حادثة انفجار ” مفاعل تشيرنوبيل Chernobyl NPP “
كارثة حادث مفاعل تشيرنوبل تعد كارثة لم يشهدها التاريخ مثلها. تأثيرها الهائل انتشر في كل جوانب الحياة في المناطق القريبة من المفاعل، واستمر تأثيرها لعدة سنوات. أولا، دعونا نوضح ما هو مفاعل تشيرنوبل. إنه محطة طاقة نووية تم بناؤها بجوار مدينة برابيت الأوكرانية بالقرب من الحدود الروسية، على بعد 18 كيلومترا شمال غرب مدينة تشيرنوبل التي أصبحت مهجورة الآن. تم تصميمها لتوليد الطاقة الكهربائية، وكانت هذه المحطة تزود أوكرانيا بحوالي 10% من احتياجاتها الكهربائية. أما كلمة تشيرنوبيل، فهي مكونة من قسمين، الأول يعني `أسود` والثاني يعني `أعشاب`. سنتناول الآن التفاصيل الكاملة حول مفاعل تشيرنوبل وتأثيرات هذه الكارثة ..
الانشاء
تم اختيار موقع محطة مفاعل تشرنوبل بعناية، ويقع هذا الموقع على بعد حوالي 18 كيلومترا من مدينة تشيرنوبيل و16 كيلومترا من الحدود بين روسيا وأوكرانيا، وتبعد حوالي 100 كيلومتر عن مدينة كييف. وأطلق على هذا الموقع اسم مدينة مفاعل تشرنوبل وتحتوي هذه المدينة على أربعة مفاعلات من نوع آر بي إم كي، والتي تستطيع توليد 1000 ميغاواط من الكهرباء. بدأ العمل في “مفاعل 1” و “مفاعل 2” في عام 1971، وبدأ مفاعل 1 في العمل في عام 1975، في حين بدأ مفاعل 2 في العمل في عام 1976. وفي عام 1977، بدأ العمل في مفاعلين آخرين، “مفاعل 3” و “مفاعل 4″، وبدأ استخدام مفاعل 3 في عام 1981، في حين بدأ استخدام مفاعل 4 (الذي يعتبر سبب كارثة تشرنوبل) في عام 1983. كانت هناك خطط لبناء مفاعلين 5 و 6، وكان من المخطط الانتهاء من العمل فيهما في عام 1986، ولكن توقف هذا العمل بسبب كارثة تشرنوبل وانفجار المفاعل .
الحوادث الناتجة عن مفاعل Chernobyl NPP
كان الكارثة في عام 1982 حيث وقع ما لايمكن عقل تخيله حيث انصهر لب المفاعل 1 و لكن تم اخفاء الخبر و لم يتم الاعلان عنه للرأي العام الا بعد ان تم اصلاحه خلال و تم استخدامه مره اخرى عام 1985 .. و لكن الكارثة الكبرى و الحقيقية في عام 1986 تحديدا في شهر ابريل يوم 26 في تمام الساعة 1:24 ليلا ” كارثة تشيرنوبيل “
تفاصيل كارثة تشيرنوبيل Chernobyl NPP
في عام 1986، تحديدا في شهر أبريل يوم 26، في تمام الساعة 1:24 ليلا، وقعت “كارثة تشيرنوبيل”، وهي أكبر كارثة نووية شهدها العالم. خلال إجراء تجارب السلامة على المفاعل 4، وقعت حادثة مروعة، وهي انصهار لب المفاعل بسبب ارتفاع درجة الحرارة بشدة داخل المفاعل. أدى هذا الارتفاع الشديد في درجة الحرارة إلى انفجار المفاعل، ويعود سبب الانفجار إلى أخطاء تقنية ارتكبتها العمال الذين لم يكونوا لديهم خبرة كافية. نتج عن هذا الخطأ عطل في أحد المحركات التوربينية وفشل في نظام التبريد الموجود داخل المفاعل، مما أدى إلى ارتفاع حرارته وحدوث الانفجار الذي أدى بالفعل إلى توقف مفاجئ غير متوقع في أنظمة التحكم بالمفاعل. بلغت قوة انفجار المفاعل إلى نسف سقف المفاعل الذي يزن 2000 طن من الفولاذ، وللأسف انطلق نحو 8 طن من الوقود النووي إلى السماء. وعلى الرغم من تدخل فرق الإنقاذ وجهودها لإطفاء الحريق الهائل الذي استمر لمدة 10 أيام، إلا أنها تجاهلت تسرب مواد خطيرة جدا مثل اليورانيوم والبلوتونيوم والسيزيوم واليود. تلك المواد تسببت في انبعاث إشعاعات خطيرة أدت إلى وفاة 36 شخصا، وكان معظمهم من رجال الإطفاء وبالطبع من عمال المحطة نفسهم. بعد إخفاء خبر الحادثة، أعلن الاتحاد السوفياتي أن منطقة تشرنوبيل تعتبر منطقة منكوبة ويجب إخلاؤها من السكان المحليين في المناطق القريبة. تمت عملية الإخلاء لمئات الآلاف من السكان، وحاول العديد من الخبراء السوفياتيين بذل جهودهم لتقليل خطر الاشعاعات المنبعثة. اقترحوا استخدام الرمال والطين، بالإضافة إلى مواد أخرى مثل الرصاص والبور، والجدير بالذكر أنه تم استخدام مروحيات خاصة لإطفاء الحريق، وخاطر قوادها بأرواحهم من أجل إطفاء الحريق وإنقاذ حياة الملايين. وكان تأثير الانفجار لم يقتصر على مدينةتشيرنوبيل ومحيطها فقط، بل انتشرت الجسيمات المشعة في الهواء وتجاوزت الحدود السوفياتية لتؤثر على عدة دول أوروبية. تضررت بشكل خاص بيلاروسيا وأوكرانيا وروسيا وأجزاء من أوروبا الشرقية. تم تسمية هذه النطاقات بالمناطق المتأثرة بالكارثة. تأثرت الأراضي الزراعية والمحاصيل في المناطق المتأثرة بشكل كبير، مما أدى إلى تلوث الطعام والمياه. وتأثرت الحياة البرية أيضا بشدة، وتضررت النباتات والحيوانات ونظام البيئة بشكل عام. تم إجلاء المئات من القرى والمدن المجاورة لتشيرنوبيل وترحيل السكان إلى مناطق آمنة، ولا يزال بعض هذه المناطق غير صالحة للسكن حتى اليوم. بعد الكارثة، تم إنشاء منطقة عزل حول موقع المفاعل المتضرر، وتعرف اليوم بـ “المنطقة العشرة الكيلومترات” وهي منطقة محظورة للدخول. كما تم بناء “المنطقة الواسعة” التي تشمل نطاقا أكبر وتعتبر أيضا منطقة محظورة جزئيا. تأثرت صحة الأشخاص الذين تعرضوا للإشعاع بشكل كبير، وظهرت لديهم مشاكل صحية مزمنة مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والتشوهات الخلقية للأطفال. كما زادت نسبة الوفيات المبكرة والأمراض الناتجة عن التعرض للإشعاع في المناطق المتأثرة. تعتبر كارثة تشيرنوبيل درسا مؤلما في مجال السلامة النووية، وقد أدت إلى إجراءات أكثر صرامة وتوعية بشأن مخاطر الطاقة النووية. ولا تزال المنطقة المتضررة من تشيرنوبيل حتى اليوم تشهد تدابير مستمرة للحفاظ على السلامة وإدارة التلوث الإشعاعي .
التلوث الناتج عن كارثة ” تشيرنوبل Chernobyl NPP ”
بسبب انفجار مفاعل تشيرنوبل، حدث الكثير من الآثار التي لا يمكن إخفاؤها، مثل:
– تاثير كارثة مفاعل تشيرنوبل على الإنسان :
للاسف كان لمفاعل اتشيرنوبل اثار فادحة فلقد ادى الى قتل 33 شخص على الفور هذا بالاضافة الى ادخال حوالي 300 شخص نتيجة لتعرضهم لجعرعات كبيرة من الاشعاع إلى المستشفى ، و للاسف بلغ عدد ضحايا هذا الانفجار حوالي 7000 شخص لقوا حدفهم في السنوات التي تلت الانفجار ، كما تم اصدار قرار بجلاء أكثر من 135 ألف نسمة من السكان المحلين مساكنهم هذا بالاضافة الى ان هناك مدن اختفت من الخريطة الجغرافية بسبب ، وبعد 3 سنوات لحقت الحادثة تم اصدار قرار باجلاء سكان محلين لاكثر من 85 قرية جمهورية وبيلوروسيا و 31 قرية في روسيا ، 4 في أوكرانيا ، كان التاثير المباشر لهذه الحادثة في البداية على سكان المحلين لأوكرانيا حيث بلغ عدد المصابين بسب الاشعاع بسرطان الغدة الدرقية حوالي 3.4 مليون مصاب هذا بالاضافة الى أصابة اعداد كثيرة جدا بمرض الإشعاع الذي تسبب لهم في سقوط الشعر و التسلخات الجلدية ، و معظم المصابين تم زرع نخاع لهم ، و كان من ضمن اصابات الاشعاع المختلفة ادت الى إصابة بعض الاشخاص بغدد الجنسية و هي تؤدي إلى خلل في الجينات الوراثية لهم ، و للاسف يعتقد الخبراء ان هذه الاصابات سوف تستمر الى 30 عام .وفي نهاية عام 1994 تم اصدار تقرير من قبل بعض الخبراء من اجل وقاية من اشعاع مفاعل تشيرنوبل و خاصة بعد زيادة نسبة المصابين بسرطان الغدة الدرقية و و سرطان الفم للاشخاص الذين يسكنون اماكن قريبة من المفاعل .
