تفسير ” المرسلات عرفا “
{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)} [سورة المرسلات: 1-15]، ما هو معنى المرسلات؟ والعاصفات؟ والناشرات؟ والفارقات؟ وما هو يوم الفصل؟ وعلى ماذا يقسم رب العزة في هذه الآيات الكريمة مع توضيح وشرح الآيات.
تفسير الآيات من سورة المرسلات:
{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}: عن ابن مسعود هي الرياح إذا هبت شيئًا فشيئًا وقيل هي الملائكة وأرسلت بالعرف والأظهر أنها الرياح كما قال ابن أنس ومسروق وأبي الضحى ومجاهد، {فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا}: هي الرياح أيضًا، {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا}: هي الرياح وقيل الملائكة وعن أبي صالح أنها المطر وقيل هي الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء، كما يشاء الرب عز وجل، {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا. فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا. عُذْرًا أَوْ نُذْرًا}: قال بن مسعود، وابن عباس ومسروق وغيرهم، يعني بها الملائكة ولا خلاف فيه، فإنها تنزل بأمر الله على الرسل تفرق بين الحق والباطل والهدى والغي والحلال والحرام، وتلقي إلى الرسل وحيًا فيه أعذار إلى الخلق وإنذار لهم من عقاب الله إن خالفوا أمره، {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ}: هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام أي ما وعدتم به من قيام الساعة والنفخ في الصور وبعث الأجساد وجمع الأولين والأخرين في صعيد واحد، ومجازاة كل عامل بعمله، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، وإن هذا كله لواقع أي لكائن لا محالة.
{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ}: أين ذهب ضوؤها؟ {وإذا السماء فرجت}: أي انشقت وانشقت وتدلت أرجاؤها، وانهارت أطرافها، {وإذا الجبال نسفت}: أي ذهبت وتلاشت فلا يبقى لها أثر أو عين، {وإذا الرسل أقتت}: أي أجلت، {لأي يوم أجلت}: أي لأي يوم أجلت الرسل وأرجأت أمرها؟ حتى تقوم الساعة {ليوم الفصل}: وهو يوم القيامة، {وما أدراك ما يوم الفصل}: لتعظيم شأنه، {ويل يومئذ للمكذبين}: أي ويل لهم من عذاب الله في الغد، ماذا أعدوا له من كذبهم وماذا يجمعون سوى الحسرة والندم.
شرح الآيات:
يقسم الله عز وجل في هذه الآيات بالرياح ويسميها بأكثر من اسم، وهي المرسلات والعاصفات والناشرات. يقسم الله بأن وعده حقيقي من قيام الساعة والحساب والبعث والنشر، وأنه واقع ومؤكد، ويبدأ في وصف يوم القيامة وأهواله التي لا يمكن للإنسان تصورها، ويبشر الله المكذبين برسله وبرسالته التي أرسلها إليهم، ويتوعدهم بالويل وهو واد في قعر جهنم، ويعدهم به الله نتيجة لتكذيبهم الرسل، وهذا هو ما يقسم الله به بالمرسلات والعاصفات والناشرات، وذلك لعدم إيمانهم بما بلغهم الرسل عن رب العز.