منوعات

تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاره

استحضار الماضي

يعتبر استحضار الماضي من الأمراض النفسية التي تسبب الوسواس القهري للأشخاص؛ وذلك بسبب التفكير الزائد في الأحداث السلبية التي حدثت في الماضي والتي لا تستفيد منها سوى بزيادة الحزن واليأس والتشاؤم. ولكن إذا كان الشخص يفكر في الأمور الإيجابية والجيدة التي حدثت له في الماضي، فإن ذلك يزيد من إيجابيته ويشجعه على العمل من أجل مستقبل أفضل. وتشير الدراسات العلمية إلى أن العديد من الأشخاص الذين يتذكرون الماضي باستمرار يميلون إلى التفكير في الأحداث السلبية، مما يؤثر سلبا على صحتهم النفسية والجسدية. وسنتعرض في هذا المقال إلى أسباب استحضار الماضي وكيفية التعامل معها

أسباب تذكر الماضي

يتميز عقل الإنسان بقدرته الهائلة واسعة وتخزين كمية كبيرة من المعلومات. تنقسم ذاكرة الإنسان إلى ذاكرة طويلة المدى وذاكرة قصيرة المدى، وغالبا ما ينسى العقل أمورا موجودة في الذاكرة القصيرة المدى، مثل الأسماء وأرقام الهواتف وغيرها. يتجاوز العقل تجارب الحياة اليومية؛ إذ تعتبر عابرة بالنسبة له، وتختلف يوما بعد يوم. ومع ذلك، يقوم بتسجيل وتخزين التجارب القاسية التي يشعر بها الإنسان بالحزن أو الصدمة، ويشار إلى ذلك علميا بمصطلح “انفصال عن الواقع.” وقد يسبب احتفاظ العقل بهذه التجربة مجموعة من الاضطرابات المعروفة بـ “اضطرابات ما بعد الصدمة.

بالنظر إلى ذلك، ندرك أن تذكر الماضي يمكن أن يسبب نوبات قلق واكتئاب للعديد من الأشخاص، لذلك يجب على الأشخاص القريبين منهم أن يدعموهم بشكل مباشر أو غير مباشر للمساعدة في التغلب على هذه الحالة. يجب أن نزيد من شعورهم بالأمان الداخلي، حيث أن تذكر صدمة أو موقف في بيئة آمنة لن يكون له تأثير سلبي مقارنة بتذكرهم لهذه الأحداث وهم في حالة اضطراب. وفي النهاية، نؤكد أنه لا يمكننا أن نحذف الذكريات أو المواقف المؤلمة التي تعرضنا لها، فالعقل والقلب سيذكرانا بها وسيسببان لنا الألم مرة أخرى. يجب علينا فقط أن نتعلم كيفية التعامل معها بحيث لا يسيطر القلق والارتباك علينا بشكل دائم.

تذكر الماضي فجأة

تعد الأيام مرآة للناس حيث تعكس ماضيهم بشكل كبير. وبسبب الماضي والذكريات المتراكمة فيه، تتأثر بأدنى المواقف التي تمر بها، مما يزيد من قلقك وتوترك. يرجع ذلك إلى طريقة تعاملك مع تلك المواقف، حيث تميل في كثير من الأحيان إلى القلق والتوتر. لذا، يجب أن تترك الماضي جانبا وتتعامل مع اليوم الحالي بالطريقة المناسبة. لا تقلق إلا إذا كان هناك سبب يدعو للقلق في هذا اليوم. لا تزعج نفسك بما حدث في الماضي أو ما سيحدث في المستقبل، فالماضي لا يمكن تغييره والمستقبل بيد الله.

فيجب عليك أن تتحكم بعواطفك والأفكار التي تدور في عقلك، كما يجب عليك أن تعترف لذاتك أنه يمكنك التحكم في كافة المواقف والأشخاص من حولك وأن القليل منها هو الخارج عن سيطرتنا، لأن هذه الطريقة تجعلك واعيا ومدرك لكل ما تقوم به وتبدأ بعد ذلك في إدارة عواطفك والتحكم بها بدلا من أن تتحكم بك وتسيطر عليك وعلى حياتك، وإذا تعذر عليك إدارة عواطفك وترغب في تغير هذه العواطف حتى تتمكن من التفكير والتعامل بوضوح مع أي أمر أو شخص يذكر تجربة مشابهه لتجربة ما في مضيك فعليك أتباع الأمور الآتية ووضعها في الاعتبار الأول:

  • التأكد من نية الشخص الأخر

إذا ذكر لك صديق موقفا عاطفيا يشبه تجربتك، يجب عليك أن تثق به ولا تعتقد أنه يريد إزعاجك أو جرح قلبك بالحزن، خاصة إذا كان من الأشخاص المقربين منك. لذلك، إذا واجهت هذا الموقف، يجب أن تكون هادئا وصبورا، وإذا كنت ترغب في تجنب هذا الموقف، عليك أن تحترم خصوصية الآخرين وتترك لهم المساحة الشخصية الخاصة بهم.

  • التعامل مع الألآم الخاصة

عليك أن تتعامل بتفهم مع آلامك والأمور المزعجة، يجب أن تفهم مشاعرك وما تشعر به وتدرك سبب ألمك، بمعنى آخر، عليك أن تواجه مخاوفك ولا تهرب من المشاعر الضارة، حاول التعامل معها وتعلم كيفية إدارتها. يلعب العلاج النفسي دورا فعالا في هذه الأمور، ويساعدك على زيادة الثقة بالنفس وتجنب كل هذه الألام.

  • القوة والثقة بالنفس

إذا واجهت موقفًا صعبًا في حياتك ولم تتمكن من تجاوزه، فعليك أن تثق بنفسك وبالحياة وبمن حولك، حتى تتمكن من تحسين حياتك وتغييرها للأفضل والتعامل بقوة مع الآخرين دون خوف من الإصابة بجروح في القلب.

إلى متى نتذكر الماضي

تتوقف قدرتك على استحضار الماضي على مدي قدرتك على السيطرة على الإدارية في ذاكرتك اللاإرادية، وذلك لأن الذاكرة اللاإرادية لا يمكننا التحكم بها أو التحكم فيما، وبحسب الدراسات العلمية أن الذاكرة اللاإرادية تحمل الذكريات العاطفية لذلك معظم الأشخاص يعانون من التفكير في الأزمات العاطفية الذي مروا بها في حياتهم دون رغبة منهم وذلك لأنه من الصعب التحكم في الذاكرة اللاإرادية.
وأوضحت الدراسات الحديثة أن الذاكرة لا تختلف في استرجاع الماضي والأحداث القديمة بين الذاكرة الإرادية والذاكرة اللاإرادية. ومع ذلك، هناك تجارب أكدت أن الذاكرة اللاإرادية تسجل استرجاعا أفضل وزيادة في مدة الاستبقاء بالمقارنة مع الذاكرة الإرادية، حيث تسجل الذاكرة الإرادية معدل نسيان أسرع. وبالتالي، نجد أن استعادة الذكريات في الذاكرة الإرادية أقل فعالية مع مرور الوقت مقارنة بالذاكرة اللاإرادية، وذلك لأن الذكريات تتفاعل مع الإشارات والمواقف المحيطة بها.
وإذا تحدثنا أكثر عن الإشارات فإننا نجد أن الإشارات المميزة تساهم بشكل كبير في استرجاع الذكريات فعلى سبيل المثال الرائحة تساعد في استعادة ذكريات من الذاكرة اللاإرادية، فكلما ابتعدنا عن ذكرى ما ورغبنا في عدم التفكير بها ربما تقابلنا إشارة أو علامة تذكرنا بها، أما إذا كانت لديك رغبة في استرجاع الذكريات الموجودة في الذاكرة اللاإرادية دائما فعليك أن تنشأ صندوق يحتوى على إشارات عديدة تمكنك من الوصول للذكريات الغير إرادية.
تذكر الماضي واستعادته أمر محير لدى الكثيرين ، فلدينا جميعا ذكريات إيجابية مبهجة عندما نتذكرها نشعر بالسعادة ونمتلك أملا في المستقبل، ولدينا أيضا جانب مظلم في الماضي لا نرغب في تذكره ونتمنى لو أن الزمن يمكن أن يعود مرة أخرى لنمحوه، لذلك لا يمكننا أن نعتبر تذكر الماضي نعمة أو نقمة، بل هو جزء من حياتك ورحلتك في الحياة يجب أن تتعايش معه وتحاول التخلص من الجانب السلبي منه بمساعدة طبية، حتى تستطيع استكمال حياتك براحة نفسية وبدون ألم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى