العالمحروب

حقائق و تفاصيل حرب البوسنة

واجهت البوسنة العديد من المحاولات المختلفة لتقليل أعداد المسلمين بها، مما يجعل من الصعب تحديد العدد الأصلي للسكان، وتضم البوسنة مجموعة من العرقيات المختلفة بما في ذلك الصرب والكروات والألبان وغيرهم، وهذا هو السبب وراء اندلاع الحرب في الفترة من عام 1992م إلى عام 1995م، ويقال إن عدد المسلمين في البوسنة يبلغ حوالي 44% من إجمالي السكان .

بداية نشأة البوسنة و الهرسك :
قديماً كان ينتمي سكان البلقان إلى قبائل تسمى قبائل إليريه ، و قد تعرضت منطقتهم لغزو خلال القرن السابع الميلادي من قِبل قبائل سقلبية ، و هذه القبائل كانت تضم مجموعات مختلفة منهم السلافيون و الأوكرانيون و البولنديون و التشيكيون و السلوفيون و الصرب و الكروات و البشناق – الذين شكلوا دولة البوسنة و الهرسك – .

في بداية القرن التاسع الميلادي، نشب صراع شديد بين الدولة الصربية الأرثوذكسية في الجنوب والدولة الكرواتية الكاثوليكية في الشمال. تعرضت بلاد البشناق للعديد من الضغوطات المختلفة جراء هذا الصراع بين البلدين. بعد تأسيس دولة البشناق الخاصة بهم عام 1137م وفقا للمذهب البوغوميلي، تعرضوا للمزيد من الضغط وتعرضوا لجرائم بشعة أودت بحياة العديد منهم .

فتح الدولة العثمانية لدولة البشناق :
استمر هذا الصراع لفترة طويلة تمتد لأكثر من مائتين وخمسين عاما، حتى دخل الإسلام إلى البلاد مع فتح العثمانيين. وجد البشناق في الإسلام العدل والتسامح، ورواهم القوة التي تميزت بها الدولة العثمانية. لذا، طلبوا المساعدة من حملة تيمورلنك لنشر الدين الإسلامي في الدولة. وبالفعل، حدث ذلك، وحافظ البشناق على الإسلام والجهاد في سبيله .

في عام 1464م نجح السلطان محمد الفاتح في إتمام الفتح الكامل لبلاد البوسنة و الهرسك و بعد هذا الفتح قام ما يقرب من 3000 رجل منهم بالإنضمام إلى الجيش الإسلامي ، و لم يكن هذا الأمر نهاية الصراع حيث دام صراع طويل و حدثت العديد من المجازر التي استمرت لقرون طويلة منذ دخول أهل البوسنة و الهرسك في الدين الإسلامي .

وضع البوسنة و الهرسك تحت إدارة النمسا :
في عام 1877م حدثت حرب بين روسيا و الدولة العثمانية و التي استطاعت روسيا أن تحقق النصر بها و تحصل على العديد من المكاسب المختلفة و ذلك خلال معاهدة سان ستيفانو ، و كان هذا الأمر ليس في مصلحة إمبراطورية النمسا و المجر لأن ذلك سيجعل للروس سلطة كبيرة في البلقان ، لذلك قامت بإجبار فيينا على عقد مؤتمر برلين مع الدول الأوروبية لكي يتم تقسيم الغنائم .

كانت نتائج هذا المؤتمر تعتبر كارثة حقيقية للمسلمين، حيث تم تسليم السيطرة على البوسنة والهرسك للنمسا، وبالتالي فقدت الدولة العثمانية سيطرتها عليها، وحصلت صربيا والجبل الأسود على استقلالهما، وتم اتخاذ عدة إجراءات، بما في ذلك إنشاء منصب رئيس العلماء لتنظيم الشؤون الدينية للمسلمين في البوسنة، وتم تعيين الشيخ مصطفى حلمي، الإمبراطور النمساوي، في هذا المنصب .

تشكيل مملكة يوغوسلافيا :
أعلن السياسي السلوفيني كوريشيتس في عام 1917م رغبته في إنشاء دولة واحدة تضم السلوفينيين والكروات والصرب. تم إصدار برلمان بهدف مماثل في كرواتيا عام 1918م، وفي عام 1919م تأسست منظمة المسلمين اليوغسلاف، التي كان رئيسها الدكتور محمد سباهو يرغب في الحفاظ على هوية البوسنة كدولة مستقلة. نجح هذا الحزب في الحصول على دعم جميع المسلمين خلال الانتخابات التي جرت في عام 1920 .

في عام 1929م، وافق الملك ألكسندر على الدستور الجديد الذي ينص على جعل مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين تحت اسم مملكة يوغسلافيا، وتم تقسيم دولة البوسنة إلى مجموعة من المقاطعات داخل حدود المملكة، حيث تحتوي البوسنة على أربع مقاطعات وهي: فرباسكا التي تحتوي على أجزاء من كرواتيا، ودرينسكا التي تحتوي على أجزاء من صربيا، وزيتسكا التي تتألف من الجبل الأسود، وبريمورسكا التي تشتمل على بعض أجزاء ساحل دالماتسيا .

نتيجة لهذا التقسيم، حدث صراع شديد بين الصرب والكروات. في عام 1939م، توصل الوزير الصربي والزعيم الكرواتي إلى اتفاقية لحل هذا الأمر، تنص على تقسيم البوسنة والهرسك بينهما ودمج سافسكا وبريمورسكا لتشكيل المقاطعة الكرواتية. كان على جميع السكان أن يجروا استفتاء لتحديد رغبتهم في البقاء في صربيا أم كرواتيا .

تأثير اندلاع الحرب العالمية الثانية :
عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، ساعدت ألمانيا كرواتيا في الحصول على البوسنة والهرسك، ونجح تيتو، الثوري الكرواتي الأصل، في تشكيل حكومة مؤقتة تمهد له الطريق للاستيلاء على يوغوسلافيا. وفعلا استولى على يوغوسلافيا عام 1945م، وخضعت يوغوسلافيا لحكم الشيوعيين الذين تعاملوا مع كل من لم يتقبل حكمهم بقسوة شديدة. قام تيتو بإعدام أكثر من 250 ألف شخص، واعتقل عددا كبيرا من الناس .

في عام 1946م، تم الإعلان عن الدستور الاتحادي اليوغوسلافي الذي يحفظ حرية المعتقدات، ولكن هذا كان مجرد كذبة وليس أكثر من ذلك، حيث تم إغلاق المحاكم الشرعية والكتاتيب التي كانت تعلم الطلاب القرآن والدين الإسلامي في نفس العام، وفي عام 1950، تم إغلاق جميع الجمعيات الإسلامية، بما في ذلك جمعيات “غيرت” و “بريبورود” وغيرها، ولم تسمح الدولة سوى بوجود الجمعية الدينية الإسلامية الرسمية ومدرستين إسلاميتين تخضعان لرقابة شديدة .

المجازر الصليبية التي حدثت بالبوسنة :
بعد سنوات من وفاة تيتو وتفكك يوغوسلافيا، حصلت جمهورية البوسنة والهرسك على استقلالها عن صربيا بعد اجتماع البرلمان في سراييفو عام 1991م. ولكن هذا الأمر أغضب صربيا التي أعلنت عن إنشاء دولة جديدة تتألف من الصرب والجبل الأسود والمناطق الصربية في البوسنة والهرسك. ومع ذلك، تركت الدول الأوروبية المجال مفتوحا أمام البوسنة والهرسك لإثبات استقلالها بوثائق، وتم إجراء استفتاء أدى إلى حصول البوسنة والهرسك على استقلالها رسميا .

قام جنود الصرب بارتكاب جرائم بشعة في حق المسلمين بالبوسنة بسبب رغبتهم في ضمها إليهم ، و كانت الكنيسة الأرثوذكسية تعلم بأمر تلك المجازر و تحرض عليها أيضاً ، حيث كان الجنود يقومون يقطع إصبعين و الإبقاء على ثلاثة أصابع من ضحاياهم و ذلك للإشارة إلى التثليث ، كما أنهم كانوا يقومون برسم رمز الصليب على أجساد الضحايا باستخدام الالات الحادة  ، و قد أباحت لهم الكنيسة أغتصاب المسلمات فتم أغتصاب الآلاف من الفتيات في البوسنة .

عقد اتفاقية دايتون للسلام :
استمرت هذه المجازر البشعة حتى عام 1995م، عندما تم عقد اتفاقية دايتون للسلام بين البوسنة والهرسك وكرواتيا وصربيا. تهدف هذه الاتفاقية إلى وقف الحرب، ولكن للأسف، تركت تلك الحرب الكثير من المآسي. أظهرت الإحصائيات أن أكثر من 150 ألف شخص قتلوا، بما في ذلك ما يصل إلى ألف طفل. تم أيضا تدمير عدد كبير من المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد. تم العثور أيضا على العديد من الألغام في مساحة تصل إلى 300 كيلومتر .

حدوث مجزرة سربرنيتشا عام 1995م :
للأسف تجدد الصراع و حدثت مجزرة جديدة عام 1995م من قبل القوات الصربية ، و كانت نتيجة هذه المجزرة موت ما يصل إلى 8 آلاف شخص و قام العديد من المسلمين بالهجرة من تلك المنطقة ، و تعد هذه المجرة من أبشع المجازر الجماعية التي حدثت في تاريخ القارة الأوروبية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، و يعتبر الزعيم السياسي للصرب رادوفان كارديتش و الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوشوفيتش هم المسؤولين عن العديد من العمليات التي استهدفت القضاء على المدنيين المسلمين بالبوسنة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى