صحة

انواع مقاومة مضادات الميكروبات

خلال القرن العشرين، حدثت ثورة في اكتشاف وتطوير تصنيفات مختلفة من مضادات الميكروبات، وأثر ذلك بشكل كبير في علاج الأمراض المعدية. خاصة، نظرا لقدرة هذه المضادات على مكافحة الأمراض والعدوى التي تسببها البكتيريا والميكروبات، فإن حالات الوفاة المبكرة الناجمة عن العدوى أصبحت شيئا من الماضي. ومع ذلك، دخول المضادات الحيوية إلى الممارسة العملية أدى إلى ظهور جراثيم مقاومة لتأثير المضادات الحيوية، مما يجعل هذه الأدوية غير فعالة في علاج ومكافحة الأمراض.

خلال العقود القليلة الماضية، تم تطوير العديد من فئات الأدوية المضادة للجراثيم التي ساهمت بشكل كبير في علاج الأمراض والعدوى. ومع ذلك، للأسف، ظهرت سريعا مقاومة بكتيرية تجاه المضادات الحيوية بمختلف أنواعها، وذلك بسبب الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية وانتقال البكتيريا من شخص لآخر. هذه المقاومة تشكلت مشكلة تفاقمت حدتها مع مرور الوقت.

مقاومة المضادات الحيوية تعتبر واحدة من المشاكل الشائعة على نطاق واسع بين الكائنات الدقيقة، بما في ذلك البكتيريا والفيروسات والفطريات. وقد أدى انتشار هذه الظاهرة بشكل واسع، خاصة ضد الأدوية المضادة للملاريا من الجيل الأول في العديد من الدول التي تعاني من وباء الملاريا، بالإضافة إلى المقاومة المتزايدة ضد العديد من الأدوية المضادة لفيروس نقص المناعة المكتسبة، مما أثار قلقا متزايدا حول فعالية علاج مرضى الإيدز.

هذا بالضبط ما يشهده علاج داء السل من ظهور سلالات من البكتيريا المقاومة للعديد من الأدوية المستخدمة في علاج هذا المرض، مما أدى إلى زيادة معدل الوفيات. نظرا لانتشار ظاهرة مقاومة الميكروبات وانخفاض عدد الأدوية الفعالة المتاحة لدينا، أصبحت هذه المشكلة من أكبر المخاوف التي تواجه صحة المجتمع. تزداد هذه المشكلة سوءا في الدول الفقيرة وبين الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي مثل مرضى الإيدز .

◄ أسباب مقاومة مضادات الميكروبات : تعتبر أسباب هذه الظاهرة معقدة إلى حد ما، فمن جهة، فإن مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية متأصلة في الطبيعة، حيث تنتج معظم المضادات الحيوية بشكل طبيعي من بعض أنواع الفطريات والبكتيريا، والتي عادة ما تحمل جينات مقاومة للمضادات الحيوية التي تنتجها، مما يجعلها غير مؤثرة عليها. ومن جهة أخرى، فإن الكائنات الدقيقة لديها القدرة على التطور بشكل كبير من خلال التنوع الوراثي والآليات اللاجنينية، وذلك استجابة للضغوط الانتقائية المحيطة بها. وقد تسبب استخدام المضادات الحيوية بشكل كثيف في الطب والزراعة في ضغوط انتقائية كبيرة، مما أدى إلى تطور سلالات من الميكروبات المقاومة لهذه الأدوية.

◄ أنواع مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية : تنقسم المقاومة التي تطورها البكتيريا ضد المضادات الحيوية إلى نوعين رئيسيين

•مقاومة داخلية المنشأ Intrinsic Resistance : وتتمثل المقاومة البيولوجية في القدرة الطبيعية للبكتيريا على مقاومة العلاج الحيوي، وينتج ذلك عن تركيبها الحيوي، ومن أمثلة ذلك مقاومة بكتيريا الإشريكية القولونية (E. Coli) للمضاد الحيوي فانكومايسين

•مقاومة مكتسبة Acquired : تعني قدرة البكتيريا الحساسة للمضادات الحيوية على التطور لتصبح مقاومة لها عن طريق حدوث طفرة أو اكتساب DNA جديد.

يتطلب الحد من تطور مقاومة الأدوية المضادة للميكروبات استخدام استراتيجيات شاملة ومتعددة الأوجه، ولا بد من تطوير طرق ومنهجيات
متعددة للحد من انتشار هذه الظاهرة واحتوائها وذلك من خلال:

• ترشيد استهلاك الأدوية المضادة للميكروبات الموجودة حالياً واستخدامها بحكمة ومنهجية وعن طريق : تشكل المستويات الوبائية للعديد من أنواع الأمراض والعدوى المقاومة للأدوية في شتى أنحاء العالم جرس إنذار للتنبيه والتحذير نحو أهمية حشد جميع الموارد لإجراء الأبحاث والتجارب لاحتواء والوقاية من هذه الظاهرة الخطرة.

وهناك العديد من التوجهات الإستراتيجية نحو تركيز الأبحاث والدارسات على التطبيقات الحديثة والتي قد تشكل بارقة أمل للتغلب على هذه الظاهرة والتي تركز بدورها على المستوى الجزيئي والهيكلي والخصائص الكيميائية والجينية التي قد تزيد من حساسية الميكروبات والجراثيم للأدوية المضادة. كما وهناك اهتمام متزايد نحو إنتاج أجيال جديدة من المضادات الحيوية التي تعمل بطرق بديلة للتغلب على البكتيريا والتي ستكون بمنأى عن العديد من آليات مقاومة البكتيريا.

على الرغم من اتجاه العالم نحو تطوير أدوية وعلاجات جديدة للقضاء على الميكروبات والجراثيم المقاومة، يجب ألا نغفل أهمية تنظيم استخدام المضادات الحيوية المتوفرة فعليا في الممارسة الطبية. فرصد أنماط وصف وصرف هذه الأدوية واستخدامها يمكن أن يلعب دورا كبيرا في مكافحة ظاهرة مقاومة المضادات الحيوية، خاصة مع استخدام التكنولوجيا

ينبغي الحد من استخدام هذه الأدوية في الأنشطة الزراعية واستخدامها فقط عند الضرورة الفعلية في الاستخدامات الطبية وفي الحالات التي يتم تحديد فعاليتها.
ينبغي تحديد مسببات المرض، وهي عادة الجراثيم التي تسبب المرض، ونوع الأدوية المضادة لها بفعالية قبل بدء أي علاج بالمضادات الحيوية.
•استخدام العلاجات المركبة الأمر الذي يبطئ من تطور مقاومة الميكروبات والجراثيم للأدوية وخاصة في علاج الملاريا والايدز.
•تطوير فئات جديدة من أدوية مضادة للميكروبات إلا أن هذا يضعنا أمام تساؤل مهم ألا وهو ما هو الحد الفاصل لعدد الأدوية أو المجموعات الدوائية الجديدة، والتي يجب بدورها أن تكون فعالة وآمنة بذات الوقت للمريض التي من الممكن تحديد نوع البكتيريا المسببة للمرض وتحديد حساسيتها والأدوية الفاعلة في علاجها وما توفره هذه التقنيات من معلومات لتحديد نوع المضاد الحيوي المستخدم تساعد وبشكل كبير في تفادي أي مقاومة محتملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى