تعرف على سليمان الدخيل أفضل صحفي سياحي في نجد
تعمر المملكة العربية السعودية بالأفراد الذين أثروا في العمل العام والكوادر الوطنية التي ساهمت في دفع المملكة إلى الأمام. نذكر منها سليمان بن صالح الدخيل رحمه الله، الذي كان من رواد العمل الصحفي في المملكة العربية السعودية. ولد الدخيل في بريدة بالقصيم عام 1290 هجرية / 1873 ميلادية، في أسرة معروفة لها مكانتها الاجتماعية، وكان له صلة قرابة بأمراء نجد من آل سعود وآل رشيد. فقد كان أخوال الملك من الدواسر، وتزوج الملك عبد العزيز بإحدى أخوات الدخيل، وتزوج الأمير عبد العزيز بن متعب أخته الثانية .
تربط الصحفي الدخيل بالملك عبد العزيز رحمة الله قرابة، حيث أشار الدخيل إلى هذا الأمر في بحثه المنشور في مجلة لغة العرب، حيث قال: “وبعدما قضيت سنوات في الهند، مثلت القرابة بيني وبين ابن سعود عائلية”. وكان والد الدخيل أحد أبرز العلماء في بريدة، وكانت عمته واحدة من أشهر التجار، حيث عمل الدخيل ككاتب في الهند لدى التاجر النجدي المعروف عبد الله بن محمد الفوزان، وكان يسافر بين نجد والزبير والبصرة والهند، مما أتاح له فرصة كسب المعرفة والخبرة في العمل الوطني والنضال ضد الاستعمار البريطاني، ويرى البعض أنه كان أول صحفي نجدي، واشتهر بسفره وتنقلاته حيث التقى بأبرز الكتاب والمفكرين والسياسيين ورجال السياسة وصناع القرار والأدباء، وحضر واستضاف في عدد من الملتقيات والمنتديات الاقتصادية والسياسية والأدبية .
كان الكاتب من الرجال الذين استخدموا معارفهم وعلومهم لخدمة الوحدة العربية، حيث دعا للتخلص من هيمنة الخلافة العثمانية والهيمنة التورانية على مؤسسات المملكة واستقر في العراق بحثا عن تحسين الوضع المعيشي. ساهم في تأسيس عدد من المطبوعات، أهمها جريدة الرياض في بغداد ومجلة الحياة. ترأس تحرير جريدة جزيرة العرب، حيث عرض أفكاره وشرح شتى القضايا. كان من أبرز المناهضين للنفوذ والهيمنة التورانية على الدولة العثمانية، وقد عرض حياته للخطر أحيانا من أجل رسالته القومية للمجتمع السعودي والشعوب العربية. التقى بالملك عبد العزيز ال سعود رحمة الله وأيده في أعماله الصحفية لخدمة الديار والأمة، ولم يتوقف عن إصدار الصحف حتى ألف عددا من الكتب والأبحاث المتعلقة بجزيرة العربية.
من أبرز سمات الدخيل هو امتلاكه مهارات جيدة في تاريخ المنطقة وأحوالها، وبعد إطاحة السلطان عبد الحميد عام 1908، وجد الدخيل فرصة مناسبة للتعبير بحرية في الصحف العراقية عن آرائه وأفكاره وتوجهاته السياسية والاجتماعية، وقام بإصدار أول عدد من صحيفته “الرياض” عام 1910 لتغطية أخبار البلاد في بغداد وغيرها من مناطق الجزيرة العربية. ورحب بوحدة البلاد واعتبرها فرصة للعمل الصحفي والحركة الثقافية. كما التقى الملك عبد العزيز آل سعود في الرياض وعرض عليه مشروع دستور، وبذلك أصبح الدخيل أول صحفي نجدي يمارس العمل الصحفي. ونشر الدخيل عدد من المطبوعات التي تهدف إلى نشر الفكر الإصلاحي، وكان من جيل الرعيل الأول الذي وضع قواعد الصحافة ومارس المهنة بحرفية عالية، متجاوزا جميع العقبات في العالم العربي .
ذكر المؤرخ حمد الدواسر أن الجريدة استمرت لمدة ثمانية أعوام، وكانت أسبوعية أدبية وتجارية، وكانت من بين أهم منابر الدعوة القومية. حملت راية الدعوة لتحقيق الوحدة العربية. نشرت العديد من الكتب، لكنها لم تحظ بنصيبها من الطباعة، بما في ذلك العقد المتلألئ في حساب اللألي وتحفة الألباء في تاريخ الإحساء وكتاب في القول السديد في أخبار إمارة آل رشيد و”ناظم باشا”، وهي رواية تاريخية لها أصول اجتماعية وأبحاثها تتعلق بسوق الشيوخ وبلد البوعينين وعرائق وجزيرة العرب وقايا بني تغلب وتيماء ونجد. تتناول دراسات أيضا في أصول بعض الأعراب والخميسية، أو لؤلؤة البرية. وهي من المدن الموجودة في محافظة المثنى في العراق.
توفي في بغداد في 12 محرم عام 1367 هجرية، حيث ترك إرثًا كبيرًا من الكتب والعمل الصحفي والأدب ..