ذكر العقاد في كتابه “شعراء مصر والبيئات التي عاشوا فيها في الجيل الماضي” أن مدرسة الديوان تناولت جميع ثقافات العالم من خلال الأدب الإنجليزي، حيث استفادوا من هذا النقد ومن الشعر أيضًا، وذلك من أجل تحقيق توازن مثالي بينهما.

أكد العقاد أن مدرسة الديوان كانت أول حركة تسعى للتجديد في الشعر الحديث، ورفض فضل خليل مطران وأشار إلى أنه حمل الثقافة الفرنسية. كما ذكر العقاد أن شوقي وحافظ تأثرا بآراء مدرسة الديوان، وصفوا بعض الأعمال الشعرية بأنها مبالغ فيها ومتكلفة.

كان المطران هو الزعيم في حركة الدعوة إلى الشعر المتسم بالموضوعية في الأدب الحديث، في حين كانت المدرسة الديوانية تدعو إلى الجانب الذاتي والغنائي والتأملي.

من روَّاد مدرسة الديوان

  • المازني: من الشخصيات المعروفة والرواد في الأدب الحديث، والذي ارتبط اسمه بزميليه شكري والعقاد، واللذين أسسوا معا مدرسة شعراء الديوان، والتي جمعت مجموعة من المشاهير مثل المازني وعبد الرحمن شكري في المعهد العالي، وكان هؤلاء الشعراء مرتبطين بعلاقات وثيقة، حيث كانوا يعلنون عن قدوم شعر جديد بخصائص مختلفة عن الشعر القديم، وقد استكملوا الدعوة التي بدأها قبلهم مطران، ودعمهم في الكفاح الثقافي والنضال الأدبي هذا الشاعر المعروف أبو شادي، ونتج عن ذلك صراع نقدي بين شعراء الديوان ومدرسة شوقي وحافظ في عام 1915م، حيث أظهرت المشاكل في كتاب المازني والعقاد الذي يتحدث عن نقد حافظ بعنوان “شعر حافظ”، وبعدها أعلن شكري انفصاله عن زميليه، مما أثار الخلاف وبعدها وصف شكري المازني بأنه لص بسبب ادعائه لبعض الأشعار الإنجليزية، وفي عام 1921م نشر كل من المازني والعقاد كتابا يحمل اسم “الديوان” وينتقدان فيه بصراحة شوقي وحافظ، وناقش المازني أيضا المنفلوطي، ونقد شكري بعدما أشاد به في مقدمة كتاب “شعر حافظ”، ويعتقد شعراء مدرسة الديوان أن الشعر يجب أن يكون مشبعا بالعواطف وينبع من داخل الشاعر وتجاربه في الحياة، أي أن شعرهم يتسم بالعواطف، بينما كان شعر مطران يميل إلى الواقعية، حيث يرى الديوان أن أساس الشعر هو التعبير عن الذات ومشاعر الشاعر وأحاسيسه، وبدأ المازني حياته الأدبية كشاعر يكتب قصائد تصور ذاته ومشاعره وهمومه وألمه وأحزانه وتطور حياته، وتأثر بكبار شعراء العرب وخاصة العباسيين مثل ابن الرومي، والمازني كان من النقاد الذين تركوا أثرا واضحا في الأدب العربي، ومن أشهر قصائده:

أكلما عشت يوماً

أحسست أني متّه

وكلما خلت أني

وجدت خلصاً فقدته

لا أعرف الأمن عمري

كأنني قد رزئته

ما تأخذ العين إلا

ما ملني ومللته

كأن عيني مدلو

لةٌ على ما كرهته

تضيئني الشمس لكن

لاجتلى ما أجمته

ثوب الحياة بغيضٌ

يا ليتني ما لبسته

  • شكري: شكري كان واحدا من رواد المدرسة الحديثة في الشعر العربي وقد انفصل عن زميليه العقاد والمازني وبدأ في نقدهما. تعرف شكري على المازني في دار المعلمين العليا التي تعرف باسم العقاد. جمعتهم ثورة شعرية لربط الأدب وصلات الشعر واللجوء إلى الديانة الجديدة. انتقد شوقي المازني بسبب سرقته للشعر الغربي وتبادل الانتقادات في جريدة النظام. كما نقد شكري “المازني والعقاد” في مقالات نشرت في صفحات عكاظ في عام 1919 و 1920. ولجأ المازني إلى نقد شكري في كتابه الديوان الذي صدر عام 1921، ووصفه بأنه صنم الألاعيب وذمه بالشعوذة والجنون في زمن أشعاره
حنيني إِلى وجهِ الحبيبِ جنونُ
جنونٌ يهيج القلبَ وهْو شجونُ

أحبك لا حبي عليك بسُبَّةٍ
ولا أنَّ وجدي في هواكَ يُشِينُ

وحُسْنُك يجلو النفسَ من كلِّ ريبةٍ
ويُطْهِرُ قلبًا في هواكَ طعينُ

فجُدْ لي بذخرٍ من ودادك خالدٍ
فكلُّ قليلٍ من هواك ثمينُ

وإِنَّ ظنوني في الحياة كثيرةٌ
ولكنَّ ظني في هواك يقينُ

فوا حَسْرَتَا لا لي إِليك وسيلةٌ
ولا أنَّ قُرْبًا في الحياةِ يَحِينُ

وقربك إِشفاقٌ وبرٌّ ورحمةٌ
على مهجةٍ إِن لم تَبِنْ ستبينُ

وكيف أُرجِّي منك عطفًا ورحمةً
ولم يُفْشَ سرٌّ في الضلوع كمينُ

ولم تَدْرِ أني منك ضامرُ لوعة
ولا أن قلبي في هواك رهينُ

عسى مخبرٌ عما أُعَانِيهِ في الهوى
فيُؤمَلُ خفضٌ من رضاك ولينُ

نهاري حنينٌ واشتياقٌ ولوعةٌ
وليلي حنين في الهوى وأنينُ

وما الدهرُ إِلا البحر والموت عاصفٌ
عليه وأعمار الأنام سفينُ

فلا تعصفوا بالهجر والبعدِ والقلى
فما لي على هذا الشقاءِ مُعِينُ

تبشرني الآمالُ بالقرب منكمُ
فيا ليت آمالَ النفوس يقينُ

ويا ليت لي نهجًا إِليك وحيلةً
ويا ليت عطفًا من رضاك يكونُ

ويا ليت أني مُقْعَدٌ في ديارِكُمْ
مقيمٌ على صَرْفِ الزمانِ ركينُ

ويا ليتني شيء إِليك محبَّبٌ
وأنت به طول الحياة ضنينُ

  • العقاد: هو أديب وشاعر وناقد محترف وشخص عبقري موهوب، ومعروف أيضا بأنه كاتب عصامي وإمام عظيم في الأدب والشعر في العالم العربي. كان شاعرا وجدانيا يجمع بين قوة العاطفة وعمق الفكرة. طوال حياته، كان العقاد متحمسا للتجديد والإبداع والابتكار، مما دفعه للمساهمة في إنشاء مدرسة شعرية تعرف بمدرسة شعراء الديوان، والتي تتميز بالأدب الرومانسي في الأدب العربي. لديه العديد من القصائد، من بينها:

يهم ويعييه النـــهــــوض فيجثــــــــم

ويعزم إلا ريشه ليس يعــزم

لقد رنق الصرصور وهو على الثرى

مكب وصاح القطا وهو أبكم

يلملم حدبـــاء الــقــدامــــــى كـــأنـــها

أضالع في أرماسها تتهشــــم

ويثقله حمل الجـنـاحيـــــن بعــدمـــــــا

أقلاه وهو الكاسر الـمتقــحــم

إذا أدفأته الشمـس أغفـــــى وربمــــــا

توهمها صيدا له وهو هيثــــم

لعينيك يا شيخ الطــيـور مـهــــابـــــــة

يفر بغاث الطير عنها ويهـزم

وما عجزت عنك الــــغـــداة وإنـمـــــا

لكل شباب هيـــبة لا تهـــــرم.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى