تقرير عن رقصات نجران الشعبية
تقسم مملكتنا العربية السعودية إلى مناطق عدة، حيث يختلف التراث الشعبي وفقا لتلك المناطق، وتختلف طرق الفنون والرقصات الشعبية. ومن بين أبرز المناطق التي تولي اهتماما خاصا للرقص الشعبي هي نجران، حيث يعد الرقص الشعبي فيها من أهم سمات المجتمع النجراني، ويحتل مكانة كبيرة ضمن الألوان الفنية الشعبية، ويتجلى ذلك في احتفالات المجتمع النجراني، فأهل نجران يمارسون الرقص الشعبي في كل الأوقات، سواء خلال الراحة أو العمل أو الاحتفالات. كما أن الرجال في نجران لا يمارسون الرقصات الشعبية بمفردهم، بل تشاركهم فيها الأطفال الصغار، حتى أنها تمارس بين الأطفال أنفسهم، وتتميز بمهارة وبراعة شديدة، نتيجة لحبهم الشديد لتلك الفنون. وتشتهر نجران بثلاث رقصات شعبية هي الرزفة والزامل ورقصة الطبول، بالإضافة إلى عرض الخيل، وفي هذا المقال سنتناول هذه الرقصات الشعبية النجرانية بالتفصيل
1- رقصة الرزفة
تعد رقصة الرزفة واحدة من أبرز الرقصات الشعبية وأكثرها شيوعا. يمارسها في المناسبات الاحتفالية مثل حفلات الزواج والأعياد وغيرها. وتعتبر من الرقصات التي لا يستخدم فيها الطبل على الرغم من انتشارها. وإنما تعتمد على إيقاع دقات جماعية عنيفة لصالح الراقصين. يتحد فيها جميع الراقصين في الاتجاه والقوة. كما تعتمد على دقات متتابعة من الأقدام، حيث يطلقها إحدى القدمين بقوة وترد عليها القدم الأخرى بهدوء. وترتبط إيقاعات الأقدام بحركة جسم كل راقص، بالإضافة إلى لحن الأغنية التي يرددونها جماعا .
والمعروف عن رقصة الرزفة أنها عبارة عن صفين من الراقصين يكثر أو يقل عددها على حسب العدد الموجود من الراقصين، حيث يمسك كل راقص في هذين الصفين جيرانه من الجانبين بلف ذراعيه مع ذراعيهما وتكون الأكتاف ملتصقة ببعضها، ويقوم الصف الأول بإلقاء الأغنية الشعبية بصوت عالي ويرددها الصف الثاني بصوت هادئ وهكذا مقطع بمقطع، وتردد الأغنية التي تبدأ بإيقاعات الأقدام فيتحرك النصف السفلي من الجسم مع ثبات النصف العلوي، وبعد تكرار عدة مقاطع من الأغنية يتقدم أحد الصفين إلى الأمام بدقات منتظمة من الأرجل حتى يقترب من الصف الثاني ثم يعود للخلف على نفس الإيقاعات والدقات .
واحدة من أبرز سمات هذا الرقص هي استخدام الخناجر والسيوف في الرقص، ويطلق عليه في نجران اسم (السعب)، وهو جزء من رقصة الرزفة، وهي لوحة راقصة في العرض العام للرقصة، وتعرف أيضا بأغاني الرزفة التي يرددها الراقصون أثناء الرقص، وعادة ما تتحدث هذه الأغاني عن الصفات الحميدة مثل الكرم والشجاعة والحنين للأهل والوطن.
ومن أشهر هذه الأغاني
يا أخي، حمد بعيد جدًا عن طارفة خلير، الذلول الرادمة التي لا تتلوى به
مظهر جميل للغاية في المنطقة الصحراوية بعد هطول الأمطار
فرعت عنز ريم عند طردها وتبعها الظليق بأنيابه المكلخة
2- رقصة الزامل
رقصة الزامل هي عبارة عن موكب شعبي ضخم يصطف فيه الرجال صفوفا متتابعة خلف بعضها في اتجاه واحد حيث يقوم كل واحد بإمساك أيدي إخوانه المجاورين له بنفس الطريقة التي تمارس بها رقصة الرزفة، حيث تسير هذه الصفوف مسافات طويلة على الأرجل حتى تصل كل منها إلى المكان العام المخصص للاحتفال، ويقوم الكل بانشاد الأغاني الشعبية بطريقة منظمة رغم جماعيتهم الكثيفة، وهو ما يكسب المهرجان جوا صاخبا به بهجة وجلال، كما يتقدمها خيول محناة الجبهة، وبعض الأجزاء الأخرى يمتطيها خيالة يرتدون الزي الشعبي وحاملين سيوف وخناجر.
تقام رقصة الزامل في المناسبات السياسية العامة والتي تكون لقبيلة معينة، حيث ترتدي القبيلة زاملًا خاصًا بها وتتجه إلى المكان المخصص للاحتفال ويترددون بغناء يدور محوره حول الكرم والشجاعة والوفاء والأصل وما إلى ذلك.
ومن أشهر أبيات الشعر التي تغنى بها في رقصة الزامل
يا شيخ، السلام عليكم. أنت تشرق كالقمر في ليل الظلام
قولك منك والوفاء منا، فإذا التقينا سنرد عليك بالكلام
3- رقصة الطبول
تُعد رقصة الطبول من أشهر وأجمل الرقصات النجرانية، حيث تجمع هذه الرقصة بين جميع الفنون الصوتية والحركية المعروفة في نجران، وتتألف من صفين من الراقصين، حيث يحمل أحدهما الدفوف والآخر المرافق، ويوجد بينهما من اثنين إلى أربعة راقصين آخرين .
تتميز رقصة الطبول بحركات الراقصين الخفيفة والمرونة اللولبية، حيث يمكن مقارنة هذه الرقصة بألعاب الجمباز الرياضية، ولكنها تكون أشد عنفاً مع وجود قفزات في الهواء تصاحبها دوران وانثناءات بمهارة وإبداع وتميز في التعبير.