حضارة وادي السند أسطورة القرن الثالث قبل الميلاد
حضارة وادي السند، أو المعروفة أيضا بـ هارابا، تأسست في الفترة من [3300 – 1700 ق.م] وتعد واحدة من أقدم وأكبر الحضارات في التاريخ، وأكثرها أهمية على مستوى العالم. تم تسجيلها من قبل منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي، بناء على تقدمها وتطورها الرائع الذي استمر لمدة تقرب من ألف وستمائة عام.
حضارة وادي السند :
في بداية حضارة وادي السند، كانت تتكون من مجموعات متنوعة، إحداها كانت تزاول الزراعة والأخرى تعمل في الري. بعد ذلك، قرروا أن يتحدوا ويعملوا في مجال التجارة. في عام 2500 قبل الميلاد، أصبحت تلك المجموعات أكثر تماسكا، خاصة من الناحية الثقافية. قاموا ببناء المدن بدقة في العديد من المناطق، وللتصدي للفيضانات الموسمية، قاموا ببناء المباني على منصات مصنوعة من الطوب.
تم بناء البيوت باستخدام الطوب الذي تم تجفيفه بواسطة حرارة الشمس، وكان المنزل مكونا من طابقين، وتم تخصيص أماكن للاستحمام داخل المنزل وتم توفير المياه من خلال الآبار العامة أو آبار يتم حفرها في المنزل، وتم بناء غرف خاصة للتخزين لتخزين المحاصيل مثل الحبوب أو استخدامها لأغراض أخرى.
حضارة السند اكتشاف أثري ضخم :
في أوائل القرن 19 أكتشف مجموعة من العلماء البريطانيين أعدادا من الأعمال الفنية القديمة والتي كانت موجودة تحت رواب ترابية ضخمة، ومع ذلك لم يبدؤوا الحفر إلا في القرن العشرين، وعند الحفر وجدوا العديد من القطع الأثرية كما وجدوا منخفض كبير مسور بالطوب كان يستخدم كمكان للاستحمام.
خلال الحفر والتنقيب في الأرض عام 1808، عثر العلماء على أختام تحمل أشكالا مخيفة محفورة عليها رسوم وصور ومجموعة من الرسومات الحيوانية المحفورة على الأحجار، بالإضافة إلى رسومات بسيطة على الفخار، ولم يتمكن العلماء من فك رموز تلك الرسومات أو معرفة معانيها، ومع مرور الوقت، نمت تلك الحضارة وازدهرت في مناطق شمال غرب الهند وباكستان الحالية، وكانت تعتمد على مياه الفيضانات التي تملأ الوادي الشاسع الذي يتدفق به نهرا هاكرا والسند.
قامت تلك الحضارة بالتقدم أكثر، وقامت بتحديث الأنظمة المعمارية للأوزان والمقاييس، وأنشأت نظاما جديدا يسمى نظام الكتابة التصويرية، وهو تمثيل للكلمات عبر رسومات بسيطة تعبر عنها. كانت وسائل المواصلات المستخدمة من قبل أهل وادي السند تشمل المراكب النهرية والعربات التي يجرها الثيران والحيوانات التي تحمل بضائعهم.
الحياة التجارية لحضارة وادي السند :
كانت تجارة أهل حضارة وادي السند شائعة على نطاق واسع مع بعضهم البعض، وكانت المدن تتاجر مع جيرانها الذين كانوا يعملون في الزراعة أو يسكنون في أماكن بعيدة، وكانوا يعملون أيضا في مهن التعدين، وتجاروا مع حضارات أخرى مثل حضارة بلاد ما بين النهرين وحضارات وسط آسيا وعلى طول الخليج العربي.
ممارسة الحرفة أحد عوامل تقدم حضارة وادي السند :
كان الحرفيون في حضارة وادي السند ينتجون مجموعة متنوعة ومميزة من المصنوعات الزخرفية الهامة والمفيدة، وفي عملهم استخدموا المواد البرونزية والنحاسية في صناعة الآلات والمقالي والمرايا والجرار. كما صنعوا المجوهرات باستخدام الذهب والفضة، واستخدموا الخزف والحجارة في تصنيعها، واستخدموا الصدف والعاج والعظام في تزيين الأثاث وقطع الألعاب والأدوات والمجوهرات. وكانوا ينحتون الأدوات المنزلية.
الطقوس الدينية لحضارة وادي السند :
كان أهل حضارة وادي السند يعبرون عن طقوسهم الدينية بواسطة الحرف اليدوية، حيث كانوا ينحتون أشكال الحيوانات والأشخاص والتماثيل الصغيرة التي تمثل الآلهة والشخصيات الهامة، واستخدموا الطين والحجر في صنع تلك التماثيل.
كان أهل تلك الحضارة يقومون بدفن موتاهم داخل توابيت مصنوعة من الخشب، وكانوا يدفنون معهم الأواني المصنوعة من الفخار ومجموعة من الأدوات الأخرى.
نهاية تلك الحضارة الأسطورية :
بدأت حضارة وادي السند أول خطواتها في الاندثار في الفترة من 1700ق.م ، وتحولت تلك الثقافة الأسطورية إلى ثقافات أقل من الضئيلة، وقد أطلق على تلك الثقافات اسم ثقافات هارابا الأخيرة، التي ظهرت في الفترة من [ 1700 – 1300 ق.م ] لم يكن لأصحاب تلك الحضارة سبب في تفككها ولكن ما تسبب في نهاية تلك الحضارة هو جفاف نهر السند ومن وراء ذلك
تأثرت الحياة الزراعية وبالتالي الاقتصاد في حضارة وادي السند بسبب نهر هاكرا، حيث لم يعد البقاء داخل وادي السند مجديًا، وبالتالي لم يستطع أهلها تحمل ما وصلت إليه تلك الحضارة، وفكروا في الرحيل، ومع رحيلهم بدأت حضارة وادي السند في الاختفاء.
تعد حضارة وادي السند من الحضارات التي لا تزال أثرها باقيًا في النفوس حتى الآن، إذ استطاعت هذه الحضارة أن تصبح واحدة من أقوى الحضارات عبر التاريخ، وتميزت بالتطور في المجالات الصناعية والزراعية والتجارية، ورغم نهايت المحزنة التي أدت إلى نهايتها، إلا أنها لم تصبح مجرد ذكرى في التاريخ، بل استطاعت أن تبقى حاضرة في الذاكرة