توثيق سورة النجم
تعتبر سورة النجم من أهم السور القرآنية ، إذ تصل عدد آياتها الكريمة إلى 62 آية، حيث تشمل على 360 كلمة بما يعادل 1405 حرفاً ، كما تأتي في المرتبة 53 في سور القرآن الكريم، و نزلت قبلها سورة الإخلاص، إذا سميت بهذا الاسم لوجود كلمة النجم فيها، حيث تبدأ أول آياتها “بالنجم إذا هوى”.
تعريف سورة النجم
يمكن وصف سورة النجم كسورة أنزلها النبي محمد صلى الله عليه وسلم خلال وجوده في مكة المكرمة، ولذلك تنتمي إلى السور المكية، وعندما يقرأ المسلم سورة النجم يدرك عظمة الله تعالى، حيث بدأ الله فيها بالقسم في قوله “والنجم إذا هوى”، مما يؤكد صدق السور التي نزلت على النبي بوحي من الله تعالى، كما يشير القسم إلى صدق النبي في كلامه.
قد يؤكد العديد أن كل آيات سورة النجم مكية ، ولكن روي عن ابن عباس أنه أكد على أنها سورة مكية ماعدا الآية 32 (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة )، وذلك لأنها وحي بها أثناء وجود الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، كما قال ابن مسعود عنها أنها أول سورة وحي الله بها الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة المكرمة.
أسباب نزول سورة النجم
أراد الله عز وجل من خلال إنزال سورة النجم إيصال رسالة، لذا نوضح أسباب نزول السورة في بعض النقاط، وهي كالتالي:
- وحي الله عز وجل سورة النجم على الرسول صلى الله عليه وسلم ليؤكد لنا أن القرآن الكريم بكافة سوره وآياته هو من الله، وذلك لأن البعض حاول التشكيك في صدق آيات القرآن الكريم بادعائهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقوم بكتابة وتأليف سور القرآن الكريم، ولهذا السبب أنزل الله هذه السورة على الرسول صلى الله عليه وسلم لينفي تلك الاتهامات ويؤكد أن القرآن الكريم هو من الله.
- يرجع سبب إنزال الله عز وجل آية 32 في سورة النجم ” الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَي” إلى ثابت بن الحارث الأنصاري رضي الله عنه ، حيث روي عنه ” كانت اليَهودُ تقولُ إذا هلَكَ لَهم صبيٌّ صغيرٌ قالوا: هوَ صدِّيقٌ، فبلغَ ذلِكَ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم- فقال: كذبت يَهودُ، ما من نسَمةٍ يخلقُها اللَّهُ في بطنِ أمِّهِ إلا أنَّهُ شقيٌّ أو سعيدٌ، فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ هذه الآية ليرد على اليهود فيما قالوه.
- تأتي أهمية سورة النجم من التأكيد على أن المستقبل يكمن بيد الله عز وجل وحده،وأنه لا يمكن لأي شخص آخر أن يعرفه أو يتنبأ به، وإنما يعرفه وحده الله، حيث قال تعالى في الآية 33 و34: “أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلاً وأكدى.
- قررت عثمان بن عفان رضي الله عنه صرف أمواله كصدقة لله، بناء على رغبته الشخصية. قد أشيع عنه أنه كان يفعل ذلك لتكفير ذنوبه وخطاياه، ولكي يرحمه الله ويغفر له. كان يتطلع إلى رضا الله تعالى. في يوم من الأيام، ذهب إلى أخيه عبد الله بن أبي السرح، طالبا منه الموافقة على تحمل مسؤولية خطاياه الكثيرة. وفي حال قبوله طلبه، سيهب له ناقته الخاصة .
- بدءاً من الآية 33 إلى الآية 41 من سورة النجم المكية يرجع سبب نزولها إلى الوليد بن المغيرة ، إذ تعرض للسخرية بسبب اعتناقه الدين الإسلامي، إذ قال له المشركين” لِمَ تركتَ دينَ الأشياخِ وضلَّلتهم وزعمتْ أنَّهم في النَّار؟ فرد عليهم: إنِّي يخاف من عقاب و عذابَ الله عز وجل، فحاول أحد المشركين أن يبعده عن الدين الإسلامي فعرض عليه مال كثير مقابل الابتعاد عن تعاليم الإسلام وأنه سوف يتحمل عقاب وعذاب الله، فوافق على عرضه وأصبح مشتركاً لله من جديد، ولهذا الأمر ووحي الله عز وجل للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات الكريمة “أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّىٰ ، وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ ، أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ ، أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ ، وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ ، أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ، وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ،وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى.
مضامين سورة النجم
يحتوي سورة النجم على عدة مضامين، وكلها تنصب في طريق واحد، وهو عظمة الخالق وصدق رسالته. ومن بين هذه المضامين في سورة النجم ما يلي
- تتضمن سورة النجم القسم بالنجم، إذ استخدم الله النجم لأنه يدل على عظمة وقدرة الله، مما يؤكد صدق الدعوة التي وصلتنا عن طريق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
- تمت سرد معجزة الإسراء والمعراج لتعزيز إيمان المسلم بربه.
- تطرقت إلى الحديث عن المشتركين بالله عز وجل، حيث توضح أن الله هو الإله الوحيد الذي يجب السجود له، وأن التماثيل التي يقوم المشركون بعبادتها هي آلهة باطلة غير حقيقة، لذلك قال الله تعالى في الآية 19، والآية 20 “أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى.
- تؤكد على أن الله يتميز بصفة العدل المطلق، ففي يوم القيامة يجازي الإنسان بحسب أعماله، وذلك موضحًا في الآية 31 “وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى.
- يجيب الله تعالى عن من يقوم باتهام رسول الله بالكذب أو التقليل من شأن كلام الله العظيم، ويأتي ذلك في الآيات من 59 إلى 62، `أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا`.
- وفي ختام سورة النجم، يشير الله إلى مصير كل ظالم، ويذكر بأن الاستمرار في معصية الخالق يعرض الإنسان لعقاب الله، حيث قال في الآية 50 والآية 51: “وأنه أهلك عادًا الأولى وثمود فما بقي لهم من معشر.
فضل سورة النجم على الإنسان المسلم
- عندما يقرأ المسلم سورة النجم، يشعر بتغيير في حياته. فقد قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: `من قرأها، أعطاه الله نورا بكل آية قرأها، وله بكل حرف ثلاثمائة حسنة، ورفع له ثلاثمائة درجة`. هذا يشجع المسلمين على قراءة السورة وتلاوتها بانتظام. وعلى الرغم من ضعف الحديث، فإن قراءة سورة النجم تمنح النور في القلب .
- عندما يبدأ الإنسان المسلم بقراءة سورة النجم، فإنه يتعرف على صدق الرسول، حيث تبدأ السورة بالقسم، وهذا يزيد من إيمانه بربه، ويشجعه على التقرب إلى الله وإقامة علاقة روحية معه.
- إذا قام المسلم بالتأمل في كلمات السورة يؤمن بصدق الدين الذي يؤمن به والتعاليم التي يتبعها في حياته،إذ يدرك صفات الله المتمثلة في العدل المطلق والحق المطلق والرحمة الواسعة مما يهب لنا شعور داخلي بالراحة والأمان والسلام ، فهي مشاعر لا يحصل عليها الإنسان إلا من خلال الله عز وجل.
وبهذه الطريقة يتم تعزيز قيمة سورة النجم من بين السور القرآنية التي تؤثر بشكل إيجابي على حياة من يقرأها، مما يجعله أكثر ترغبا في اتباع تعاليم الله ورسوله .