تفسير « قل يا أيها الكافرون »
أقل ليا أيها الكافرون” يعني البراءة من الشرك. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عندما تذهب إلى فراشك، اقرأ `قل يا أيها الكافرون` حتى تصل إلى نهايتها، فإنها تعبر عن البراءة من الشرك.” وتنص هذه السورة على براءة المسلمين من الأعمال التي يقوم بها المشركون، وتدعو إلى الإخلاص في العبادة. نزلت هذه السورة عندما دعا كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم، ويعبدونها بجانب الله.
متى تقرأ سورة الكافرون
قال الإمام أحمد: روى فروة بن نوفل عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله إذا كان لديه جارية يمكنه تكفلها، فأخبر النبي أنه يمكنه تكفل جارية تدعى زينب. وعندما عاد فروة بن نوفل إلى النبي، سأله النبي عن الجارية وقال إنها تركت مع أمها. فأخبره النبي أن يقرأ سورة الكافرون وينام على آخر آية منها، لأنها تحميه من الشرك.
تفسير سورة الكافرون
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} [سورة الكافرون: 1-6]
قل يا أيها الكافرون” يشمل جميع الكفار في العالم، ولكن المخاطبون بهذه الآية هم كفار قريش. ويقال إنهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم وعبادتها، لذلك أنزل الله هذه السورة وأمر رسوله بتبرئة نفسه من دينهم بالكامل. فقال: “لا أعبد ما تعبدون”، يعني الأصنام والأنداد، “ولا أنتم عابدون ما أعبد”، أي الله وحده بلا شريك. والكلمة “ما” هنا تعني “من”. ثم قال: “ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد”، أي لا أتبع عبادتكم ولا أقتدي بها. بل أعبد الله على الوجه الذي يحبه ويرضاه. ولذلك قال: “ولا أنتم عابدون ما أعبد”، أي لا تتبعون أوامر الله وشريعته في العبادة، بل ابتدعتم شيئا من تلقاء أنفسكم. كما قال الله: “إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى”. فتبرأ الرسول منهم في جميع ما يقومون به، لأن العبد يحتاج إلى معبود يعبده ويحتاج إلى عبادة يسلكها إلى الله. وقال البخاري: “لكم دينكم”، أي الكفر، “ولي دين”، أي الإسلام. ولم يقل “ديني” لأن الآية بالنون، لذلك حذفت الياء. وقال آخرون: “لا أعبد ما تعبدون الآن، ولا أجيبكم فيما بقى من عمري، ولا أنتم عابدون ما أعبد.
الكفر ملة واحدة
استدل الإمام الشافعي وغيره بواسطة هذه الآية الكريمة {لكم دينكم ولي دين} على أن الكفر هو ملة واحدة يورثها اليهود من النصارى والعكس؛ إذا كانت هناك صلة أو سبب يورثانها، لأن الأديان باستثناء الإسلام جميعها تعتبرون شيئا واحدا في البطلان، وأيضا ذهب أحمد بن حنبل وأولئك الذين اتفقوا معه إلى عدم وراثة النصارى من اليهود والعكس؛ وفقا لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا يتوارث أهل ملتين شتى».