تفسير سورة القارعة وبيان أهوال يوم القيامة
{الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11(} [القارعة 1-11] جاءت الآيات في وصف أهوال يوم القيامة وبيان حال كل فرد أمام ميزان العدل.
تفسير سورة القارعة
{الْقَارِعَةُ}: من أسماء يوم القيامة كالحاقة والطامة والصاخة، وما أدراك ما القارعة؟ وذلك تعظيما لأمرها وتنزيها لشأنها، يوم يكون الناس كالفراش المبثوث، أي في انتشارهم وتفرقهم، وذهابهم ومجيئهم، ومن حيرتهم فيما هم فيه كأنهم فراش مبثوث، والجبال تصير كالصوف المنفوش، وهذا يعني أنها صارت كالصوف المنفوش الذي بدأ يتفكك ويتمزق، والعهن هو الصوف.
ثم يخبرنا الله عز وجل عن ما يحدث لأعمال الناس وما يترتب عليها من الكرامة أو الإهانة، فقال: “فأما من ثقلت موازينه”، أي رجحت حسناته على سيئاته، “فهو في عيشة راضية”، أي في الجنة. “وأما من خفت موازينه”، أي رجحت سيئاته على حسناته، “فأمه هاوية”، أي ساقط هاو بأم رأسه في النار. وقيل إن معنى “أمه” هنا هو “دماغه”، ويعد “هاوية” أحد أسماء النار. وقال بن جرير: “وإنما قيل: للهاوية أمه؛ لأنه لا مأوى له غيرها”، “وما أدراك ما هيه نار حامية”، أي نار حارة شديدة الحرارة واللهب والسعير.
الأحاديث في شدة النار يوم القيامة
روى أبو هريرة عن الأعرج، عن أبي الزناد، عن مالك، عن أبي مصعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نار بني آدم التي يوقدها جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم»، فقالوا: يا رسول الله، إن كانت واحدة كافية، فقال: «إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا».
وفقًا لحديث يحي بن جعدة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: `إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، وقد ضربت بالبحر مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد`.
في ضوء الآيات:
جاءت آيات القرآن الكريم لتوضيح بعض الرهبة والعذاب الذي سيواجهه المؤمن والكافر في يوم القيامة، وأيضا لتبين لنا رحمة وسكينة سيحظى بها المؤمن. سيكون الناس ينتشرون في الأرض هاربين من هذا العذاب، مثل الفراش الذي يتحرك من مكان لآخر بدون هدف محدد. وسيتم عرض سجلات الأعمال على الكتاب في يوم القيامة، حيث سيتم وضع حسنات وسيئات الأفراد في ميزان العدل، وسيتم تحديد مصير كل شخص بناء على الأعمال التي قام بها. إذا كانت حسناته أكثر وزنا وتفوقت على سيئاته، فسيكون من المنعمين وسيدخل الجنة. أما إذا كانت سيئاته أكثر وزنا وتفوقت على حسناته، فسيكون من المعذبين وسينزلق إلى النار، وسيتعرض للعذاب بحسب أعماله في الدنيا، ولن يخرج من النار إلا برحمة الله الأكرم.