بحث عن دولة البطالمة
البطالمة، المعروفة أيضا باسم البطالسة، وصل الإسكندر الأكبر إلى مصر في نوفمبر من عام 332 قبل الميلاد، مع جيشه الذي خرج به من مقدونيا لمحاربة الفرس والقضاء عليهم. فرح المصريون بوصول الإسكندر الأكبر واستقبلوه كأبطال ليتخلصوا من الفرس الذين فسدوا الحياة في مصر، واعتدوا على العقائد والتقاليد المصرية العريقة ودمروا المعابدها. الإسكندر الأكبر كان ابنا للحضارة الإغريقية واشتهر باحترام الأديان والتقاليد المصرية، وزار مدينتي هيلوبوليس وممفيس (منف سابقا)، عاصمة مصر، وقدم القرابين للآلهة، وعلى رأسهم في معبد بتاح للإله الملكي أبيس. قضى الإسكندر الأكبر فصل الشتاء في مصر لترتيب أموره وتعيين حكام مصريين على الأقاليم، وأمر ببناء مدينة تعرف بالاسم `الإسكندرية`، وتقع بين البحر المتوسط وبحيرة مريوط. بعد أن اطمأن على مصر، ترك قائده بتاحلموس حاكما على مصر وسافر إلى الشرق لمحاربة الفرس. في 13 يونيو من عام 323 قبل الميلاد، استمر الإسكندر في فتح نهر السند في العراق، وتوجه إلى مدينة بابل في العراق، وتوفي ودفن هناك في مدينة الإسكندرية، عندما كان في الثالثة والثلاثين من عمره .
يبدو أن بطليموس الثاني كان واحدا من آخر الفراعنة الكبار في مصر، حيث فشل العديد من الفراعنة الذين تلاه في تعزيز مصر داخليا وخارجيا، وسادت الغيرة والقتال المشترك بينهم. وعند وفاة والده في عام 246 قبل الميلاد، تولى بطليموس الثالث العرش وأطلق عليه لقب “المتبرع”، وتزوج من برنيس الثاني من مدن القيرواني اليونانية. وبسبب الموت المفاجئ للأميرة، أصدر مرسوم في كانوب لعام 238 قبل الميلاد لتكريمها، وتم إضافتها في مرسوم التقويم الجديد الذي شمل 365 يوما مع يوم إضافي واحد كل أربع سنوات، ولم يتم اعتماده. وفي عام 246 قبل الميلاد، غزا بطليموس الثالث سوريا لدعم زوج شقيقته أنطيوخس الثاني في الحرب السورية الثالثة ضد سلوقس الثاني، ولكنه حصل فقط على بعض المدن في سوريا وآسيا الصغرى. وتولى العرش المصري في عام 221 قبل الميلاد، وكان خليفته ابنه بطليموس الرابع “الأب المحب”، الذي تزوج شقيقته أرسينوي الثالث في عام 217 قبل الميلاد. وحقق بطليموس الرابع درجة صغيرة من النجاح في الحرب السورية الرابعة خلال الفترة من “219-217 قبل الميلاد” ضد أنطيوخس الثالث، ولكنها كانت غير فعالة إلى حد كبير. وكان له إنجاز آخر وهو إنشاء مبنى سما وقبر لتكريم كل من الكسندر وبطليموس، وللأسف، قتل هو وزوجته في انقلاب القصر في عام 205 قبل الميلاد .
