بحث عن عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، أحد أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم– وثاني الخلفاء الراشدين بعد أبي بكر الصديق -رضى الله عنه- وواحد من العشرة المبشرين بالجنة، وقائد إسلامي شهد له التاريخ بالعديد من المواقف التي أظهر فيها عدله وشجاعته، ولقب بالفاروق لأنه يفصل بين الحق والباطل، وسمى نفسه أمير المؤمنين امتثالا لرغبة المسلمين الذين كانوا ينادونه بخليفة رسول الله.
مولده
ولد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- بعد مولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنحو 13 سنة، وتحديدًا سنة 590م، في مكة المكرمة، وهو ينتسب إلى قبيلة قريش، وكان من أشرافها حيث امتاز عن أقرانه بتعلم القراءة، كما تعلم ركوب الخيل والمصارعة، وكانت قريش تعتبره سفيرًا لها عند العرب، وكان قبل الإسلام مولعًا بالخمر والنساء، وهو ما جعله معاديًا للإسلام والمسلمين في بداية الدعوة بصورة قاسية، حتى أنه كان يعذِّب جاريته التي أسلمت من أول النهار إلى آخره دون كلل أو تعب.
دخوله الإسلام
في شهر ذي الحجة من السنة الخامسة من البعثة، أسلم عمر بن الخطاب، ولإسلامه قصة شهيرة؛ حيث كان يتحدث لنفسه عن حال قريش بعد ظهور دعوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكيف انقسمت مكة المكرمة إلى قسمين، قسم يؤمن بالدين الجديد وقسم يحاربه، وكيف سيخسر هو مكانته كسفير لقريش إذا ما انتهى الأمر لصالح أصحاب محمد. ظل في حيرة من أمره لبعض الوقت قبل أن يتخذ قرارا بقتل الرسول -صلوات الله وسلامه عليه. حمل سيفه وخرج قاصدا منزل الرسول، حتى لقيه نعيم بن عبد الله العدوي القرشي، الذي كان ممن أخفوا إسلامهم، فسأله عن وجهته. أجابه عمر: “أريد محمدا هذا الصابي الذي فرق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها فأقتله.” ثم علم بأن ابن عمه سعيد بن زيد بن عمرو وأخته فاطمة بنت الخطاب قد أسلموا.
ذهب عمر بن الخطاب إلى منزل أخته ليجد الصحابي خباب بن الأرت عندها يعلمها وزوجها القرآن الكريم، فضربها بضربة قوية على وجهها، شق وجهها، وسقطت من يدها صحيفة أراد أن يقرأ محتواها لكنها منعته وأمرته بالتوضؤ أولا، ففعل، حتى قرأ قوله تعالى: “طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلا تذكرة لمن يخشى (3) تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى (4) الرحمن على العرش استوى (5) له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى (6)”، ثم سألها.
الإسلام بعد عمر
لا شك أن إسلام عمر بن الخطاب قد منح الدعوة إلى الإسلام قوة كبيرة كانت تفتقدها خلال السنوات الأولى من الدعوة، وورد في سنن الترمذي أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يقول: “اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب، قال: وكان أحبهما إليه عمر.
قبل دخول عمر بن الخطاب للإسلام، كان المسلمون يخفون إيمانهم بسبب ضعفهم، أما بن الخطاب فكان يظهر إسلامه بوضوح، وبالفعل خرج المسلمون لأداء طواف حول الكعبة المشرفة للمرة الأولى بعد إسلام عمر.
الهجرة
عندما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين سنة 622م بالهجرة إلى المدينة، هاجر المسلمون سرًا إلا عمر بن الخطاب الذي أصر على إعلان هجرته والجهر بها في دليل دامغ على شجاعته، وتقول روايات أهل السنة والجماعة أنه حمل سيفه وطاف بالكعبة 7 مرات، ثم صلى وصاح في قريش: “شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده أو يُرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي”، فلم يتبعه أحد منهم، حتى وصل إلى المدينة المنورة ومع 20 شخصًا.
وفاة النبي
لم يكن عمر بن الخطاب يصدق أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد توفي، وظل يقسم مرارا وتكرارا، `والله ما توفي رسول الله` قبل أن يخرج أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ليعلن وفاة النبي للمسلمين ويكرر قول الله تعالى: `وما محمد إلا رسول قد سبقت من قبله الرسل، فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين`، حتى صدق عمر وسقط على ركبتيه يبكي.
من سيرة عمر
هناك الكثير مما روي من سيرة سيدنا عمر بن الخطاب، سواء قبل توليه الخلافة في سنة 13هـ، بعد وفاة أبي بكر الصديق، أو بعدها، ومن أشهر ما ورد في سيرته أنه مرض يومًا فوصف له العسل كدواء، وكان في بيت المال عسلًا، فرفض عمر بن الخطاب أن يتداوى به قبل استئذان الناس، فجمعهم وصعد على المنبر وقال: “لن أستخدمه إلا إذا أذنتم لي، وإلا فهو علي حرام”، فبكوا إشفاقًا عليه وأذنوا له، ومضى أحدهم يقول: “لله درك يا عمر أتعبت الخلفاء من بعدك”.
وفاته
توفي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة 24 هـ، خلال أدائه لصلاة الفجر، على يد أبي لؤلؤة المجوسي. وكانت حياته حافلة بالبذل لخدمة الإسلام والمسلمين.