– تاثير كارثة مفاعل تشيرنوبل على المياه :
يعيش الإنسان على الهواء والماء والطعام؛ فهذه هي أساسيات حياته. لم تقتصر حادثة تشيرنوبيل على وفاة أعداد هائلة من الأشخاص فقط، بل امتد تأثيرها إلى تلوث المياه. تضمنت هذه المياه المياه الجوفية ومياه نهر الدنيبر، الذي كان يعد أهم مصدر مائي في أوكرانيا. وتمتد تلوث المياه أيضا إلى دول أخرى، على سبيل المثال في هولندا، حيث وصلت نسبة المواد المشعة إلى نهر الراين. أما في إنجلترا، فأصبح المطر يحتوي على 3000 بكريل/لتر من اليود. وفي اسكتلندا، بلغت نسبة تلوث المياه عشرة آلاف بكريل/لتر. وفي ألمانيا، وصلت نسبة تلوث المياه إلى 7/5 عشرة آلاف بكريل، وكذلك في مدينة أسين. ووصلت إلى 25000 بكريل في بون، و 50000 بكريل في دوسلدورف، و 115000 بكريل في مقاطعة بافاريا. وكل هذا التلوث الهائل في المياه حدث نتيجة سقوط أمطار غزيرة في تلك الفترة .
تأثير كارثة مفاعل تشيرنوبيل على التربة والنباتات
تأثرت التربة الزراعية أيضا بتأثيرات مفاعل الطاقة النووية، وخاصة فيما يتعلق بما حدث في أوكرانيا وبيلاروسيا، حيث تلوث حوالي مليوني هكتار من الأراضي الزراعية المجاورة للمفاعل نتيجة لتساقط الأمطار المشعة التي تجمعت في التربة. وتسبب ذلك في قطع الأشجار في الغابات وحرق المتبقي، بسبب تلوثها بالإشعاع. وصدرت تعليمات من الحكومة لتحذير السكان من تناول الخضروات الملوثة بالإشعاع. وتم جرف وإزالة الطبقة العلوية من سطح التربة التي أصبحت ملوثة، وتلوثت مزارع أوروبا أيضا وتلوثت المحاصيل، وتم منع الناس من تناول هذه المحاصيل الملوثة التي نمت بفعل الأمطار المشعة .
تأثير كارثة مفاعل تشيرنوبل على الحيوانات
لم تتوقف الكوارث عند الأرض والإنسان والمياه، بل وصلت إلى الحيوانات التي كان من الصعب السيطرة عليها ومنعها من تناول بعض المحاصيل أو شرب المياه الملوثة بالإشعاع. في عدد مجلة `موسكونيوز` الصادر في فبراير 1989، نشر تقرير عن حادثة وقعت في المزارع الحكومية، وذكر أنه في عام 1987 ولدت 64 بقرة وخنازير مشوهة بسبب الإشعاع، وكانت التشوهات غير مسبوقة، حيث كانت هناك بقرة بلا رأس وأخرى بلا أرجل وبعضها بلا أعين. في عام 1988، حدث تشوه لـ76 بقرة. ولم يكن خطر الحيوانات يتوقف عند الحيوانات فقط، بل كان خطرا على الأطفال الذين يعتمدون على حليب الماشية .
يتمثل تأثير كارثة مفاعل تشيرنوبل على الاقتصاد في الآثار الاقتصادية
لقد قدرت تكاليف عملية إخلاء الاماكن من السكان و توفير مساكن لهم بحوالى 400 مليار دولار ، كما تعرضت الدول المجاورة لاضرار مادية بالغة على سبيل المثال قدمت حكومة ألمانيا الاتحادية مبلغ 260 مليون مارك ألماني ما يعادل 123 مليون دولار للمزارعين الذين تلف مزارعهم و لحق بهم اضرار .