الحرب الأهلية دمرت مصر خلال الفترة من 132-124 قبل الميلاد، ودمرت العاصمة الإسكندرية، ولم يعرف الكثير عن حكم بطليموس السابع، بينما كان بطليموس الثامن، الشقيق الأصغر لبطليموس السادس، هو الذي صعد على العرش في عام 145 قبل الميلاد، وتزوج من أرملة أخيه كليوباترا الثانية ليحل محلها مع ابنتها وابنة أخيه كليوباترا الثالثة. وكان هناك بغض شديد بين بطليموس الثامن وسكان المدينة بسبب الاضطهاد الشديد والطرد لهم. وقد تم التوصل إلى العفو في عام 118 قبل الميلاد، ونجح بطليموس الثامن وابنه الأكبر في الحكم في عام 116 قبل الميلاد. أما بطليموس التاسع، فهو سوتر الثاني “المخلص” الذي حكم خلال الفترة من “142-80 قبل الميلاد”، وكان يعرف أيضا باسم الجلبان “الحمص”، وقد تزوج من اثنتين من شقيقاته كليوباترا الرابعة، والدة برنيس الرابع، وكليوباترا الخامسة سيرين التي أنجبت له إبان. ولكنه استبعد من العرش بالاشتراك مع والدته كليوباترا الثالث حتى عام 107 قبل الميلاد، وهرب إلى قبرص بعد الإطاحة به من قبل أخيه. ولكنه استعاد العرش في عام 88 قبل الميلاد وحكم حتى وفاته في 80 قبل الميلاد .
الإنجازات – أسس الإسكندر الأكبر مدينة الإسكندرية وبدأ في تجميع الكتب لإقامة مكتبة، واستمر هذا المشروع بواسطة البطالمة، وأدت هذه الجهود إلى تحول الإسكندرية إلى مركز ثقافي رائد، وأصبحت مكتبة الإسكندرية الأكثر شهرة وأهمية في البحر المتوسط القديم، وقام البطالمة بتكييفها مع عادات وتقاليد المصريين وادعوا لأنفسهم لقب الفراعنة، واعترف بهم السكان بمثابة خلفاء شرعيين للأسرة الـ31. وشاركوا في الممارسات الدينية المصرية ورسموا الصور على المعالم الأثرية وعلى الثياب المصرية، وشيدوا المعابد التي عادة ما كانت تكرس أثناء زياراتهم لمحافظات بلادهم. وتشمل هذه المعابد تلك الموجودة في إدفو ودير البحر ومعبد واحد في الأقصر، وازدهر العلم والتجانس الذي أنشئ بين الثقافة اليونانية والمصرية .
وبالمثل، استمرت البطالمة في مشروع الانصهار الثقافي للكسندر، مثلما فعل الفراعنة الذين ادعوا أنهم أبناء إله الشمس رع، ولم يسموا أنفسهم فقط فراعنة، بل استخدموا جميع عناوين حكام مصر السابقين. وكانت الإسكندرية أيضا مركزا اقتصاديا مهما في مصر، وتمتعت بسلالة بطلمية انتشرت في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية وعبدت إيزيس فيها .
وخلال العصر البطلمي ، في السبعينية ، تمت الترجمة اليونانية للكتاب المقدس العبري ، الذي أنتج في الإسكندرية ، والذي كان أيضا مركزا مهما للحياة اليهودية . وقد خضعت هذه الترجمة بناء على طلب من فرعون البطلمي ، وفي المقابل ، فإنه حفز “علي الانضباط من التأويل ، والذي يمثل عمقا للتنمية في كل من اليهودية والمسيحية” ليصل إلي نهاية العصر البطلمي ، بتعيين الفيلسوف اليهودي فيلو ” 20 قبل الميلاد – 50 قبل الميلاد ” لدمج الفكر اليهودي باليونانية .
يقول هولبل في كتبه إن العصر البطلمي قدم لنا إرثا ثقافيا كبيرا من خلال المعابد الرائعة وعلماء السكندرية، وهذه القيمة الرئيسية للإرث البطلمي يتمثل في اندماج الثقافة اليونانية بالمصرية، والتي أدت إلى حضارة ثنائية فعالة. وانخفضت هذه الحضارة بسبب الرومان الذين كانوا قوة عسكرية متفوقة وحكموا مصر البطلمية لمدة تقرب من ثلاثة قرون، وكانت مصر البطلمية حيوية ومنتجة وخلاقة في الفترة السلمية التي تعد المحور الرئيسي للتعلم والتجارة في العالم القديم .