تعريف العدة واحكامها
تعريف العدة شرعا هو الفترة الزمنية التي يجب على المرأة انتظارها لتحديد براءتها من الزواج أو الطلاق أو الخلع أو الانفصال بسبب الزنا. وتعد واحدة من الواجبات الأساسية للمرأة وفقا للتشريع الواضح والصريح في القرآن الكريم، حيث يقول تعالى في سورة البقرة [228]: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذٰلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم}. ويشير أيضا في سورة الطلاق [4] إلى ذلك قائلا: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}. وفي السنة النبوية، قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: {اعتدي في بيت ابن أم مكتوم} ورد ذلك في صحيح مسلم.
وبناء على فقهاء الدين، هناك العديد من الأسباب التي تبرر أهمية امتلاك النساء للعدة، وأهمها حالة الحداد على الزوج في حالة الوفاة، أو بالنسبة للمودة والرحمة التي كانت موجودة بين الزوجين في حالة الطلاق والانفصال؛ ونرى في ذلك تكريما وتقديرا للمرأة، ومن الناحية الدينية، يجب أن يتم استمرار الرحم قبل وجود زوج آخر.
بحث عن العدة وأهم أحكامها
في شرح واضح لمنهج الطلاب الشرعيين وجد إن العدة يتم تعريفها على إنها المدة التي تتربص فيها السيدة من أجل براءة الرحم، أو التعبد ومدة العدة هي ثلاث فترات حيض متتالية لمن كانت تحيض، أما إذا كانت سيدة كبيرة في السن لا تحيض تُمثل العدة ثلاثة أشهر من بعد الطلاق ويتمثل ذلك أيضًا على السيدة الغير منتظم حيضها.
ويختلف الحيض في حالة المرأة التي تتوفى زوجها، حيث يكون عدة المرأة المتوفى عنها زوجها 4 أشهر و10 أيام هجرية وليست ميلادية، وذلك بناء على قوله تعالى في القرآن الكريم في سورة البقرة الآية 234 {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا}، وروي عن زينب بنت أبي سلمى رضي الله عنها أنها قالت: دخلت على أم حبيبة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عندما توفي والدها أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه، فدعت أم حبيبة رضي الله عنها بعطر يحتوي على صفرة طيبة، كانت خلوقة أو غيرها، ثم دهنت به جارية، ثم مسحت به على وجهها وأطرافها، ثم قالت: والله ليس لي بحاجة إلى هذا العطر، إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا.
وفي “الصحيحين” أيضًا عن أم عطية رضي الله عنها قالت: “كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيَّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا نَكْتَحِلَ، وَلَا نَطَّيَّبَ، وَلَا نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ، وَكُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ”.
وفي حالة إن كانت الأرملة حاملا، لا بد من الانتظار حتى نهاية الحمل، ويعد وضع حملها تصريحا بانقضاء عدتها، حيث قال تعالى في سورة الطلاق إن أجلهن ينتهي بوضع الحمل في حالة الانفصال وإقرار العدة، يرجى العلم بأنه عند الرغبة في الرجوع عن الطلاق تم تشريع العدة أيضا؛ وذلك لتوفير فرصة لمراجعة العلاقة بين الزوجين، حيث يراجع كل طرف نفسه جيدا لعل يختلف التفكير.
تُعتبر العدَّة حكمًا تعبديًّا، والهدف من ذلك هو أنها جزء من الشريعة، حتى لو لم يكن بإمكاننا فهمها بشكل كامل، مثل فرض صلاة الصبح ركعتين، ويجب علينا قبول هذا الحكم والاستسلام له، لأنه من الصعب على عقولنا فهم الحكمة وراء ذلك.
الحكمة من العدة
هناك العديد من الأسباب التي تستدعي الحكمة من شرعية العدة، على الرغم من أن العدة تكون فريضة على المرأة التي تتعرض لها، وتعتبر الحكمة الواضحة فيما يلي
- استبراء الرحم: هناك حكمة في التأكد من عدم وجود حمل من الزوج الأول.
- منع اختلاط الأنساب: يتم تطبيق ذلك في حالات الحوامل أو المطلقات التي لا يمكن لهن الزواج إلا بعد الحمل أو انتهاء فترة العدة.
- أخلاقيًا: يعكس شعور السيدة بالحزن على الزواج حرصها على الحفاظ على سمعتها وكرامتها، ويتجلى ذلك في الالتزام بالعناية بالمظهر الخارجي والتطيب، وفي حالة وفاة الزوج، يجب عليها إظهار التقدير والتأثر لفقدانه.
أنواع العدة
تتنوع العدة في أنواعها، ولكنها تتفق كلها على أنها شرعية ومقررة من قبل الكتاب والسنة والإجماع، وتتضمن ما يلي:
عدة الحامل
في حالة وفاة الزوج أو الطلاق عندما يكون هناك حمل، يقول الله تعالى في سورة الطلاق إن فترة الحمل هي عدتها وتنتهي بولادة الجنين، حتى لو كانت فترة قصيرة على الزواج أو الطلاق ووجود الحمل. قد ذكر الإمام البخاري رحمه الله في حديثه: “حدثنا سعد بن حفص، حدثنا شيبان، عن يحيى، قال: أخبرني أبو سلمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس – رضي الله عنهما – وأبو هريرة – رضي الله عنه – جالس عنده، وسألهما عن امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة، فقال ابن عباس: آخر الأجلين، قلت أنا: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة، فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها، وقالت: قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى، وبعد وفاته مضت أربعون ليلة، ثم تزوجتها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وكان أبو السنابل من الذين خطبوها”، وهذا الحديث رواه البخاري.
عدة المتوفى زوجها
تكون العدة في تلك الحالة بعد انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيام هجرية من يوم الوفاء حيث قال تعالى في كتابه العزيز إن يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا؛ وذلك حزنًا على الزوج سواء إن دخل بها أم لم يدخل بالرغم من استثناء المطلقة التي لم يُدخل بها حيث قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، ويُمكنك أيضًا التعرف على الحكمة من العدة بعد وفاة الزوج.
عدة المطلقة
تستمر فترة العدة المطلقة للمرأة بثلاث مرات طهارة بعد الحيض. وفي حالة طلاق المرأة أثناء حيضها، تبدأ العدة من أول طهارة بعد ذلك، رغم اختلاف الفقهاء في ذلك، ولكن الرأي الأكثر ترجيحا هو أنه يجب الانتظار حتى تحيض المرأة ثلاث مرات قبل انتهاء عدتها.
عدة الصغيرة واليائسة
لن يختلف الفقهاء في ذلك حيث أوجب إن عدة الصغيرة واليائسة ثلاثة أشهر؛ وذلك لقوله تعالى {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} سورة الطلاق.
عدة المفقود زوجها
يقصد بكلمة `مفقود` الشخص المفقود الذي اختفى بسبب الحرب أو غيرها، وطبقا للفقهاء في المذهب الشافعي، إذا لم يتم التحقق من وفاته، فلا يجوز للمرأة الزواج حتى يتم التأكد من ذلك. ولكن في حالة غيابه لمدة أربع سنوات، يمكن اعتبار زوجها متوفيا واكتمال العدة بمدة أربعة أشهر وعشرة أيام. وفي حالة وجود أخبار موثوقة بوفاته، يجوز اعتباره ميتا واكتمال العدة، ثم يجوز للمرأة الزواج.