تاريخ سور الفحيحيل في الكويت
سور الفحيحيل يعد من أبرز المواقع في الكويت، إذ له تاريخ عريق وعظيم. تقع المدينة الشهيرة الفحيحيل داخل السور الذي تم بناؤه لحماية أراضيها من الهجمات العدوانية للأخوان، الذين كانوا يسعون إلى غزو دولة الكويت واحتلالها. كانوا يشكلون تهديدا مستمرا حتى العام 1931، حيث تم استسلام القادة الثلاثة المعروفين باسم الشيخ فيصل الدويش، الذي كان يحكم منطقة مطير، والشيخ نايف الحثلين، الذي كان يحكم منطقة العجمان، والشيخ صاهود بن لامي، الذي كان يحكم منطقة جبلان في مطير. بعد سقوطهم، تفككت باقي القيادات والجنود. تسببت هذه الحملة والغزوات التي شنت على الكويت في عدة حروب تاريخية مهمة، من بينها معركة حمض التي جرت في عام 1920، بالإضافة إلى المعارك التي وقعت في المملكة العربية السعودية، مثل معركة السبلة في عام 1929، حيث تعرضوا لهزيمة ساحقة أمام الملك عبد العزيز آل السعود. كما قاموا بتهديد العديد من الدول العربية الأخرى، بما في ذلك العراق والأردن
الشيخ مبارك جاسم الدبوس
في عام 1901 م، قام الشيخ مبارك جاسم من آل الدبوس بالهجرة من المدينة إلى قرية الفحيحيل مع أسرته بعد أن تولى منصب أمير منطقة الفحيحيل. يجدر بالذكر أن عائلة آل دبوس تعد واحدة من أبرز العائلات الكبيرة التي عاشت في تلك المنطقة. تمت تسمية براحة شهيرة في منطقة فريج الزهاميل باسم آل دبوس، وكانت تقع بين منزل آل دبوس ومنزل آل رضوان في الجهة الغربية من فريج الجناعات، والتي تقع في الجهة الشرقية من مدينة الكويت. لا تزال هذه البراحة موجودة بالاسم براحة الدبوس. كما هو معروف، أول شخص استقر في مدينة الفحيحيل هو زيع محمد المغيري الخالدي، وكان يعرف بلقب بزيع العمى. كان يمتلك مزرعة قد وهبها له الشيخ جراح، شقيق محمد الصباح، حيث كان يزرع فيها النخيل. بعد ذلك، استقرت عائلة العجيل في هذه المنطقة، بالإضافة إلى وصول العديد من العائلات الأخرى واستقامت فيها .
فكرة البناء
جاءت فكرة بناء سور الفحيحيل بعد انتهاء معركة الجهراء، حيث أصبح الحديث عن الغزو الوهابي بقيادة زعيم الأخوان لم يعد له صدى بين الناس، ولكن كان حاكم الكويت الشيخ سالم المبارك قلقا بعض الشيء على مدينة الكويت، حيث طلب من الشيخ جاسم الدبوس حماية الحدود الجنوبية، ونظرا لأن قرية الفحيحيل هي القرية الكبرى الأخيرة جنوبا وتعتبر من أهم المناطق من حيث النشاط، طلب منه أن يقطن هو وعائلته في منطقة فريج الزهاميل، والتي تقع في الجانب الشرقي من قرية الفحيحيل، وبالتالي قام الشيخ جاسم ببناء سور حول قرية الفحيحيل، الذي يشبه سور الكويت الثالث الذي تم بناؤه عام 1920 ميلادي بعد معركة حم .
تاريخ بناء السور
قام الشيخ جاسم بإرسال نجله على فرسه المعضادية حتى وصل إلى الشيخ أحمد جابر في المساء. وكان أحمد جابر ولي العهد حينئذ، وقابله في الصباح التالي ليطلب منه المستلزمات والمصاريف الخاصة ببناء سور الفحيحيل. وأذن له بأن الشيخ سالم سيرسل بابين وجندل وباسجيل، بالإضافة إلى كل البواري والخشب اللازم. ولكن لم يتم دفع الفلوس لعدم توافر سيولة؛ بسبب الوضع الاقتصادي الصعب للكويت، حيث خرجت من عدة معارك استنزفت الكثير من المبالغ الطائلة للدفاع عنها. وعندما عاد سلطان إلى والده جاسم، وأبلغه الرسالة، وصلت بعدة أيام السفن التي تحمل مستلزمات البناء. وأعلن الشيخ جاسم أنه سيتبرع بجزء من أمواله في سبيل بناء هذا السور، وانضم إليه بعض العائلات الأخرى. وأعلن أنه لكل عائلة لم تساهم في بناء السور، لا يمكنها العيش بداخل المدينة إلا في حالة وجود معركة، فإنهم مرحبون بالاحتماء بها. ومن أهم العائلات التي شاركت في بناء السور: عائلة الهاجري وعائلة السنان وعائلة القحطاني وعائلة العجمي وعائلة الوقيان والعنزي والعدواني والعراضة والمساعيد، بالإضافة إلى عائلة الدبوس والكثير من العائلات الأخرى. وقد بدأ بناء السور في شهر رمضان، وانتهى من بناءه بعد شهر في مايو عام 1921 ميلادي .
شكل السور
وتتميز القرية بسور يلتف حولها، يبلغ طوله حوالي 500 متر تقريبا، وتم بناؤه من الطين وجزوع النهل وصخر البحر، ويصل ارتفاعه إلى حوالي أربعة أمتار تقريبا. وسمك السور يتراوح بين ذراع ونصف الذراع، وله مدخلان فقط، أحدهما من الجهة الشرقية ويقع على ساحل البحر حيث كان يستخدم لصيد الأسماك واللؤلؤ، أما المدخل الآخر الواقع في الجهة الغربية في البادية، وكان يستخدم للهروب إلى مدينة الكويت. وتم بناء أربعة حصون للدفاع عن السور، وتحتوي على مزاغيل يستطيع الجنود من خلالها المراقبة وإطلاق النيران. ويتم توزيعهم على جميع أجزاء السور لضمان المراقبة الجيدة .
هدم السور
و قد بدأ تدمير هذا السور سور الفحيحيل على مراحل بداية من منتصف الخمسينات حيث لم يهتم الكثير بهذا السور بسبب زوال الخطر الذي كان يهدد الكويت في العقد الثلاثيني من القرن المنصرم و قد تم هدم جزء منه بسبب التوسع العمراني الذي شاهدته مدينة الفحيحيل حيث أنه يوجد بها العديد من مراكز النفط .