سقوط الأمطار كان وما زال رمزا للخير، ونظرا لوجود بعض الدول التي تعاني من مناخ جاف ونقص في الأمطار، فقد توصل العلماء إلى عملية تلقيح السحب. وقد أحدثت عملية التلقيح الاصطناعي للسحب ثورة في مجال الاكتشافات العلمية، حيث وصل عدد الدول التي تعتمد على هذه العملية لتساقط الأمطار إلى نحو 60 دولة في الخمس قارات، بما في ذلك (الصين والهند والولايات المتحدة وأستراليا وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة) .
تمت محاولات لاكتشاف طرق صنع الأمطار منذ القرن السابع عشر، حيث حاول القائد الفرنسي الشهير نابليون بونابرت إطلاق القذائف نحو السماء لتفتيت السحب وسقوط الأمطار، وفي عام 1891 قام علماء أمريكيون بمحاولات مماثلة باستخدام المدافع أولا، ولكن سرعان ما ظهرت محاولات أكثر ابتكارا باستخدام البالونات الهوائية والطائرات الورقية لإيصال المتفجرات للسحب، ولكن هذه المحاولات أسفرت عن حوادث حرائق في الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت .
تعريف عملية الاستمطار الصناعي
توصل العلماء إلى تقنية الاستمطار عن طريقة التلقيح الصناعي عام 1946. الاستمطار الصناعي هو عملية لتعديل الطقس عن طريق تلقيح السحب وتغيير الخصائص الميكروفيزيائية للغيوم وتحفيزها لسقوط الأمطار، حيث تعم هذه الطريقة عن طريق تجميد السحب باستخدام مادة (يوديد الفضة) والتي تجعل بلورات الثلج الموجودة في السحاب تتجمد، وتتعدد الطرق المستخدمة في تلقيح السحب .
طرق تلقيح السحب
هناك مجموعة متنوعة من أساليب تلقيح السحب والطرق المستخدمة. أحد أنواع التلقيح يتم من أسفل السحابة باستخدام الأملاح، والآخر يتم من أعلى السحابة باستخدام نترات الفضة التي تم ذكرها سابقا. يتم تنفيذ هذه العملية باستخدام طائرات مصممة خصيصا لهذا الغرض، والتي يمكنها تحمل الظروف الجوية العاصفة والوصول إلى ارتفاعات تصل إلى 25 ألف قدم. تحتوي هذه الطائرات على هيكل معد لتركيب أجهزة الاستمطار .
أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيانًا في عام 2010 يؤكد أن تغير الطقس يمكن أن يساهم في تحسين الاقتصاد في بعض الدول، بسبب زيادة مخزون المياه التي تستخدم في الزراعة وتعديل المناخ .
الحكم الديني لعملية تلقيح السحب
في الناحية الدينية، تساءل الناس عن حكم التلقيح الصناعي للسحب لإنزال المطر، ولكن الشيخ عطية صقر رحمه الله حسم هذا الأمر وأصدر فتوى تجيز هذا العمل، وجاءت نص الفتوى كالتالي:
يعرف الجميع أن تجمع بخار الماء في السحب أو في الجو بشكل عام يحدث بفعل عوامل، ومن ثم يتساقط المطر أو الندى، وهذا لا يعني أنه هناك تعاونية تجعله ينزل المطر، وذلك لأن تكون السحابة وامتلاء الجو ببخار الماء على هذا النطاق الواسع هو عمل الله الذي خلق هذه الوسائط، فهو الخالق للبخار ولحرارة الشمس ومن يسيطر على برودة الجو والرياح وتوجيهها للسحاب، وبقدرته على التحكم فيها لكي لا تؤثر بشيء، كما قال سبحانه: `ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء` (النور/4) .
توجد عمليات صغيرة تقوم بها بعض الأشخاص لاستدراج المطر من السحاب، وهذه العمليات تشبه في نطاق ضيق عملية فصل الملح عن الماء لجعله عذبا، حيث تتضمن التبخير والتكثيف، مثلما يحدث في جهاز الأنبيق المستخدم لاستخراج العطور. لذلك، ليست تلك العمليات تدخلا في إبداع الله، وإنما هي استخدام وتعامل مع المواد التي خلقها الله، ولا يستطيع أحد خلق الحرارة أو البرودة أو الماء بوسائل أو مواد غير تلك التي خلقها الله في الكون .